Culture Magazine Monday  19/11/2007 G Issue 223
فضاءات
الأثنين 9 ,ذو القعدة 1428   العدد  223
 

الفرق بين تنوينين
أبو أوس إبراهيم الشمسان

 

 

قد يتوهم غير المدقق في اللغة أنه لا فرق بين التنوين في أكرمت زيدًا، وكسرت عصًا. والحق أن بينهما فرقًا. وجرى العرف على إطلاق مصطلح التنوين على مجموع الفتحتين وإن كانت الفتحتان في الأصل تدلان على الحركة والتنوين. وحين نتأمل الفتحتين في الجملة الأولى نجد الأولى علامة الإعراب؛ لأن زيدًا مفعول به منصوب. وأما الفتحة الأولى في الجملة الثانية فهي حركة عين الكلمة وليست حركة إعراب؛ لأن المقصور لا تظهر عليه الحركات بل تقدر أي تفترض افتراضًا. وقد يسأل سائل عن الألفين بعد التنوين ما شأنهما، والجواب أن الألف في (زيدًا) هو تعويض عن التنوين في حالة الوقف. أما الألف في (عصًا) فليست للتعويض من التنوين بل هي صورة لام الكلمة المحذوفة؛ وقد أبقي عليها في رسم الكلمة لأنها تعود عند الوقف وحذف التنوين. ومن أجل ذلك نجد أنهم رسموا الألف مشالة لما لامه (واو) ورسموها ياء لما لامه (ياء) مثل (فتًى). ولو كانت الألف في (فتًى) للتعويض لرسمت مشالة كألف (زيدًا). ولذلك نجد هيئة الاسم واحدة في كل أعاريبها فتقول في الرفع: هذه عصًا، وفي الجر:ضربت بعصًا، وفي النصب: كسرت عصًا. ولو كانت للتعويض ما اجتمعت مع التعريف باللام كما في (العصا) و(الفتى)؛ لأن التعريف والتنوين متعاقبان. فإذا عرفنا ذلك سهل علينا أن نفهم وجوب رسم الفتحتين في (عصًا) و(فتًى) على عين الكلمة؛ لأن إحداهما حركة العين والأخرى علامة التنوين، وتبين لنا أن من يضعهما على الألف يفصل بين العين وحركتها؛ ويوهم أن المقصور منصوب في كل أحواله؛ لأن الفتحتين على الألف إنما تكونان للمنصوب. ولذلك كثر الخطأ عند بعض الناس في كتابة الفتحات فتراهم يضعون فتحة على العين وفتحتين على الألف (عصَاً، فتَىً) ومعنى ذلك أنه يزيد فتحة لا دلالة لها، فلا هي حركة العين إذ هي مكتفية بحركتها ولا هي حركة الإعراب على اللام لأنه يتعذر تحريك لام المقصور فهي ألف. وكذلك نرى وجوب رسم التنوين قبل ألف العوض في (زيدًا) ليكون رسم التنوين مطردًا، ولأن حركة الإعراب ينبغي أن تكون على حرف الإعراب، وكما أن لام المقصور تعود بعد حذف التنوين فكذلك ألف التعويض إنما ينطق بعد حذف التنوين. وما نقترحه من أمر رسم الفتحتين قبل الألف ليس أمرًا نبتدعه بل هو أمر قاله إمام العربية الخليل بن أحمد ولا عبرة بمخالفة اليزيدي في قوله:(ولكني أنقط على الألف لأني إذا وقفت قلت عليما فصار ألفًا على الكتاب، قال: ولو كان على ما قال الخليل لكان ينبغي إذا وقف أن يقول: عليم يعني بغير ألف). وقول اليزيدي مردود؛ لأن الخليل حين يثبت التنوين على الحرف لا يطرح الألف، ولذا حين يوقف على الميم لا تسكن والألف وراءها. ولو كان قول اليزيدي ممكنًا لكان الوقف على (سماءً) بلا ألف في اللفظ أيضًا ولكان الوقف على (خطأً) بلا ألف في اللفظ؛ ومعلوم أن الوقف عليهما إنما هو بتعويض التنوين فيهما بألف، فهي ملفوظة غير مرسومة، وإنما ترك رسم الألف لكراهة المتماثلات الخطية كما فصلنا ذلك في كتاب (الشاذليات).

- الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة