كان الاستقبال المهيب لولي العهد السعودي محطَّ أنظار العالم، ومدار حديث العواصم، وفي مقدمتها العاصمة الأمريكية واشنطن، حيث تُصنع القرارات الكبرى وتُرسم معادلات النفوذ الدولي. هناك، حلّ الأمير محمد بن سلمان ضيفًا على الرئيس دونالد ترامب في زيارة حملت من الدلالات أكثر مما حملته من البروتوكولات، زيارة عكست لحظة التقاء بين رؤية سعودية صاعدة ومراكز قوة أمريكية راسخة.
لم تكن الزيارة محطة عابرة في روزنامة العلاقات الثنائية، بل مشهدًا يُجسّد صعود الدور السعودي ووضوح رؤيته. فقد وصل الأمير إلى واحدة من أقوى ساحات السياسة الدولية، حاملاً مشروعًا بحجم المرحلة، ومقاربة استراتيجية تُعبّر عن طموح لا يقل عن حجم التحولات الإقليمية والدولية.
وجاءت اجتماعاته في واشنطن مع صُنّاع القرار الأمريكيين لتُبرز ملامح شراكة جديدة بين الرياض وواشنطن؛ شراكة قائمة على المصالح المتبادلة واستشراف المستقبل، لا على المعادلات الأحادية ولا الأطر التقليدية القديمة. فالسعودية اليوم تملك رؤيتها، وأدواتها، ومسارها الذي رسمته وفق مصالحها الوطنية ودورها الإقليمي المتنامي، وهي تتجه بثقة نحو صياغة علاقة أكثر توازنًا وانسجامًا مع طموحاتها.
امتدت ملفات الزيارة من الطاقة إلى التكنولوجيا المتقدمة، ومن الابتكار والصناعة إلى الدفاع، في حوار يعكس انتقال العلاقة بين البلدين من «إدارة الأزمات» إلى «صناعة الفرص».
وفي ظل التحولات الدولية المتسارعة، أدرك الطرفان حاجة الشراكة إلى تحديث يستند إلى التنويع الاقتصادي، والتعاون التقني، وتعزيز استقرار الإقليم.
وهكذا بدا أن حضور الأمير في واشنطن كان رسالة واضحة مفادها أن السعودية تعرف موقعها، وتدرك دورها، وتتحرك بوصفها قوة إقليمية تصنع ملامح المرحلة المقبلة.
وكانت زيارة تاريخية، وتعاونٌا يتجدّد، ومستقبلا يُصنع - بفضل الله أولًا، ثم بعزم القيادة، الواثقة بأن من كان مع الله ينصره، ومن وقف مع المملكة فهو بإذن الله منصور.
** **
- اللواء م/ عبدالله بن كريم العطيات العطوي