Culture Magazine Monday  02/07/2007 G Issue 205
الملف
الأثنين 17 ,جمادى الثانية 1428   العدد  205
 

(العالم والشاعر والمحقق)
أ. د. عبدالرحمن الطيب الأنصاري

 

 

لا أدري لماذا كلما أقابل شخصا ولد سنة 1354هـ الموافق 1935م أجده ذا ميزة تميز بها، فمنهم العلماء ومنهم الأدباء ومنهم المؤرخون ومنهم العظماء والملوك.. لا أدري ما سر هذا الجيل، ليس ذلك فقط، ولكنه الجيل الذي عاصر أحداثا جساماً مرت على العالمين العربي والإسلامي.. فقد شهد هذا الجيل احتلال فلسطين وقيام الثورات في أكثر من بلد عربي والتحرر العربي من الاستعمار، وتكون دول عدم الانحياز والدعوة إلى القومية العربية وكذلك الدعوة إلى التضامن الإسلامي والنكسات المتوالية في الحروب مع المحتل الإسرائيلي لفلسطين. إنها أعاصير طوت المنطقة طيا، ويبدو هذا واضحا من خلال أعمال هذا الجيل الذي سجل هذه الأحداث شعراً ونثراً، بل وشارك بعضهم في صنعها، ومرت الأيام والأشهر والسنوات وهذا الجيل يكافح وخاصة هذا الجيل من السعوديين الذين عرف المملكة أيام الفاقة والحرمان، وعرفها ولله الحمد أيام الرخاء والأمن والأمان، وأيام الكتاتيب والأمية، وأيام المدارس والجامعات ومراكز الأبحاث. تلك نِعَم مَنّ الله بها على هذا المجتمع الذي كان عائلاً فأغنى.

ومن هذا الجيل زميلنا وحبيبنا الأستاذ محمد عيد الخطراوي الذي ولد سنة 1354هـ الموافق 1935م فهو ابن مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم، استطاع أن يتحصل على ثلاث شهادات جامعية في الشريعة من جامعة الزيتونة بتونس سنة 1374 وفي اللغة العربية من جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض سنة 1379هـ وفي التاريخ من جامعة الملك سعود بالرياض سنة 1383هـ، ثم تحصل على الماجستر والدكتوراه في الأدب والنقد من كلية اللغة العربية بالجامعة الأزهرية بالقاهرة بين سنة 1395 و1400هـ. ورجل هذا ما كسبه من معرفة في مرحلة الطلب قد حاز أطراف المجد بين برديه فكانت الشريعة بدايته والأدب والنقد خاتمة علمه وبينهما اللغة العربية والتاريخ.

وخلال الثلاثين سنة التي أمضاها في طلب العلم كان يمارس زكاة المعرفة، وهو التدريس، فوزع زكاة معرفته في مناطق مختلفة من المملكة بدءاً بالمدينة المنورة في مدرسة العلوم الشرعية ثم إلى المجمعة قاعدة سدير في المعهد العلمي، ثم إلى الرياض العاصمة في معهد إمام الدعوة، ثم مدرسا في كلية الشريعة، ثم عاد إلى المدينة المنورة متنقلاً بين مدارسها، وأخيراً عمل في الجامعة الإسلامية وفي كلية التربية فرع جامعة الملك عبدالعزيز بجدة. وخلال كل ذلك كان يعمل للترقي إلى رتبة أستاذ مشارك ثم أستاذ.

إن الدكتور الخطراوي يعد شخصية معطاءة؛ فله مؤلفات متنوعة في الكتب التعليمية وفي الأدب.. بدأ بالقديم في مجتمع المدينة فكتب عن شعر الجاهلية بين الأوس والخزرج، كما بحث عن الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية في العصر الجاهلي في المدينة المنورة، وأردف ذلك بدراسة عن الحياة الأدبية في المدينة في العصر الجاهلي، ثم انتقل إلى العصر الإسلامي فكتب دراسة عن الحياة الأدبية في المدينة المنورة في صدر الإسلام، كما حقّق عدداً من كتب التراث وأصدر عدداً من دواوين شعراء المدينة في العصر الحديث، كما ترجم لعدد من أدباء المدينة المنورة ومفكريها إلى جانب عدد من دواوينه باعتباره أحد شعراء المدينة البارزين، كما يعد أحد الأعضاء المؤسسين لنادي المدينة المنورة الأدبي والثقافي.

إن الخطراوي أعطى وأعطى الشيء، الكثير؛ ولذا يعد رائداً من رواد الحركة الفكرية في المملكة التي لا يكاد يخلو ركن من أركانها إلا وهناك رائد يشار إليه بالبنان، ولذا فهو ممن يستحقون أن يكرموا في احتفالات الجنادرية إذا ما أطال الله في عمره لنُشعره بأن قومه يحسون به واستفادوا من فيض عطائه جيلاً بعد جيل.

الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة