Culture Magazine Monday  02/07/2007 G Issue 205
الملف
الأثنين 17 ,جمادى الثانية 1428   العدد  205
 

الخطراوي جامعة معرفية
محمد بن صنيتان

 

 

أحسنت صحيفة الجزيرة السعودية بتذكرها عالم الأدب والمعرفة والتربية والتعليم والفنون المتعددة سعادة الأستاذ الدكتور محمد العيد الخطراوي، وذلك في حياته، خلافا للعادة العربية حين لا يرسلون المدح جزافا إلا بعد وفاة (المرحوم).. وذلك من خلال استكتاب لفيف من المثقفين والمفكرين والأدباء والشعراء ورجال الصحافة حول هذه الظاهرة متعددة الجوانب العلمية والفنية؛ ما يجعل الحديث عنه بمجمله صعبا جدا؛ لكثرة تنوع عطائه واختلاف معارفه وغزارة علومه في كافة المجالات المعرفية؛ فهو من أحد الرواد في التربية والتعليم، قام بعبء التنوير منذ صغره من معلم إلى مدير ثانوية وأستاذ دكتور في الجامعة.. يحمل أكثر من بكالوريوس وأكثر من ماجستير وتوّج مساره الدراسي بالأستاذية.. كان من طلابه رجال الإفتاء والوزراء وكبار العسكريين ورجال الإدارة والقضاء والصحافة ومسؤولون كثر.. أعطى الأدب العربي حتى استحق الجوائز التقديرية الرفيعة، وشارك في تأسيس وبناء نادي المدينة المنورة الأدبي (نادي العقيق)، وكان فاعلا في مسيرة النادي إلى وقت قريب جدا.. ساهم في تأسيس الرياضة والفنون في المدينة المنورة.. نشط في التأليف منذ وقت مبكر إلى أكثر من أربعة وثلاثين مؤلفا، توزعت على كافة التخصصات الشرعية والأدبية والشعرية والدراسات الاجتماعية في عصري الجاهلية والإسلام وإثراء المكتبة في التأليف والتحقيق. الدكتور الخطراوي وفيّ للمدينة، سهولها وجبالها ورجالها.. فقد ألّف الكثير عن المتميزين من رجالها على مختلف العصور.. وكتب عن مكتباتها وتاريخها.. حينما كان معلما ومدير ثانوية وأستاذا جامعيا، عرف عنه الحزم والصراحة وسرعة البديهة والنكتة الجاهزة المرغوبة مع قدرته العلمية التي يستفيد منها حتى زملاؤه المعلمون. كانت له كرزماتية ومهابة من قبل الطلبة، ليست بدافع الخوف بل من قبيل الاحترام والإعجاب بقوة الشرح وغزارة المعرفة وسلاسة التعبير. كان يساهم في تقديم البرامج التليفزيونية والإذاعية ذات الخصوصية الأدبية والشعرية والفكرية في وقت كانت فيه وسائل الإعلام السعودي تنقصها الشخوص السعودية القادرة فنيا ومعرفا وعلميا.. كان له في كل فن مجال واسع وله بصمة واضحة، كان يسد أي فراغ له علاقة بالفن والأدب والمعرفة والشعر.. الخطراوي لم يكن مجهولا في أي مجلس يتواجد فيه حتى ولو برهة من الوقت؛ فشخصيته وحضوره وسرعة بديهته تلفت الانتباه إليه، من قِبَل الذين لا يعرفونه قبل الذين يعرفونه، فالذين يعرفون صيته وشهرته عن طريق السماع أكثر بكثير من الذين يعرفونه شخصيا. الأستاذ الخطراوي حينما يتحدث يصعب عليك تحديد هويته الثقافية والعلمية، ويصعب على الجميع تحديده أهو إسلاموي أو قومي أو عالمي؟.. فعندما يتحدث عن العلوم الإنسانية العالمية يجزم بأنه متخصص بها، ولا يغير ظنك إلا عندما يتحدث عن الإسلام وتاريخ الإسلام فيتزعزع عندك الانطباع الذي أخذته عندما كان يتحدث عن العلوم الإنسانية العالمية، لكن سرعان ما يتأكد لك هذا الانطباع عندما يعود القهقري إلى العلوم العالمية.. وعندما يتحدث لك عن العصر الجاهلي يتخيل إليك أنه ينام بين تراث الأولين قبل العصر الإسلامي، وسرعان ما يراودك الشك عندما تقرأ كتابه عن المدينة في العصر الإسلامي.. الأستاذ الخطراوي في عمره الزمني يعتبر نفسه في سن الشيخوخة ولكنه في عطائه وقدرته وحضور عقله وذاكرته واسترجاعه للأحداث ليتوقد حيوية وفاعلية وقد يكون عطاؤه في شيخوخته أكثر من عطائه في شبابه. شخصية الخطراوي جادة لا تقبل الابتسامة العريضة التي تظهر ما لا تبطن، مع حدة مشهورة ومذكورة في أكثر العلماء المتميزي، وهي حدة يعتبرها القلة من الرجال شجاعة في الصراحة وحب الوطن والإنسان.. فشخصية الخطراوي ترفض الإطراء بغرض الخداع أو الابتزاز.. فصراحته تضايق الكثيرين ويحمدها له القليلون من أصحاب الحكمة والتأني.. الذين يتأملون ما وراء الصراحة.. وما أقلهم في كل زمان.

المدينة المنورة


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة