Culture Magazine Monday  19/11/2007 G Issue 223
تشكيل
الأثنين 9 ,ذو القعدة 1428   العدد  223
 
الذاكرة التشكيلية
تركية الثبيتي*

 

 

تجرعت الذاكرة التشكيلية مرارة لا قِبَل لها بها، حين عَرضت في لحظة ما تلك الخيبات التي مني بها التشكيل في عصر غذّ خطاه نحو نهضة تشكيلية لا ينكرها مثقف حين نبشت في ركام كان يتكّوم في الجزء المقصي من النسيان فَبعَثَتْ دون إرادة منها جرحاً ونكأت ألماً لم يتخثر بعد. مهرجان سوق عكاظ هذا المهرجان الذي بعث من بعد حِقْبَة تاريخية قيست بألف سنة مما يعدون ويزيد كان مبعثه الأول في قرننا سَبْقُ مُؤرخُ لمنفذيه احتل مكانة سامقة في تاريخ الطائف وسيحفظه عن ظهر قلب بنوه وأحفاده والمهتمون من أبناء الحرف المنظوم والمنثور الذين حضروا السوق من مختلف الدول وكافة مناطق المملكة. حضر الشعر متوّجاً تحفه القلوب من كل صوب وحضرت الثقافة متسربلة وشاح التميز وصهلت الحرف الشعبية وغاب الفن التشكيلي يئن من وجع التهميش.

كل القنوات التشكيلية بالمحافظة كانت على أهبة الاستعداد لحضور باذخ كيف لا وأمير المنطقة فنان تشكيلي وشاعر ويعني بالفن التشكيلي عنايته بالشعر. لكنهم جميعهم خابوا وعادوا لا يلوون على شيء فكل ما قدموه كان بحاجة ماسة لمموّل ودعم يليق بمكانة الفن التشكيلي بالمملكة وأنّى لهم؟!

كنت قد تقدمت على حين غرة من ثقتي ببرنامج يتساوى وأهمية المهرجان كان قد أخذني الهم وأدركني القلق يوم أسند إليّ الاهتمام بالجانب التشكيلي في الخيمة الخاصة بنا المسماة بليلى الأخيلية وفي وقت ضائع خاطبت بيوت التشكيلين وأعلنت على الشبكة عن إقامة معرض تشكيلي ضخم وأعملت كل جهودي وفريق العمل متخطيين حاجز الزمن لكن سرعان ما ارتطمنا بالواقع المر وسقطنا في هوة سحيقة تسمى (الحقيقة) كان كلنا في فلكه يسبح.

كان يدور بخلدي العديد من التساؤلات التي ظلت مجهولة الإجابة حتى حضرت المهرجان في يوم بعثه وعرفت فيم بعد أن كل تجربة في مهدها حتماً سيعتريها كثير من الأخطاء ولكن ظل هذا الخطأ تحديداً غير مغفور في إيماني تكلفة البرنامج ضخمة لا تتناسب والإمكانات المادية.

حقاً؟!!

كيف أشاح منظمو المهرجان اهتمامهم عنه؟!! وما هي أسبابهم؟!!

كيف تناسوا أن أميرهم قد يضع علامة استفهام كبيرة حول غيابه؟

وكيف لمكان خلّده التأريخ أن يخرج للناس بلا لون كان الأجدر به أن يُعرّض على أيدي فناني وفنانات الطائف فيسكبون فيه أجمل ما يعتمل في أرواحهم؟

كنت لقمة سائغة لاكها القهر ومجّها في جحيم الحرج. كنت أظنني أقف على أرض صلبة وأنها لن تميد بي لتقضي بي إلى متاهات مظلمة أجر من كدي وجهدي أذيال الخيبة.. إن إشكالية غياب الفن التشكيلي عن المهرجان تحتاج لتفكير مليّ وتأمل ونظرة موضوعية ولحل بات حتى لا يتكرر ما حدث مرة أخرى في الأعوام القادمة.

وحتى يطل الفن التشكيلي من شرفة تتناسب وهامته السامقة.

* فنانة تشكيلية ورئيسة جماعة الفن التشكيلي بالنادي الأدبي بالطائف


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة