Culture Magazine Monday  19/11/2007 G Issue 223
نصوص
الأثنين 9 ,ذو القعدة 1428   العدد  223
 
رغدة عيد في ديوانها الجديد (عزف ثنائي):
نصوص تذيع سر العلاقة بين الإنسان ولواعجه
عبدالحفيظ الشمري

 

 

تطل الشاعرة رغدة عيد على القارئ من خلال تقطيع شعري على هيئة رسائل وجدانية خاصة، تتمتع بتقشف ملحوظ في المفردة، وإشارات عميقة تحمل دلالات الإفصاح عن مكنونات الشاعرة المعبأة بهموم الحياة.. تلك التي أحالته إلى (عزف ثنائي) حمل اسم الديوان وعنوان الخط العام للنصوص التي سارت وفق هذه الثنائية التي يبرز فيها الإنسان نداً قوياً لهمومه ولواعجه.

تستهل الشاعرة ديوانها بنص يذيع أسرار العلاقة بينها وبين حيوات أخرى.. تلك العلاقة التي تنبني بحساسية مفرطة لا توجد إلا عند الفنان الذي يدوزن هذه المعزوفات على أنغام شتى فلا ترى من الحياة إلا ذلك الوجد اللاعج:

(أيها العابر خلالي..

أتدري ما حل بي؟!

بنيت حطامي

فأزهرت أشجاني

وأشرق الفجر من خلالي

معلناً الحياة..)

(الديوان ص 25)

فالشاعرة (رغدة) تنظر للرجل بوصفه حالة سادية، متوشحة دثار قسوة ما، وعقوق يضوع من فؤاده على من حوله، بل هو كائن يؤجل دائماً فرحة المرأة، ويسوف بالعلاقة من خلال جملة من الوعد.

فتارة تجعله بحراً من الأماني، وأخرى على النقيض تماماً تراه وقد تمثل لها بعابث لا يحسن قيادة ذاته كبحار خاسر لمعركة.. فما لديه ما يخسره طالما أنه دمر العلاقة، وأوهن الرؤى بين رموز حياة أبدية تتمثل في المرأة والرجل.

القصائد تأتي على هيئة لوحات فكل لوحة تحمل قصة أو حكاية ما.. فمثلاً لوحة (الفجر) تأتي على هذا النحو:

(الفجر لا يلد أنثى

الفجر حالة مخاض ليل

تشهق الشمس بعدها)

(الديوان ص 27)

اللوحات الشعرية تكتظ بصور منوعة، ورؤى متشعبة رابطها الأوحد أيقونة الشعر التي تصب في بؤرة واحدة على هيئة إضاءة مكثفة فقد ترى الشاعرة أن وراء هذه الفراشات سراً عميقاً قد يحل بعض ما لديها من إشكالات أو يجسد لها حلاً لبعض منغصاتها بوصفها إنساناً يشعر بالحياة وبمن حوله.. فهي المواظبة دائماً على استعراض كل محفزات التلقي في المشهد حيث تعمد إلى تقديم كل العناصر الممكنة لبناء هذه المشاهد الإنسانية المعبرة.

أمر آخر يمكن لنا أن نلحظه في الديوان يتمثل في وجود قضية (الإنسان المعذب).. ذلك الذي لا يستوعب إلا همومه الخاصة، لنراه وقد إنكفأ على ذاته وردد كثيراً لواعجه الخاصة فيما كان من الأجدى لو أقحم عوالم من حوله لتتقاطع التجربة الخاصة مع العامة لتنتج نسيجاً إفصاحياً يجد صداه لدى الآخر المتمثل في المتلقي الذي يعنى بالشعر ويود أن يرى تجارب الشعراء وقد سجلت حضورها بين تجاربه الحياتية.

من هنا ندرك أن الشاعرة رغدة عيد عنيت كثيراً ومن خلال قصائد ديوانها (عزف ثنائي) عنيت في تفاصيل همها الخاص ولاسيما قضيتها الأزلية مع الرجل في صياغة شعرية أقرب إلى الرسائل المختصرة.

(قال لي: لا أحب السجع

قلت له: ليس وحدك، بل كلكم)

(الديوان ص 43)

فالشاعرة هنا ترسل أيقونة فائقة الألماح إلى الطرف الآخر.. ذلك الذي لا تجد عنده الإجابات الشافية، والمقنعة إنما هي محاولة أن تلفت انتباهه باعتباره الكائن الوحيد الذي يمكن لها معه أن تعبر إلى الضفة الأخرى في نهر الحياة المتمثلة في السعادة المنشودة.

قصائد الديوان وغلافه يعكس صورة الحزن، ويبين لواعج الفقد التي تحاول الشاعرة جاهدة أن تبين ما تيسر منه لفرط هالة من المكابدات الإنسانية التي تجد فيها بعداً يستحق التسجيل، وقد تصل هذه المقاربات حتى حدود الهذيان على نحو انكسار الراوي في قصيدة (يالك من أبيض) حينما تدفع الشاعرة بالمرأة إلى شفير الهاوية:

(يا لك من أبيض

تحسبني نجمة بالشعر أنطق!!

وإذا بي شمعة بالكاد استنشق

شنقت في زمن به النساء تشنق

إذ هي تنطق!!

(الديوان ص 94)

الديوان الجديد لرغدة عيد يأتي إجمالاً على هيئة بيان وجداني متكامل يصور جل ما يمر بالمرأة من عواطف ومشاعر فهاهي تبدع في تصوير بعض أحلامها المطفئة وتزرع بعض آمالها الصغيرة فلعلها تنمو.

***

إشارة:

* عزف ثنائي (ديوان)

* رغدة عيد

* الرياض (ط1) 1428هـ - 2007م

* يقع الديوان في نحو (120 صفحة) من القطع المتوسط.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة «7177» ثم أرسلها إلى الكود 82244

hrbda2000@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة