Culture Magazine Monday  02/06/2008 G Issue 250
أوراق
الأثنين 28 ,جمادى الاولى 1429   العدد  250
 
أغلى هدية من معجب الزهراني
أميرة القحطاني

 

 

تحدثت مع الدكتور معجب الزهراني مرتين.. المرة الأولى كانت قبل وصول (فتنة) إلى باريس والثانية بعد وصولها إليه بسلام.

في المكالمة الأولى وفي أثناء حديثه لي قال: (يا بنتي).. قالها دون أن يتنبه لها.. قالها في مجمل حديث لا اذكر منه سوى هذه الكلمة. وكان لهذه الكلمة الصغيرة الكبيرة وقع عظيم في نفسي فالدكتور معجب هو الرجل الوحيد الذي حدثته في حياتي كلها وقال لي (يا بنتي) بالرغم من أنه ليس كبيرا وأنا لست صغيره. حقيقة شعرت بسعادة لم أشعر بها من قبل أو بمعنى آخر لم أشعر بها منذ زمن طويل طويل جدا زمن كنت فيه طفلة.

في الاتصال الثاني الذي كنا نناقش فيه روايتي كنت استمع إليه وهو يحدثني عن نقاط الضعف ونقاط القوة فيها كنت أستمع إليه باهتمام بالغ، وكنت سعيدة بكل كلمة قالها حول (فتنة) سواء كانت هذه الكلمة (مع أو ضد) ومن بين كل تلك الكلمات التي سمعتها كنت أبحث عن كلمة أخرى كلمة قالها لي في مكالمة سابقة.. كنت أصمت وأصغي كلماتي كانت بسيطة وقليلة كنت في انتظار تلك الكلمة السحرية لكنها لم تأت ثم وبعد أن يئست من سماعها وشعرت بأنني أطلت المكالمة أستاذنته منهية حديثي بهذا الاعتذار: أرجو ألا أكون قد سببت لك إزعاجا باتصالاتي. فقال لي بتواضع شديد: لا. لا. لايوجد إزعاج أبدا أنا لدي فلانه وفلانه بناتي والآن أصبحت لديّ بنت ثالثة اسمها (أميرة).

لن اعلق على هذه الجملة الأخيرة لأنها اكبر من أي تعليق قد يكتب ولان إحساسي بها اكبر من أن يوصف فقط أود أن أقول للدكتور العزيز إن تلك الجملة هي أغلى هدية تلقيتها في حياتي وان أية كلمة شكر سأكتبها مهما كان طولها ستكون ناقصة.

وبعيداً عن عطشي الأزلي للأبوة دعوني أدخل في صلب الموضوع وهو ما قاله لي الدكتور الفاضل عن ( أهمية الترحال والسفر في حياة المؤلف أو الراوي ) فهو يرى أن هذا الأمر مهم جدا ويثري عالم الأديب ويجعل عطاءه غزيرا - هكذا فهمت من حديثه - والحقيقة أنا لم أعلق على هذا الأمر حينها لأنني وكما شاهدتم كنت مشغولة بأمر آخر (أهم).

في البدء أود أن أوضح فقط بأنني أتفق تماما مع الدكتور على أن السفر والترحال جزء مهم من حياة الكاتب لكنه جزء غير أساسي وبإمكان الراوي الدخول إلى باطن الأرض والصعود إلى سابع سماء وهو في غرفته ولا أبالغ في هذا؛ فهناك بدائل كثيرة إن كنا نبحث عن البدائل المادية وهي متوفرة في الإنترنت والقنوات الفضائية والمجلات والصحف وغيره.

هذا شيء، الشيء الآخر هو أن الكاتب يستطيع أن يبدع دون الحاجة إلى تلك الأدوات الخارجية.. فقط هي تذكره صغيرة إلى (الداخل) داخل النفس البشرية إلى تلك المساحات الضيقة والشاسعة في ذات الوقت.. هناك حيث العالم الآخر.. عالم (الخيال) والسحر عالم آل (كن) فيكون عالم الأضداد والمتناقضات عالم المعقول واللا معقول.

وربما أكون أنا خير مثال على هذا، فبالرغم من إنني سافرت وشاهدت إلا أنني حين أردت كتابة (فتنة) وكتابة (حكاية رحلة) لم استحضر رحلاتي الغربية أو الشرقية فقط هي رحلاتي الداخلية بكل ما تحمل من تجارب.. كنت أعود إلى الخلف أبحث في داخلي في عالمي (العميق)، أبحث في زوايا معتمة لا يراها أو يصلها غيري.. وحياتي رغم قصرها مليئة بتجارب حقيقية، ولا أبالغ حين أقول بأنني أستطيع كتابة عشر روايات أو أكثر مستعينة بهذه التجارب.

في أحد اللقاءات الصحفية سألتني المضيفة:( بمن تأثرت من الكّتاب؟ قلت لها: لم أتأثر بأحد ). حينها اتصل بي احد الأصدقاء قائلا: ( هذه إجابة فيها الكثير من الغرور والفوقية كان الأجدر بك اختيار أحد الأدباء أو الكتاب حتى لو لم يكن هناك تأثر حقيقي بهم (! قلت له: أين الغرور في أن أكون صادقة؟! أنا لم أتأثر بأحد لأنني وببساطة تأثرت بتجاربي الشخصية.. بواقعي الحقيقي الملموس بمجتمعي المعقد بمحيطي الصعب بمقاومتي لواقع (الحرمة) حتى وإن كانت تلك المقاومة سلمية وذات مردود محدود إلا أنها منحتني خبرة لم تمنحني إياها رحلاتي أو قراءاتي.

وصدقوني، كل إنسان لديه موهبة في أي نوع من أنواع الفنون يستطيع خلق عالمه الخاص ويستطيع خلق المستحيل من هذا العالم.. فقط هو يحتاج إلى (الجرأة) وأعترف لكم بأنني كنت جبانة حين كممت فم بطلتي (فتنة عبدالرحمن) ومنعتها من الخوض في المحظور اجتماعيا حفاظا على اسمي!! كان تصرفاً أنانيا مني في ذلك الوقت، ولو كان للزمن ان يعود لربما تغيرت أمور واستجدت أمور أخرى.. أقول (ربما) ولا تثقوا كثيرا في حديثي!.

*****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة«7904» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- دبي amerahj@yahoo.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة