Culture Magazine Monday  19/11/2007 G Issue 223
فضاءات
الأثنين 9 ,ذو القعدة 1428   العدد  223
 

جامعة ثقافية متكاملة اسمها:
المكتبة الوطنية الجزائرية
عبد الرحمن مجيد الربيعي

 

 

أمضيت في الجزائر أخيراً اسبوعاً كاملاً في ضيافة المكتبة الوطنية الجزائرية التي قدمت برنامجها الموازي لبرنامج وزارة الثقافة بداية من هذا العام 2007م الذي اختيرت فيه الجزائر عاصمة للثقافة العربية.

لقد استطاعت هذه المكتبة أن تخرج من كونها فضاء للمطالعة إلى مجال الفعل الثقافي بعد أن تولى منصب المدير العام لها الروائي والباحث المعروف الدكتور أمين الزاوي قبل خمس سنوات وقام برفع شعار مهم هو أن (المكتبة ليست مقبرة للكتب فقط)، ولكن دورها أكبر من هذا.

وقد ساعد مبنى المكتبة الوطنية الجزائرية الحديث الذي أنجز قبل عشر سنوات على تحويل هذا الطموح إلى فعل إذ إن المكتبة تضم مجموعة قاعات مطالعة وأكثر من مقهى، ومطعمين أحدهما كبير يفتح عندما يكون هناك ضيوف والآخر مفتوح يومياً للقراء والعاملين وطلبة الجامعة الذين يشكلون النسبة الكبيرة من رواد المكتبة.

إضافة إلى هذا في المكتبة قاعة كبيرة تصلح للعروض المسرحية، وأكثر من قاعة للندوات.

يعتبر المثقفون المكتبة الوطنية وزارة ثقافة موازية إذ إن فعاليات الجزائر عاصمة للثقافة العربية كان لها نسبة مهمة منها، وقد زودت بميزانية تفي بالغرض، وما إن تنتهي ندوة حتى تعقد أخرى، ويزود الضيوف بتذاكر سفر للدرجة الأولى على الخطوط الجزائرية.

لقد كانت الندوة التي حضرتها تحت عنوان (الملتقى العربي حول الثورة التحررية في الأدب العربي) وكان الضيوف من سوريا وتونس والمغرب والعراق ومصر ولبنان والأردن، إضافة إلى الباحثين الجزائريين من الجامعات الجزائرية واتحاد الكتاب ممثلاً برئيسه وبعض الأعضاء، كما حضر الندوة شخصيات أدبية معروفة مثل الروائي رشيد بوجدرة والروائية والوزيرة السابقة للثقافة زهور ونيسي والباحث والسفير السابق الدكتور عثمان سعدي الذي عمل سفيراً للجزائر في كل من بغداد ودمشق.

ولما كانت الثقافة شاغله فقد نشر في صحافة العراق نداء يطلب فيه من الأدباء تزويده بما كتبوه عن الثورة الجزائرية وفعل الشيء نفسه عندما تحوّل إلى دمشق. هذا ما رواه في مداخلته التي قدمها وهو يتحدث عن كتاب في جزئين كان ثمرة جهده، كل جزء بألف صفحة من القطع الكبير، أحدهما لما أنجزه الشعراء العراقيون والآخر لما أنجزه الشعراء السوريون علماً بأنه أوضح للحضور أنه لم يضع كل ما وصله بل قام بعملية اختيار.

وهذان الكتابان يشكلان وثيقة مهمة عن الثورة الجزائرية وهي تؤكد أن الثورة الجزائرية هي ثورة تخص كل العرب، وكانت البلدان العربية كلها معنية بها سواء المجاورة مثل تونس وليبيا أو المغرب، أو البلدان العربية الأخرى مثل مصر وسوريا والعراق ولبنان والمملكة العربية السعودية وبلدان أخرى.

وكان الكتّاب الجزائريون ينشرون كتاباتهم ومؤلفاتهم في تونس ولبنان ومصر وسوريا أثناء (سنوات الجمر).

من خلال ما قدم من بحوث نجد أن المساهمات العربية في الثورة التحررية الجزائرية التي انطلقت يوم الفاتح من نوفمبر سنة 1954م كلها مساهمات شعرية، أو بكتابة مقالات وتعاليق في وسائل الإعلام مكتوبة ومسموعة ومرئية لأن أدوات الكتابة السردية لم تتوفر لكتاب القصة والرواية العرب إلا للذين عاشوا في الجزائر وجلّهم جاؤوا بعد انتصار الثورة وعملوا في التدريس بشكل خاص.

وقد علمت من الأخ والصديق الروائي أمين الزاوي المدير العام أن فعاليات المكتبة لم تبدأ هذا العام باختيار الجزائر عاصمة ثقافية والتي ستتسلم المهمة بعدها دمشق ولا تنتهي في هذا العام بل هي فعاليات كانت قبل هذا وستتواصل بعده، ويفكرون بإطلاق نادي للسينما العام القادم إضافة إلى مشروعات أخرى.

لذا كانت المكتبة ببنائها الواسع والأنيق مكتظة بالرواد، جاؤوا للمطالعة والبحث أو لمتابعة سير الندوات.

ولا يجد الواحد منا نفسه إلا مؤيداً بقوة للشعار المؤثر (المكتبة ليست مقبرة للكتب) بل وللفعاليات الثقافية التي ترفع من قيمة الكتاب وتؤكد دوره ومكانته.

- تونس


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة