Culture Magazine Monday  02/07/2007 G Issue 205
الثالثة
الأثنين 17 ,جمادى الثانية 1428   العدد  205
 

محمد العبودي ل « الثقافية »:
اختلفتُ مع (حمد الجاسر) حول أمور مالية

 

 
*الثقافية فوزية محمد الجلال:

يجيء الحوار مع قامة ثقافية واجتماعية كالشيخ محمد العبودي ثرياً، ذا أبعاد تمتد بمقدار ما يتعدد صاحبها الذي يجمع التاريخ مع الجغرافيا، والعلم الشرعي مع الإبداع الأدبي، ومعرفة المكان مع الإنسان.. فهو الباحث، المؤرخ، الجغرافي، النسابة، العلامة.. وهذا اللقاء يعرض زاوية واحدة في زوايا هذا العَلَم الكبير.

المعجم

* مشروع (معجم البلاد العربية السعودية) الذي شاركتم فيه مع الشيخ (حمد الجاسر) رحمه الله، بالكتابة عن معجم منطقة القصيم. ألا يرى معاليكم دوراً مهماً تتبناه إحدى الجامعات أو مراكز البحوث أو المكتبات الكبيرة مثل مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ومكتبة الملك فهد الوطنية، لمتابعة تحديثه دورياً وإصدار طبعات تالية له؟

شكراً على اهتمامك واهتمام المجلة الثقافية بهذا الكتاب الذي كتبته في مرحلة سابقة من عمري قبل أن أشغل بالارتحال إلى بلدان العالم القصيَّة للاتصال بالإخوة المسلمين وما تبع ذلك من كتابة كتب الرحلات.

وأقول: إنني كتبت هذا الكتاب وحرصت من بين ما حرصت عليه أن أصل ما انقطع من أسماء المواضع في منطقة القصيم سواء أكان الموضع بلدة أم قرية أو مورد ماء حتى جبلاً أو وادياً غير معمور.

وهذا يصعب تحديثه، بل لا يحسن تحديثه.. ومع ذلك جرى تفاهم في فترة من الفترات بيني وبين الجمعية الجغرافية حول شيء يتعلق بذلك. أما إذا أريد بالتحديث إصدار طبعة أو طبعات حديثة منه فإن هذا جيد، والأمر كما ذكرت لكون الكتاب يتعلق بتراث وطني عريق ومتجدد كما يعرفه العلماء والباحثون في ذكر المواضع التاريخية، وتنزيلها على المسميات الحالية.

الأسر

* معجم (أسر القصيم) مشروع كبير في بضعة عشر مجلداً، لكنه لا يزال مخطوطاً، ولا تزال (تسوِّف) في نشره! والمتابعون يتوقعون أن ثم عقبات اجتماعية أكثر منها توثيقية تحول دون صدوره! ماذا تقول؟

(معجم أسر القصيم) أوشك على أن يرى النور بإذن الله، ويعقب ذلك الصدور بحول الله.

وليست هناك عقبات الآن تحول دون صدوره إلا شيئا في طبيعة المؤلف من حبه للتبسط، واستكمال المعلومات.

وقلت: (الآن) لأنه كانت هناك عقبات منذ ربع قرن حالت دون ذلك، وهي انشغالي بالسفر والترحال في أنحاء العالم في أداء واجبي المتعلق بالعمل على استطلاع أحوال المسلمين وإيصال المساعدات التي يقدمها قادة بلادنا إلى أولئك الإخوة المسلمين؛ إذ كنت أذهب إلى منطقة من المناطق البعيدة في العالم وأكتب عنها ما أكتبه مما هو لازم للعمل من إحصاءات وملاحظات ثم أرتب ما كنت بدأت به من كتابة عن بلادهم حتى تأتي مهمة جديدة لبلاد بعيدة أخرى فيتكرر المشهد أو قولي عن الوضع في ذلك، فلا أجد لنفسي الوقت للنظر في (معجم أسر القصيم) والحالة تلك؛ إذ من أين لمن يذهب إلى الصين أو سيبيريا أو أمريكا الجنوبية أو أستراليا، وينغمس فيما ذكرته، الوقت للذهاب إلى منطقة القصيم وتسجيل المعلومات عن أشخاص من الأسر عفا عليهم الزمن أو لدى شيوخ ممن قال الشاعر في مثلهم:

كم شهدنا من أناس قبلنا

أكل الدهر عليهم وشرب!

أما الآن وقد خففت من الرحلات للخارج ووجدت وقتاً أو بعض الوقت، فقد التفت إلى (معجم أسر القصيم) الذي يقع في بضعة عشر مجلدا كما أفضلت أنت وذكرت.

ولم يكن هناك موانع اجتماعية تمنع من إكماله ولا حتى صدوره من التي كرمتِ فأشرتِ إليها؛ لأن هذا الكتاب كتاب أسر أي يضم معلومات عن أسر قصيمية لم يكتب أحد في أحوالها، وهذا ما يرغب فيه الجميع، وليس هو بكتاب أنساب كما فهم بعض الناس الذين قد يختلفون فيما يتعلق ببعض الأنساب، والذين لا يختلفون يشعرون أو يشعر بعضهم بأنهم ينبغي أن تدخل أسرة ما في ذوي الأنساب المحفوظة، وبعضهم يختلف معهم في ذلك فيرى عدم إدخالها.

خلاف

* يشاع أن هناك خلافاً كان بينك وبين الشيخ حمد الجاسر، رحمه الله، ما صحة ذلك وما روايتك حوله؟

الخلاف الذي قيل إنه كان بيني وبين الأستاذ حمد الجاسر تافه ولا يستحق الذكر ولا يتعلق بعلم ولا بحث، وإنما يتعلق بشيء من الأمور المالية حول طبع بعض الكتب، وتسويته سهلة ميسرة، والشيخ حمد الجاسر أستاذنا وهو أسن منا بكثير وله حق التقدير، بل التوقير، وجهوده في البحث والاستفادة مما جعلنا نتعاون معه وبخاصة عند تأليف المعجم الجغرافي للبلاد العربية والسعودية وما بعد ذلك، ولكن صدف أن عملي نقل إلى (رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة) وانقطعت صلتي بالشيخ حمد الجاسر؛ لأنني لم أعد أجد الوقت الكافي للذهاب إلى الرياض والبقاء فيها.

ونظراً إلى أن الشيخ حمد الجاسر رحمه الله قد لاقى ربه وأنني لا أجيز لنفسي أن أتكلم على من لا يستطيع أن ينقد كلامي بتوثيق أو بمعارضة، فإنني من جانبي لا أحسُّ بذلك، وما أزال أشعر للشيخ حمد الجاسر غفر الله بما كنت أشعر به قبل ذلك الذي ذكرته.

معلومات

* وماذا عما أثير حول استفادته رحمه الله من مسودات كتابك (معجم أسر القصيم) دون الإشارة إليك؟

استفادة الشيخ حمد الجاسر من كتابي (معجم أسر القصيم) حقيقة صرح بها الشيخ حمد الجاسر في ذكر ما نقله عنه في كتابه (جمهرة أنساب الأسر العربية المتحضرة)، والواقع أن الشيخ حمد قد عرف رحمه الله اهتمامي بوضع معجم لأسر القصيم كلها، بل ربما كان أول من عرف بذلك، وبحكم قوة صلتي العملية به، وكثرة مقابلاتي له، تلك المقابلات التي وصلت إلى حد السفر معاً معه ومع الأستاذ سعد بن جنيدل رحمه الله للوقوف على بعض الأماكن التي كنا نكتب عنها.

فأخبرني بعد ذلك أنه وضع كتابه أو قال: إنني وضعت كتابي عن الأسر المتحضرة، وليست لدي معلومات عن الأسر القصيمية، وإذا لم أذكرها شعرت أن كتابي يكون ناقصاً لكثرة الأسر القصيمية، ولكن ذكرها ب(معجم أسر القصيم) يتيح لي أن أنقل منه ما أريد.

فقلت له: إن الكتاب لا يزال في طور التأليف ولم يكمل، فقال: هذا لا يمنع من الاستفادة بما تم منه.

فقلت له: حباً وكرامة. وكان الكتاب يقع في ذلك الوقت في تسع إضبارات صغيرة، فكان الشيخ حمد يستعير كل إضبارة فينقل ما يريد نقله منها ثم يعيدها إليّ، ويأخذ الإضبارة التي بعدها، وذلك بدءا من الإضبارة الأولى، حتى أكمل الاطلاع عليه.

هذا ما حدث، وقد بلغني عن بعض الناس أنه زعم أنني قلت: إن الشيخ حمد أخذ من كتابي من دون إذني، وسمعت من أحدهم لفظاً مستكرهاً لا يمكن أن أصف به شخصاً من سائر الناس فضلاً عن الشيخ حمد وهو أنه (سلب شيئاً من كتابي).. وهذا كله رجم بالغيب، والرواية الصحيحة التي طلبتِ مشكروة رأيي الصحيح فيها هو ما ذكرته.

السلف

* هل تؤيد قياساً على هذا المعجم إصدار معاجم أخرى عن أسر الرياض وجدة وسدير والوشم وعسير.. وهكذا؟

إذا كانت الكتابة عن الأسر كما ذكرت، التي تتلخص في تسجيل المعلومات المهمة هنا، وبيان سير البارزين من أهلها كما كان يفعل السلف الصالح من العلماء المسلمين فيمن عاصرهم أو سبق عصرهم قليلة، فإن هذا لا بأس به، بل هو أمر مطلوب.

أما إذا كان يبحث في أنساب الناس وأصولهم على طريق مدح بعضهم بذلك، وذم بعضهم بضد ذلك، سواء أكان ذلك بالإشارة أم بصريح العبارة، فإن ذلك مكروه يجب تجنبه.

ومعلوم أن موضوع انتماء الأسر إلى القبائل تدخله عدم الدقة في بعض الأحيان، ومثله إخراج بعض الأسر عن دائرة القبائل.

ولقد حدثني صديقنا الجليل القاضي العاقل حقاً الشيخ عبدالعزيز بن صالح إمام مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ورئيس الدوائر الشرعية في منطقة المدينة المنورة عن شيخه العالم الكبير القاضي عبدالله بن عبدالعزيز العنقري أنه قال: (كنت مهتماً بأنساب الأسر فرأيت أن أجمع في ذلك كتاباً، ولكنني عندما مضيت في الكتابة وأمعنت في البحث رأيت الناس ينسبون بعض الأسر إلى قبائل ليسوا منها، ويخرجون بعض الأسر من القبائل وهم داخلون فيها، ورأيت أن تصحيح ذلك قد يدخل في الطعن في الأنساب المنهي عنه، إضافة إلى أنه سوف يغضب الكثيرين فعدلت عن ذلك).

تصنيف

* بمباشرة تامة.. معالي الشيخ، ما أهمية مثل هذه المشروعات؟ ألا ترى أن هذا قد يدخل في إطار التصنيف القبلي، بعدما عانينا من تصنيفات عرقية ومذهبية؟

جواب هذا السؤال في جواب السؤال قبله، ومختصره أنه إذا كان داخلاً فيما ذكرته فإنه لا يجوز، وكلام بعضهم داخل فيه بكل تأكيد وأسف، ولكن ربما ينتفي من ذهن قارئ كتابي (معجم أسر القصيم) إذا قرأه بعد طباعته ذلك الخوف بتاتاً، وربما يقرر تأليف كتاب على غراره، ولا يستبعد أنك أيتها الابنة الفضلى (فوزية) قد تفكرين مثل ذلك التفكير إذا كان لديك الاستعداد للتأليف، وتوافرت لديك الرغبة في ذلك.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة