Culture Magazine Monday  24/11/2008 G Issue 262
فضاءات
الأثنين 26 ,ذو القعدة 1429   العدد  262
 

الممثل البطل
فهد رده الحارثي

 

 

الصورة الأولى :

في اليوم الأول حضرنا متأخرين بعض الشيء: المخرج، المؤلف، معد المؤثرات الصوتية، الضوئية، الديكورية، الكل حضر متأخراً، ما عدا الممثل الذي لم يحضر بحثنا عنه في كل مكان ولكنه كان خارج الخدمة فلم نجده في كل مكان بحثنا عنه فيه، قررنا أخيراً أن ندخل المسرح ونجهز كل شيء ريثما يحضر.

عندما دخلنا مع بوابة المسرح وجدنا الممثل أمامنا، يتحرك بخفة ورشاقة على خشبة المسرح يبحث عن تفاصيلنا على خشبة المسرح، كان يعي كل ما حوله ولم يكن واضحاً تماماً أنه في حاجة ماسة لنا.

الصورة الثانية:

في اليوم التالي حضرنا مبكرين قليلاً، دخلنا فوراً إلى المسرح لم نجد سوى صمت الخشبة يلامسنا، حاولنا تحريكها قليلاً بالصوت بالإضاءة، لم نتمكن من عمل شيء له قيمة.

بدأ الملل يترنح في دواخلنا، انتظرنا أكثر، قلقنا أكثر.. تكلمنا في كل شيء، ناقشنا أشياء كثيرة لم نصل إلى شيء.

الوقت يمر، ونحن دون عمل.

قررنا أخيراً الانسحاب فلم يعد لدينا ما يمكن عمله..

الصورة الثالثة :

حسناً غاب المؤلف.. غاب المخرج.. غابت الإضاءة.. الصوت.. المؤثرات.. الملابس، الديكور، وكان لدى الممثل ما يقدمه كان وحيداً يتراقص بخفة على خشبة المسرح ، يتلذذ بكل تفاصيلها وتتلذذ بكل حركاته وصوته ومشاعره وفي المقابل حضر المؤلف والمخرج والإضاءة والصوت وكافة مستلزمات العمل المسرحي ولم يكن لدينا ما نقدمه دون هذا الممثل ، لأن هذا الكائن الأسطوري الذي يدعى الممثل كان له الحركة وكان لنا السكون ، وكان له الفعل وكان لنا الاسم.. هل نحن مقيدون به أم أنه المقيد بنا؟

صورة على صورة :

لا زال للممثل الدور الأكثر على خشبة المسرح، وبالتالي لا يمكن اعتباره مجرد عنصر فقط من عناصر العمل، إن في ذلك ظلما كبيرا له ولدوره الارتكاز ولا يجب أن يُهمش دوره، هل يكفي أن نقول إنه الشريك الأكبر في اللعبة المسرحية، لاأعتقد فهذا الممثل الكائن الخرافي المدهش الذي يحيلنا من عالم إلى عالم ، هذا الذي يضحكنا في لحظة، ويبكينا في لحظة أخرى، هذا الذي يحيل كلمات المؤلفين إلى حياة كاملة وإلى كائنات كانت مجرد حروف في كلمة وكلمات في جمل وجمل في عبارات تحية لك أيها الكائن الأسطوري الخرافي الذي نسميه الممثل.

وأترك لكل عامل مسرحي حرية إكمال الصورة بعد أن يعي هذه الصورة تماماً ويفكر هل هنالك مسرح يمكن أن يقوم دون ممثل؟

الصورة الأخيرة :

- للممثل الركيزة الأولى في العمل المسرحي لذلك الكائن الخرافي العجيب ألف تحية على دوره الرائع ، وأمل أن لايكون هذا الموضوع دافعاً لبعض الممثلين للتمرد على الكائنات المسرحية التي تعمل من أجله بحجة أنه القيمة الأولى في العمل ، بل إني أتصور أن عكس ذلك يجب أن يحدث من خلال معرفة هذا الممثل بالدور الذي يلعبه والواجبات التي تركض خلفه لزيادة التدريبات والاشتغال على نفسه لتطوير كل مفرداته وتقديم نفسه بدور القيمة الأولى تعاملاً وخلقاً وعملاً.

مؤلف مسرحي سعودي الطائف


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة