Culture Magazine Monday  02/07/2007 G Issue 205
الملف
الأثنين 17 ,جمادى الثانية 1428   العدد  205
 
الخطراوي (أنا أكتب.. إذن أنا موجود)!
محمد عمر الكاف

 

 

ربما أكون أصغر من كتب عن الأستاذ الخطراوي سنا.. وأقلهم معرفة به..

فكل من جايله أو تلمذ عليه، وشهد زمان عطائه وتدريسه يكبرونني بعقد أو عقدين من العمر.. ولكن يبدو أنه أتيحت لي فرصة لم تتح لغيري ممن درسهم أو عايشوه أو جالسوه.. وهو أنني عملت معه مصححا ومراجعا ومنسقا لستة عشر مؤلفا من مؤلفاته الأخيرة.. بل ومساعدا في جمع مادة بعض هذه المؤلفات.. من خلال عملي في مكتبة النادي الأدبي.. حين كان نائبا لرئيسه..

ويكفيني شرفاً أن يعتمد عليَّ مثلُ (الخطراوي).. الدقيق جدا في كتاباته وحتى حديثه وحديث من يجالسه..!!

الأستاذ الخطراوي علم مشهور ومعروف.. لا يجدر بمثلي وأنا في سن أحفاده أن أعرِّفَه أو أتحدثَ عنه.. ولكن قد يكون لمثلي أن أسلط الضوء على جوانب ربما لم يذكرها الآخرون ممن كتبوا عنه..

.. بعد المرض الذي ألم به - شفاه الله وعافاه وأمد في عمره - ظن كثير من حساده وأعداءه أنه سيتوقف عن الكتابة.. خصوصا وهذا العارض يجعل الكتابة أمرا عسيرا..

ولكن أبى الأستاذ العظيم أن يتوقف عن الكتابة والبحث.. فأخذ يكتب ويكتب ويقرأ ويبحث.. في صمت.. لا كمن (تسمعُ لهم جعجعةً ولا ترى طِحْنا)..!!

لم يبال برعشة يديه.. وسوء خطه.. وصعوبة قراءته.. بل قاوم ذلك كله..

حتى يسر الله له مثلي من يقوم بقراءة خطه.. حتى يصدر 16 كتابا في 5 سنوات..!! من عام 1423هـ إلى عام 1427هـ..

وإذا سخر الإله أناسا

لسعيد فإنهم سعداء..!!

ففي هذه الفترة الزمنية البسيطة (خمس سنوات).. قام بما يلي:

جمع مقالاته وأبحاثه النقدية في ثلاثة كتب (نبآت ونبوات) و(في محاورة النص- تطبيقات وتأويلات) انتهاء ب(الأفاشير وأضغاث أخرى من القول).. تتسم بالجِدية والرصانة.. إلى جانب الطرافة والظَّرافة.. بأسلوب الخطراوي (المدرس) الذي يشد القارئ العادي.. بله المتخصص..!!

كما قام بجمع شتات من تراث أدباء المدينة وأعلامها.. فكتب (محمد عالم أفغاني - من رواد المقالة والقصة والترجمة) و(محمد سعيد دفتردار - مؤرخا وأديبا) و(عبدالرحمن عثمان - مبدع الشعر ومنجب الشعراء) وصولا إلى كتابه المرجع في بابه (أسرة الوادي المبارك في الميزان).. وقد عايشت معاناته في جمع مواد هذه المؤلفات وتتبع مصادرها.. ومكابدة استقاء المعلومات من أهلها.. والبحث والتنقيب عنها..

وفي خضم هذا المعترك أصدر ثلاثة دواوين شعرية (في دائرة الغبار) و(على أعتاب المحبوبة) و(الوجه الآخر للعملة).. وفي كلّ ملامحُ من التجديد في شعره، يعرفها من اطلع على دواوينه القديمة والحديثة..

وقام أيضا بإعداد مؤلفات عن موضوعات (أدبية / لغوية /منوعة)، كما هو دأب أستاذنا في طرح موضوعاته، منها:

كتابه (الصفع بالكلمات - صفعة على قفا مدخن) وهو عبارة عن جمع لأدبيات الدخان والشيشة والتنباك وما قاله فيها الشعراء قديما وحديثا مدحا وذما، مما لا تجده في كتاب، مع التحذير من أضرارها.. وأيضا مؤلفه (في الغناء بالفصحى - انتماء للهوية وانتصار للعربية) وهو في هذا الكتاب لا يدعو للغناء، بل يشيد بإسهام الغناء في نشر اللغة العربية بين الناس صغارا وكبارا، مؤكداً أننا حين نلجأ إلى العامية، إنما نلجأ إليها عن ضعف، متناولا تجربة المطربة الراحلة أم كلثوم وأثرها في ذلك، والمطربة فيروز، والمطرب كاظم الساهر، من خلال ما تغنوا به من قصائد فصيحة وما كتبه عنهم النقاد والأدباء.. ويشيد بجهودهم في تأصيل الولاء للفصحى..

وأيضا كتابه (الشيب في الشعر العربي القديم - دراسة وتقويم) وهو دراسة علمية أدبية لموضوع الشيب في الأدب العربي القديم والحديث، قام بتتبع موضوعات الشيب وتقسيمها وترتيبها وأغراض ذكر الشيب ودوافعه وموقف الشعراء منه.. وتعد من أجمع الدراسات الأدبية التي تناولت موضوع الشيب..

ولا أنسى كتابه الطريف جدا (قراءة في دفاتر بعض الحمير) والذي قسم فيه الحمير إلى ثلاثة أقسام: حُمُرٍ أهلية، ووحشية، وإنسية!! وجمع فيه مادة كبيرة عن الحمير في اللغة والأدب القديم والحديث.. العربي والعالمي..

.. إضافة إلى عمل جليل يشيد به الأستاذ كثيرا ويفتخر به، وأخذ من وقته وجهده الشيء الكثير، وهو كتابه (مدخل إلى علم ثلاثيات القرآن الكريم - توصيف وتأصيل) وهو دراسة علمية لمدلولات الرقم (3) في القرآن الكريم، وتكرار ألفاظ ومعاني القرآن بنسق ثلاثي، إضافة إلى محاولة لتفسير القرآن في ضوء هذه النظرية.. وقد تم له تفسير الجزء الأول من القرآن بطريقة علمية دقيقة منهجية.. استخدم فيها الأستاذ كل معارفه المتنوعة، وآثر أن يتوقف حتى يفسح المجال لمن يأتي بعده نظرا لضخامة هذا العمل - تفسير القرآن الكريم- ومحاولة الإتيان فيه بشيء جديد ومفيد.. والكتاب في 600 صفحة من القطع الكبير..

وأخيرا.. حبا من الأستاذ لمن كتبوا عنه.. وخدمة لمن يريد دراسته والكتابة عنه، جمع كل ما كتب عنه من مقالات ونصوص ودراسات في كتاب أسماه (هاأنذا.. بعض ما كتبه الأحباب عني) وهو كذلك كتاب كبير يقع في 700 صفحة من القطع الكبير.. بعد هذا كله.. مؤلف قدير كأستاذنا يصدر ثلاثة مؤلفات في العام.. مع مصارعته لأعباء الأمراض والأسقام والتزامات الأسرة والحياة.. جدير بأن نقف له احتراما وتقديرا..

والجدير بالذكر أنه لا زال - متعنا الله به- إلى لحظة كتابة هذا المقال.. يبحث ويكتب ويدون كل ما تقع عليه عيناه من شوارد وخواطر.. وإضاءات لغوية وأدبية ونقدية.. ولديه مشاريع كتب ودراسات تقاصرَ عنها من هم في سن أحفاده..

Moakaf2001@gmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة