Culture Magazine Monday  02/06/2008 G Issue 250
ذاكرة
الأثنين 28 ,جمادى الاولى 1429   العدد  250
 

جواثى ومسجدها التاريخي
عبدالله بن أحمد الشباط

 

 

تعتبر منطقة الأحساء أو هجر، أو البحرين قديماً، من أغنى أراضي الجزيرة العربية والخليج العربي بالآثار السومرية والبابلية والإسلامية وحيث إن الحضارة الإسلامية هي أحدث تلك الحضارات وهي التي كتب لها البقاء إلى يومنا هذا فقد بقي الكثير من الشواهد التراثية المنتشرة شمال الأحساء وجنوبها وغربها وشمالها، وكذلك في منطقة القطيف ممتدة شمالاً إلى دولة الكويت، وشرقاً إلى مملكة البحرين (دلمون) أما في الأحساء فقد برز من بين الآثار الإسلامية الخالدة (مسجد جواثى) الذي يعتبر ثاني مسجد في الإسلام صليت فيه الجمعة بعد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة حيث ورد في مسند الإمام أحمد (ثاني جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعة بجواثى في هجر).

وجواثى كانت قاعدة المسلمين أيام الفتح ومنها خرجت وفود عبدالقيس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لاستجلاء حقيقة الدين الإسلامي في بداية ظهوره وحيث إن من مهام وكالة وزارة المعارف للآثار والمتاحف- سابقاً-، فقد قامت بنشر أعداد من البعثات البحثية في جميع أنحاء البلاد خاصة المناطق التاريخية تضم الكثير من الباحثين المتخصصين في التنقيب عن الآثار ودراستها ومعرفة الحقب التاريخية التي تعود إليها وإن كان عليها من الرسوم والكتابات ما يفيد تاريخياً وحضرياً ونشرت العديد من الدراسات والبحوث التي تضمنتها المجلة الحولية للآثار أطلال ومن بين أولئك المهتمين الذين تخصصوا في هذا المجال الدكتور علي بن صالح المغنم وكيل وزارة التربية والتعليم للآثار والمتاحف له العديد من الأبحاث والكشوف الأثرية بالاشتراك مع عدد من المتخصصين نشرت في مجلة (أطلال) الدورية التي تصدرها وكالة وزارة التربية والتعليم للآثار والمتاحف ولما كانت منطقة جواثى ومسجدها لاتزال محل اهتمام المؤرخين والباحثين عن الآثار ورسوم باقية تدل على وجود حضارة عريقة ذات جذور تمتد إلى ما قبل الإسلام وهذا ما حاول الباحث إزالة غبار الغموض عنه بدراسة أسس المباني الباقية وينابيع المياه ومجاريها وقطع الأواني الفخارية والعملات.

وقد استخلص من تلك الكشوف والأبحاث والدراسات التي حفلت بها تلك الظواهر من الآثار الباقية فوضع عنها كتاباً من مجلدين قاربت صفحاتهما 950ص من القطع الكبير تحت عنوان (جواثى ومسجدها) دراسة توثيقية حضارية تاريخية (الأحساء المنطقة الشرقية) وقد تضمن المجلد الأول ثلاثة فصول سبقتها مقدمة تعريفية بموضوع البحث وأهدافه ومنهجه وكيف سارت خطة العمل فيه اعتماداً على الدراسات السابقة واللاحقة منها ما هو دراسات عامة عن الأحساء وما هو دراسات عامة عن الأحساء وما هو خاص بموقع جواثى.

وقد اشتمل الفصل الأول على الإطار الجيولوجي للمنطقة الشرقية عامة وكذلك الإطار الجيولوجي للمنطقة الشرقية (محافظة الأحساء - إقليم هجر من بلاد الحرمين قديماً) والمواقع الأثرية خارج منطقة الأحساء وداخلها وابتداء من الفصل الثاني يأخذ في الحديث عن موقع جواثى مدينة قديمة أسدلت عليها الرمال ستاراً أخفى معالمها وبقيت في محتفظة بعناصر جمالها العريق المتمثل في ذكرها العطر شاهداً من شواهد تاريخ فجر الإسلام في شرق الجزيرة العربية بالكثير من الأهالي يذكرون أن الموقع يضم (رفات) (عدد) من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين جاهدوا في سبيل نشر الإسلام وقتال المرتدين ويعرفون أن مسجد جواثى (ثاني) مسجد صليت فيه الجمعة بعد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الإمام البخاري بسنده عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد عبدالقيس بجواثى ولايزال موقع المسجد معروفا وآثاره باقية حتى اليوم حيث يتوسط منطقة سكنية أقيمت على هضبة متوسطة الارتفاع ويبدو أنها منطقة محمية ومحاطة بسور (أسوة بوضع العواصم في العالم القديم) ولاشك أن دراسة التاريخ الحضاري لمنطقة جواثى تتطلب معرفة الإطار الحضاري للجزء الشرقي من المملكة العربية السعودية حيث توجد آثار موغلة في القدم حيث ذكرت بعض الكتب الكلاسيكية (الجرهاء) وما كانت تتمتع به من ثراء وكان هذا الثراء عامل جذب للقبائل العربية المهاجرة لاستيطان هذا الجزء من الجزيرة العربية حيث عثر على كتابات منقوشة على الصخور تذكر أسماء قبائل عربية من قضاعة كقبيلة بني سعد التي يقال إنها قدمت من تهامة وقد حاول ملوك الساسانيين مد نفوذهم على منطقة الخليج العربي في عهد اردشير بن بابك عام (226م) ثم وفدت إليها القبائل العربية (عبدالقيس وأحلافها) واتخذتها قاعدة لها وبعد الإسلام أصبحت مركز للدعوة الإسلامية وعاصمة لشرق الجزيرة العربية.

أما موقفها فيحدثنا الدكتور علي المغنم من منطلق دراسته الأكاديمية وخبرته وممارسته لعمليات التنقيب عن الآثار فيقول:

جواثى مدينة قديمة أسدلت عليها الرمال ستارا أخفى معالمها وبقيت في جذورها محتفظة بعناصر جمالها العريق المتمثل في ذكرها العطر شاهداً من شواهد تاريخ فجر الإسلام في شرق الجزيرة العربية فالكثير من أهالي الأحساء يذكرون أن الموقع يضم (رفات) صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين جاهدوا في سبيل نشر الإسلام وقتال المرتدين ويعرفون أن مسجد عبدالقيس (ثاني) مسجد صليت فيه الجمعة بعد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولايزال موضعه معروفاً وآثاره باقية للعيان حتى اليوم حيث يتوسط منطقة سكنية بنيت على هضبة متوسطة الارتفاع ويبدو أنها منطقة محمية ومحاطة بسور ولهذه الأهمية استمر اسم جواثى يطلق على منطقة واسعة غطتها الرمال وبقيت مهجورة حتى بدأت أعمال حجز الرمال في بداية عام 1382 هـ - 1962م.

(وأود أن أضيف إلى ما ذكره المؤلف أن هذا الموقع كاد أن ينطمس بفعل التسوية وإزالة الرمال لولا جهود المهندس مسعود التاجي، مدير فرع وزارة الزراعة آنذاك حيث أمر بإزالة كل العوائق والرمال التي كادت تطمس معالم مسجد جواثى).

وقد شملت أعمال حجز الرمال تسوية موقع جواثى وردم الطريق الرئيسي بين (قرية) الكلابية إلى المسجد وتنظيف عين (أبي هريرة) وتدعيم أساسيات بناء مسجد جواثى العلوي وبناء المصطبة.

وهذا الكتاب كما ذكرت كبير يتكون من 950ص من القطع الكبير مزود بالعديد من الخرائط والرسوم والإحداثيات والمجسات المستخدمة في أعمال التنقيب ويحتوي البحث في الحياة الفطرية بجواثى على أعمار النباتات التي تغطي تلك السهول وأسماء الطيور المستوطنة إلى جانب بعض الحيوانات مثل الثعالب والجرابيع والخفافيش والسحالي وبعض أنواع الثعابين.

كما أثبت بالدراسة المصطلحات المستخدمة في الدراسة ومن المصطلحات: مصطلحات العمارة وأنظمة الري واشتمل المجلد الثاني على ملاحق إيضاحية لكل ما اشتملت عليه الدراسة إلى جانب الصور المأخوذة من الجو والرسوم البنائية والخرائط الفنية وقد لاحظت أن بعض الصور تمثل لوحات فنية غاية في الجمال والواقع أن منطقة جواثى ومسجدها ذلك الأثر الإسلامي الخالد جديرة بالدراسة والاهتمام من كل المختصين في دراسة الآثار والمعالم التاريخية التي تشهد بعراقة المكان وأهمية من الناحية التاريخية والناحية الجغرافية.

إن منطقة جواثى وهي مدينة قديمة تعتبر إحدى شواهد تاريخ فجر الإسلام في شرق الجزيرة العربية حيث يضم رفات عدد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معالم هذه المدينة والقاعدة الإسلامية مسجد جواثى المار ذكره سابقاً ومعرفة عين أبي هريرة التي تم تنظفيها وإزالة الأتربة من فوهتها وعن جوانبها في 26 رمضان 1384هـ الموافق 27 يناير 1965م.

ولاشك أن المؤلف وهو الباحث المتمكن في دراسة الآثار حيث أمضى شطرا لا يستهان به من عمر عام حتى الآن وهو يبحث ويغضب في الأماكن الجديرة بأن تكون منطقة من معالم الحضارة الإسلامية وما قبلها، فلا يترك شاردة ولا واردة سواء كانت قطعاً فخارية أو عملة نقدية وما عليها من كتابات ورسوم ذات دلالة تاريخية حتى يستخلص فحواها بتقديمها للقارئ مع ما يلزم لإيضاحها من بيانات وصور ورسوم إيضاحية مع تحديد الأمكنة التي عثر فيها على تلك الإشارات الواضحة بوجود مناطق استيطانية إسلامية أمكن تدارك البقية الباقية منها حتى لا تمحى وتلك الآثار سواء كانت كبيرة أو متناهية الصغر ذات قيم تاريخية تصور الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في عصور مضت وهذا ما يود الباحثون في المثيولوجيا التاريخية معرفته والاطلاع عليه إلى جانب القيمة السياحية التي تقدم للسواح صوراً عن الحياة والعمران في منطقة ما من العالم لإزالة ما لحق بتاريخها من تشويه وطمس للحقائق وعلى كل فإن الحديث حول هذا الموضوع ليس له حد ولن أستطيع إلا أقدم للمؤلف الدكتور علي المغنم ما يستحقه من الثناء والإشادة بجهده المشكور.

وقد لاحظت أن المؤلف كرر في كل بحثه اسم - جواثى - بالألف المقصورة، بينما مؤلف تاريخ هجر، عبدالرحمن الملا في صفحة 1-153 استعمل اسم جواثا، بالألف الممدودة وقال عن ذلك.. قال ياقوت في معجم البلدان ص 2- 174

جواثا بالضم وبين الألفين ثاء مثلثة، يمد ويقصر وهو علم مرتجل لحصن لعبدالقيس بالبحرين ورواه بعضهم جواثا بالهمزة فيكون أصله من جثث إذا فزع فهو مجؤوث أي: مذعور ومما قاله أيضاً: وكانت جواثا مركزاً هاماً ومنبتاً لأجود أنواع (التمور)(1) (وأطيب النخيل) وأعتقد أن مؤلف كتاب تاريخ هجر أراد أن يقول (منبتاً لأجود النخيل التي تنتج أطيب أنواع التمور) وقد وددت من الدكتور علي أن يورد هذه العبارة في سياق المقدمة ثم يبدي ما يؤيد صحة استعمال الاسم الذي اختاره ولا أزال أكرر تقديري لهذه الدراسة المستوفية لشروط البحث العلمي المحكم.

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7699» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- الخبر


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة