أوَ بعْضَ ما تُبْدِي وَما بكَ أكْثرُ
شوْقٌ يُلحُّ وأدْمُعٌ تَتَحدَّرُ
وَيلوحُ نَجْمٌ في السَّماءِ ويَخْتفي
وَيَظلُّ جَفْنُكَ والمشاعرُ تَسْهرُ
فإلامَ تَسْبَحُ في شُجُونِكَ مُطرقاً
آناءَ لَيْلٍ والنهارَ تُفَكرُ
رَحِمَ الإلهُ مِنَ الشُّهورِ خَوَالياً
ما كُنتُ أشْعُرُ إذ تَطُولُ وتَقْصُرُ
يا دَارَ أحْمدَ إنْ صًبرْتُ فمُكْرهٌ
وَهَوايَ إلا عَنْ لِقائكَ يَصْبِرُ
رَيَّاكِ أطْيبُ ما يَكُونُ مِنَ الشَّذى
وَنَداكِ أنْدَى مَا عَرفْتُ وأطْهَرُ
مَلَكَتْ فُؤادِي بالجلالةِ رَوْضةٌ
غَرَّاءُ مِنْ عُلْيا الجنانِ وَمِنْبرُ
غَنِمَ النَّعيمَ مُلازِمٌ لِنعيمِها
ومَهلِّلٌ بِفنائِها.. ومُكَبِّرُ
يا دَارَ أحْمدَ ما لَقِيتُ مِنَ الضَّنى
بعْد البِعادِ ومُهجَتى تَتَفطَّرُ
ونَدَبْتُ عِيدي يوْمَ عَادَ تَحَسُّراً
والعيدُ بَعْدَكِ والمَباهِجُ تُنْكَرُ
والعيدُ بَعْدَكِ حَالَ عنْ حَالاتِهِ
والعيدُ بَعْدَكِ يَسْتوِي والعَثْيرُ
ومَضَيْتُ دُوُنَ صَباحِهِ بِصَباحِهِ
ومَضَيتُ عِنْدَ صَبَاحِهِ أتَعَثَّرُ
وَوَجدْتُ مَا وَجَدَ الغَريبُ مِنَ الأسى
ومِنَ الوُجُومِ ومِثْلمَا يَتَحَسَّرُ
يا عِيدُ وَيْحكَ كَمْ أثرْتَ مِنَ الشَّجَى
وَمِنَ الشُّجُونِ وَكَمْ تَكَادُ تُؤَثِّرُ
أيْنَ الوُجُوهُ وأيْنَ مِنْ إشْراقِها
قَبَسٌ تَشِعُّ به الدُّنا وَتُنَوِّرُ
أيْنَ الديارُ وَقَدْ حَفَلْنَ هَوَاهُمُ
وَرَعيْتُهُ وَحَلَفْتُ لا أتَأخَّرُ
يا دَار أحْمَدَ قَدْ حَنَنْتُ ولم أزَلْ
وَبَذلْتُ لكنْ عنْ هَواكِ مُقَصِّرُ
وغَضَضْتُ طَرْفي خاشِعاً مُتَضرِّعاً
وَرَفعْتُ كفِّي والمُهّيْمنُ يَغْفِرُ
أنَا إنْ هَجَرتُ فَما هَجَرتُ تَبَرُّماً
قَدرٌ عليَّ هُوَ البَلاءُ مُقَدَّرُ
أنا مَنْ عَهِدْتِ كَمَا عَهِدْتِ وَفَاءَهُ
حُباً وقَلْباً بالمحبةِ يَزْخُرْ
وَلقَدْ شَقِيتُ بِما لَقيتُ وإنَّما
حُزْني شَفِيعي والدُّمُوعُ تُعَبِّرُ