Culture Magazine Monday  05/11/2007 G Issue 221
فضاءات
الأثنين 25 ,شوال 1428   العدد  221
 

بعض من عرفت! «6»
عبد الفتاح أبو مدين

 

 

ومضى الدكتور أبو صالح يقول: (وخلاصة تلك الحادثة، أن نادي جدة الأدبي دعا إلى حفلة لتكريم الرفاعي الذي يعد من رواد الأدب السعودي، وكان الخطباء يتبارون في الثناء عليه وتعداد خصاله وذكر مكانته في الأدب، إلى أن وقف على المنبر أحد الأدباء الذي كان الحسد يملأ قلبه، ومضى يذكر الرفاعي بأيام فقره واضطراره إلى أن يكسب لقمة العيش له ولأسرته بالعمل في بعض المهن المتواضعة، وقد بالغ المتكلم في ذلك، واندفع بعض الغُيُر من أصحاب الرفاعي الخُلّص يريدون إسكات المتهجم والرد، ولكن الرفاعي ناشدهم ألا يقولوا شيئاً، حتى إذا جاء دوره مضى يشكر حاسده، ويذكر أنه أديب كبير وعلم مشهور، ولم يزد على ذلك إلا قوله: (ربما يكون المرء صغيراً ثم يكبر، وربما يكون كبيراً ثم يصغر).. وتحدث الدكتور أبو صالح بالكثير عن أخيه الرفاعي والمرض الخبيث الذي ابتلي به، وكان يسافر للاستشفاء ويعود إلى ندوته دون أن يعرف إخوته داءه، وكان ميئوساً من شفائه كما قرر أطباء المستشفى التخصصي في الرياض، ويشتد به الداء، ويغيب عن الوعي، حتى إذا فاق ورأى حوله محبيه أخذ (يؤانسهم ويسألهم عن أحوالهم ويحدثهم عن بعض من معهم).. وتحدث الدكتور عن رائعته التي رثى بها نفسه، والتي ألقاها في نادي جدة الأدبي الثقافي في أمسية تكريمه.

وتحدث الدكتور - يوسف عز الدين -، من خلال عنوان: - ذكريات إنسانية عذبة عن الصديق العذب -، فقال: (كان عف اللسان فما سمعته يوماً اغتاب أو انتقد أو أساء إلى إنسان.. كان ينشر الثقافة ويجود بالكتب والمجلات التي يشرف عليها وتوزع يوم مجلسه، ويغذي العقول ويسعد النفوس، وفي المكتبة الصغيرة وفّر المعرفة لكثير من الناس، وعن عصامية الأخ الصديق، قال الدكتور يوسف: (لم ير النور وفي فمه ملعقة ذهب كما يقال، فقد حدّث عن حياته وعصاميته بصراحة ووضوح، وقال إنه نشأ في رعاية أمه وقد كان وحيدها، وأنه كان شجرة مفردة في البرية، فاعتمد على نفسه - فنفس الرفاعي سوّدت الرفاعي -، وقدم الدكتور عز الدين أبيات من قصيدة الرفاعي، التي عنوانها: (حنّت إلى عبق التراب جوانحي)، التي ألقاها في النادي الأدبي الثقافي بجدة يوم تكريمه، والتي مطلعها:

سبعون يا صحبي وجل مصاب

ولدى الشدائد يُعرف الأصحاب

وحين أصل إليها في موقعها من مجلة - الأدب الإسلامي -، سأعلق عليها بما ينبغي.

وذكر الدكتور يوسف تحت عنوان (الحس الحضاري)، عبر مشاركته فقال: (كما كنت أميناً عاماً للمجمع العلمي العراقي زارني - رحمه الله- وأعطاني ورقة فيها اسم كتاب من مطبوعات المجمع، فوجدته غير راض عن اللقاء، فقد شرب الشاي ولما أوصلته للسيارة وجد جميع مطبوعات المجمع في السيارة، فابتسم وصافحني بحرارة وقال لي: (أسأت الظن لأنك لم تكترث بالورقة، وما كنت أعرف هذه المفاجأة، وكانت هذه الحادثة هي التي وثّقت الصلة والمراسلات بين المجمع والرفاعي، وهو من القلة الذين يتسمون بالحس الحضاري والمجاملة الإنسانية).

وكتب في المجلة عن العزيز الفقيد الدكتور محمد مريسي الحارثي(*) وهو قد ألّف كتاباً عن الرفاعي، عنوانه: (عبد العزيز الرفاعي - أديباً)، وسأشير بمشيئة الله إلى بعض النقاط التي حفل بها المؤلف بعد الفراغ من مجلة الأدب الإسلامي.. قال الدكتور مريسي في بدء حديثه: (وأنت بمشيئة الله تُحبر في جنة نعيم عليك سلام الله أيها السابق الجليل، وأعلم أن آخر رسالة كتبتها بقلمك المبجّل وأنت على سرير المعافأة في أسبانيا، في يوم السادس والعشرين من شهر ذي القعدة عام 1413هـ الممهورة بتوقيع المخلص في أربع صفحات، وهي آخر ما كتبه يراعك الموقر.. مازلت أحتفظ بها بين أوراقي الخاصة)، ومما سطره قلم الأخ أبي مشهور عن الفقيد قوله: (إن هذه العلاقة الرفاعية بالمشهد الثقافي المحلي متعلماً ومعلماً، قارئاً ومؤلفاً، كاتباً وشاعراً، لم يكن ليحوز السبق في هذا كله لولا أنه قد صرف همه للثقافة، وشكلته الثقافة وفق ما يشتهيه منها وما ينتجه كذلك). وقال الكاتب: (ومع الإبداع الشعري أصدر ديواناً واحداً سماه (ظلال ولا أغصان)، وقد تأخر في إصدار هذا الديوان، الذي صدر في طبعته الأولى عام 1413هـ ضم إحدى وعشرين قصيدة وأربع مقطوعات، إضافة إلى قصيدتين ومقطوعتين ليست من إبداع الرفاعي، وهذه القصائد الرفاعية هي ما اختاره الشاعر من إبداعه الشعري منذ الستينات الهجرية حتى تاريخ صدور الديوان.. إن أول إشكالية تواجهك في قراءة هذا الديوان هي العنوان المغرق في الرومانسية، فقد امتزج الحسي بالمعنوي في مسارب البحث عن مصدر الظلال التي لا تنتمي إلى محسوس، وكأن رحلة الظلال هنا هي رحلة التهويم خارج حركة النفس الفطرية، عندما أصبحت الظلال بلا أغصان وبلا محسوس، فتحولت إلى غاية من غايات النفس المبدعة في نظر الرفاعي.. وقد أسقط من ديوانه الشعر الذي كان يمثل مرحلة الصبا ونضارة الشباب، وهو بهذا الصنيع قد أسدل الستار على مرحلة مهمة من مراحل رؤيته الشعرية، لعلنا نصل في مستقبل الأيام إلى ما تسرب منها إلى صفحات الصحف)، إلخ.. وأطمئن الأخ مريسي إلى أن الديوان باق كاملاً كما أعلن الأخ الصديق الدكتور عائض الردادي عبر مشاركته في هذا العدد الخاص من مجلة الأدب الإسلامي، والأمل قائم بنشر الديوان بدعم وزارة الثقافة والإعلام أو في أحد الأندية الأدبية، وبذلك لا يسدل الستار عن شعره كله، وهو قد أبقى عليه، لعله تركه للتاريخ ومن يعنى بإخراجه كما تركه صاحبه.. وأذكر أن شاعر الأغصان بدأ بنشر قصائده في صحيفة - البلاد السعودية - في أوج ازدهارها في رئاسة تحريرها القوية البارزة من الكاتب الأديب الصحافي عبد الله عريف -رحمه الله-، وقد التحق بها الرفاعي وأحمد جمال محررين غير متفرغين.. ولعل أديبنا الرفاعي حينما تقدمت به السن وربما المركز الوظيفي، أدرك بحسه المرهف الثاقب الإعراض عن نشر ذلك الشعر الرقيق الغزل الرفيع، لاسيما وأن صديقه الحميم أحمد محمد جمال قد أعرض عما أنشأ من شعر في مرحلة الصبا، بل تجاهله كأن لم يكن، وقد أصبح بارزاً في الثقافة الإسلامية، وكأني به يتبع الإمام الشافعي القائل:

ولولا الشعر بالعلماء يزري

لكنت اليوم أشعر من لبيد

وكتب الدكتور عدنان علي رضا النحوي، تحت عنوان: (ذكرى الأستاذ عبد العزيز الرفاعي - شخصيته ومصادر معرفته وقدوته) فقال: (عرفت الأستاذ الرفاعي والتقيته أول مرة في الندوة العالمية للأدب الإسلامي، الندوة التي عقدت في لكنو بالهند، في ضيافة ندوة العلماء سنة 1400هـ، ولقد ضمت هذه الندوة جمعاً كبيراً ونخبة من رجال الأدب المسلمين ومن رجال الفكر ومن الشعراء، وكان في مقدمة هؤلاء من خارج الهند الأستاذ عبد العزيز الرفاعي والدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا رحمهما الله.. وكان للأستاذ الرفاعي دور كريم بارز في هذه الندوة التي وضعت الأساس الأول في عصرنا الحديث لاستئناف مسيرة الأدب الإسلامي.. لقد كان أكثر من شدني إلى هذا الرجل المسلم المؤمن هدوؤه ورويّته، ووضوحه ودقته، وتواضعه وأدبه، وزادت شخصيته إشراقاً في نفسي من خلال حضوري لندوته الرفاعية التي كتب عنها الكثيرون).. وذكر الكاتب من كتب عن الأستاذ الرفاعي، (من مقالات ودراسات ومؤلفات، فلقد تناول عدد غير قليل من الأدباء ورجال الفكر شخصيته وعطاءه بالدراسة والتحليل، ومن هؤلاء، د. عائض الردادي، ود. غازي القصيبي، ود. عدنان علي رضا النحوي، ود. محمد مريسي الحارثي، ود. إبراهيم محمد الشتوي، وأحمد سالم باعطب، وغيرهم).. وتحدث عن مؤلفاته وكتبه التي بلغت واحداً وعشرين كتاباً بين كتب أدبية وكتب تاريخية، كما أصدرت دار الرفاعي كتباً أخرى لمؤلفين آخرين، وقد كوّن قسم من هذه المؤلفات ما أسماه الرفاعي - المكتبة الصغيرة، التي اشتهرت وذاع اسمها، واشتهرت كتبها، وقد بلغت كتبها تسعة وعشرين كتاباً، منها عشرة كتب للأستاذ الرفاعي، وتسعة عشر كتاباً لمؤلفين آخرين). يتبع

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5013» ثم أرسلها إلى الكود 82244

جدة


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة