Culture Magazine Monday  05/11/2007 G Issue 221
فضاءات
الأثنين 25 ,شوال 1428   العدد  221
 
حقيبة سفر «7»
ميرا الكعبي

 

 

ثقافة العنصرية في كل مكان، وخاصة ثقافة الفَرْق ما بين الشمال والجنوب، الشمال الذي ينظر بفوقية إلى أهل الجنوب. وخاصة في أوكلاهوما، قبل أن أزورها سمعت كثيراً عن عنصرية أهلها تجاه الغرباء والسود، وسمعت أنهم أغبياء وعنصريون ومتدينون لكنهم غير متسامحين مع الغرباء، وأشياء من هذا القبيل.

لكن ما عايشته كان مختلفاً قليلاً، ما أن كنت أتحدث مع فتيات أمريكيات في الجامعة ويتطور الحديث حتى يبدأن بدفع التهمة عنهن، بأنهن لسن من أوكلاهوما وإنما جئن من مناطق متفرقة من الشمال والشرق والغرب للدراسة فقط هنا. وحينما أسأل ما الفرق؟ وهل الفرق يشكل أهمية؟ كانت تأتي سيل إجابات مختلفة منها أن أهل الشمال أكثر ثقافة وعلم من أهل الجنوب، وأن أهل الشمال أكثر تسامحا وإيمانا بمبادئ المساواة أكثر من أهل الجنوب العنصري؛ ذلك ربما لأن أهل الشمال أقل تديناً أو دعني أقول أكثر ليبرالية، وكثير منهم لا يؤمن بأي دين، بينما الجنوب أكثر تديناً والتزاماً بالدين المسيحي، وهذا ما شاهدت بعيني حتى لا يكاد يخلو شارع في أدموند مثلاً البلدة الصغيرة تلك من كنيسة! ولا شك أن لمثل هذه النظرة السائدة عن الجنوب جذورا تاريخية منذ الحروب الأهلية التي اشتعلت بين الشمال والجنوب الأمريكي.

حتى العائلة الأمريكية التي أقمتُ معها لفترة وجيزة كانت في الأصل من الشمال من مدينة سياتل في ولاية واشنطن، لقد أخبرتني ربة المنزل أن ما أحبته في أوكلاهوما هو درجة التدين والالتزام والأمن؛ لأن ذلك مناسب لتنشئة أطفالها. لكن ما لم تحبه هو قلة اهتمام أهل الجنوب وبالتحديد الأوكلاهوميين بالتغذية السليمة وبالصحة! وهذا ما كان واضحا للعيان بدون دليل. فما أكثر المفرطين في السمنة أو الOverweight، ففي كل مكان كنتُ أخرج له في الحديقة أو في مراكز التسوق كنت أشاهد الأغلبية من ذوي الOverweight. إنهم محبون لمطاعم الفاست فود وغير مهتمين بكمية الوحدات الحرارية في غذائهم. بالإضافة إلى قلة التمارين الرياضية، على الرغم من أن الجو دافئ هنالك ومناسب للأنشطة الخارجية، على الاختلاف من مدينة بوسطن على الرغم من اختلاف الطقس سواء كان ذلك تحت الأمطار أو تحت العواصف الثلجية، في الشتاء القارص أو في الصيف، قد لا أبالغ إن قلتُ إنك ستصادف حتماً في أي شارع أو ركن شخصاً يرتدي شورتاً ويضع سماعات (الآي-بود) على أذنيه يمارس رياضة الجري غير آبة بالطقس مهما كانت حالته!

بالإضافة إلى أنهم يتحدثون لهجة خاصة بهم. في إحدى المرات التي كنتُ أشارك فيها العائلة الجلوس على مائدة الطعام، تحدثت الفتاة ببضع كلمات محكية، فنهرتها والدتها على الفور وقالت لها تحدثي بالإنجليزية! ما أضحكني حقاً حينما دخلت عاملة فقيرة من كينيا لتنظيم غرفتي، ثم دار بيننا حوار عرفت عنها الكثير، ومن سياق الحديث قالت لي: إنهم هنا لا يتحدثون الإنجليزية بشكل صحيح، إننا في بلادي نتحدث الإنجليزية أفضل منهم!

وبمنأى عن كل هذه الفروق، ربما من المجحف التعميم في إطلاق الأوصاف والأفكار تجاه شعب أو مدينة ما. ما لمسته من الOKs - اختصار لأهل الولاية - طيبة زائدة وتصل إلى درجة السذاجة. في إحدى المرات بعد وصولي إلى المدينة، كنتُ أبحث عن وصلة كهرباء لكمبيوتري المحمول، فذهبت إلى (راديو شاك) أفتش عن Adapter مناسب، كان جهازي Ferrari من شركة Acer لونه أحمر وجذاب. البائع كان غبياً جداً اكتفى بمجرد النظر للجهاز بعد أن شرحت له المشكلة وقال ليس لدي! أخذت صديقتي تعبث بالوصلات الكهربائية المعروضة حتى استخرجت أحدها وجربنا استخدامه مع الجهاز وأخذ بالعمل، حينها قال البائع بكسل ولا مبالاة لصديقتي: تعالي قفي مكاني أنت، يبدو أنك مناسبة أكثر مني للعمل! ثم أخذنا بتجاذب أطراف الحديث معه، وعرف منا أننا ندرس في جامعة UCO المجاورة، فقال: كنت أتمنى أن أذهب للجامعة لكن ليس لدي مال كافٍ. فقلت على سبيل المزاح بأنني سأتوسط له للحصول على منحة دراسية. فقال: لا أريد، بل أريد جهازك اللاب توب سأكتفي به!

- أمريكا


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة