Culture Magazine Monday  24/11/2008 G Issue 262
تشكيل
الأثنين 26 ,ذو القعدة 1429   العدد  262
 

من الحقيبة التشكيلية
لم تتجاوز مرحلة التكرار والاستنساخ
الإصدارات التشكيلية المحلية غالبيتها عن السيرة الذاتية وصور الأعمال

 

 

إعداد: محمد المنيف

منذ أن وعت عيني على الفن والتحاقي بمعهد التربية الفنية في بداية السبعينات الميلادية التسعينات الهجرية وأنا أبحث عن كل ما له ارتباط بهذا الإبداع من كتب أو مقالات عبر الصحف التي كنت أقتطع منها الصفحات التي تشتمل على لقاءات أو قراءات لأعمال فنانين عرب منها مجلات لبنانية مثل الصياد والأسبوع العربي وأخرى مصرية مثل المصور وآخر ساعة ومجلة العربي الكويتية إلى أن حظيت بكتاب عن الفنان ليوناردو دافنشي من أستاذي عبد الله الحيدر الذي كان معلمي في المرحلة المتوسطة إضافة إلى ما كنا نستعيره من مكتبة المعهد في ذلك الوقت للاستفادة منه كمرجع للبحث الذي نكلف بإعداده في السنة النهائية من المعهد، بعد ذلك اتسعت دائرة الحاجة لمثل هذه الكتب فكنت كما كان غيري من الزملاء المهتمين بالثقافة التشكيلية التي كانت الكتب والمجلات أهم مصادرها مع شحها ونقص وجودها في المكتبات نلجأ لجلبها من الدول التي نزورها ونحظى من مكتباتها التجارية بالكتب المترجمة عن الفنانين العالميين وبعض الفنانين العرب مع ما نزود به من الأصدقاء في دول عربية تهتم مؤسساتها الثقافية والإعلامية بالفنون التشكيلية منها العراق وسوريا ومصر تبع ذلك عدد من دول الخليج في مقدمتها الكويت والبحرين.

سيرة ذاتية وصور لوحات

لم يكن وجود الكتاب التشكيلي سائرا بشكل متواز مع تحرك الساحة التشكيلية المحلية التي تتسارع فيها أعداد الفنانين وتتكاثر البرامج والمناسبات والمشاركات المحلية والدولية إذ كان بطيئا وشبه معدوم سوى من إصدارات أو كتيبات خاصة للمعارض والمسابقات لا يتعدى مضمونها أسماء و صور لوحات المشاركين في تلك المعارض أصبحت عبئاً على ميزانية المعارض ولم يعد لها قبول عند التشكيليين نتيجة العديد من الأسباب منها سوء الطباعة لبعض تلك الكتيبات ورداءة الإخراج، تبع ذلك بعض الإصدارات التي تعد جديدة لي الساحة منها إصدار توثيقي من إعداد الزميل عبدالرحمن السليمان ضمن إصدارات الرئاسة العامة لرعاية الشباب قبل انضمام هذا الفن لوزارة الثقافة والإعلام تضمن الإصدار قراءات عن تجارب بعض الفنانين رافقها صور لنماذج من أعمالهم ومدخل أو مقدمة تناول فيها السليمان ملامح من مسيرة الفن التشكيلي اشتملت على كيفية تشكل هذا الفن ابتداء من المدارس مروراً بالأفراد وصولا إلى الجهات الرسمية جمع مادته من مصادر متعددة مضيفا رأيه ومشاهداته، كما قامت جماعة ألوان بطباعة إصدار بعنوان (اللون وتقنياته) من تأليف هانز شوارتز وترجمة المبدع تشكيليا وأدبياً الفنان عبد الجبار اليحيا تضمن الاصدارالكثير عن اللون وفلسفته، كما اصدر الحرس الوطني عام 93م - 1413هـ كتابان من إعداد الدكتور محمد الرصيص والدكتور صالح الزاير أحدهم جمع فيه أوراق العمل المقدمة في أول ندوات تشكيلية أقيمت عن الفن التشكيلي في مهرجان الجنادرية تبعها إصدار مماثل عند الندوات التي أقيمت عام 1413هـ من إعداد الدكتور محمد الرصيص، وكتاب آخر رصد فيه معارض الفن التشكيلي بالجنادرية إلى أن وصلت الإصدارات إلى الكتب أو المطبوعات التي تتعلق ببحوث ودراسات منها ما قام به د. صالح الزاير الأستاذ المشارك بالقسم من نشر عدد من الكتب الفنية وصدر له مؤخراً كتاب (سبك المعادن في الفنون التشكيلية) مع ما يعده لكتاب قادم بعنوان (التشكيل بالطين) إضافة إلى نشر بعض طلاب الدراسات العليا رسائل ماجستير تصب في نفس المنحى وتكمل يعضها البعض منها رسالة الماجستير لسهيل الحربي وثلاثة إصدارات للكاتبة والناقدة مها السنان، مع الكثير من الإصدارات التوثيقية في مختلف المناطق كل هذا التنوع لا يحقق إلا جزء مما يطمح إليه التشكيليين والمثقفين مقارنة بما يرى على المستوى الخليجي والعربي.

استنساخ وتكرار

ما ذكرناه سابقا من نماذج للإصدارات التشكيلية التي يرى الكثير أن القليل منها مناسب والبقية لا تستحق الاقتناء نتيجة رداءة الطباعة وفقر المضمون مع ما نتوقعه من إضافة إصدارات قادمة تعتمد على التكرار والاستنساخ من سابقاتها وإن اختلفت فلن تتجاوز حدود نوعية الورق أو كيفية اختيار الأسماء ولن يتعدى توزيعها حدود الأصدقاء، كل ذلك يتم في ضل غياب التألف الحقيقي للكتب التشكيلية التي أصبحت اليوم رمزاً وشاهداً على رقي وعي المؤلفين والكتاب في كثير من الدول الخليجية والعربية انتقيه مواضيعها بعناية وبعد نظر حملت عناوين عميقة في فكرتها ترسم خط سير الإبداع وتقرب المسافة بين العمل الفني وبين القلم مزج فيها الحس الأدبي بأبعاد مفهوم العمل التشكيلي فأصبحت مطلوبة في معارض الكتاب ومن المثقفين.

إصدارات عربية... مثال

دعونا نستعرض عناوين بعض الكتب المتعلقة بالفنون التشكيلية وثقافتها التي صدرت من بعض المؤسسات الرسمية أو دور النشر العربية والتي حظيت مكتبتي بعدد منها أبدأها بكتاب بعنوان (مساهمات في الأدب التشكيلي) للفنان صلاح حسن عبد الله، وكتاب (التذوق الفني ودور الفنان والمستمتع) وكتاب (البحث في جوهري التفاني بين الأنا والآخر للفنان العراقي شاكر آل حسن) وكتاب (مفاهيم في الفن والجمال) و(الفن وعالم الرمز) للدكتور محسن محمد عطية وكتاب (من التأسيس إلى الحداثة في الفن التشكيلي العربي المعاصر) للمؤلف محمد أبو زريق وكتاب (الواقعية والتجريد في الفن) للدكتورة وسماء الأغا إضافة إلى مجموعة أخرى لا يتسع المجال لسردها منها ما يزيد على العشرين كتابا من إصدرات دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة التي تحمل العديد من العناوين منها على سبيل المثال (غنائية الفن في زمن المتغيرات للناقد الفنان عمران القيسي) وكتاب (خرافة الخصوصية في التشكيل العربي للناقد شاكر لعيبي) وكتاب (للفنان الناقد طلال معلا الفن الفطري في التشكيل العربي).

هذه العناوين تستحق الوقوف والتأمل إضافة إلى ما سيجنيه القارئ التشكيلي المثقف من كنوز المعرفة التي تدفعه لمكتسبات تعده لفهم ما هو عليه وماذا يعني ما يقدمه من إبداع.

ومن المؤسف أن نجد تلك العناوين تملأ أرفف المكتبات الخليجية بينما لا نجد في مكتبتنا سوى كتب تعليم الرسم وزخرفة الحناء.

دور النشر والكتاب التشكيلي

قد يضع البعض اللوم على دور النشر التي تدفع بمختلف الكتب إلى المكتبات مع بداية كل موسم وتتزاحم على موقع لها في معارض الكتاب، وهذا اللوم أو العتب لا مجال للاختلاف عليه فالكتاب التشكيلي له من الأهمية الفكرية والثقافية ما ينافس كتب الطبخ وكتب تفسير الأحلام أو الروايات المترجمة لكن الأمر يتعلق بالتسويق والعرض والطلب كما قال لي أحد الأصدقاء من ملاك دور النشر النشطة في الرياض بعد أن طلب مني إعداد كتاب عن التربية الفنية بحيث يشتمل على نموذج للتحضير وبعض الأفكار كما يسميها التي يمكن تنفيذها في الحصص التربية الفنية ولم أقبل هذا العرض رغم إغرائه المادي لعدم قناعتي بالفكرة وخلال حواري معه ومحاولة إقناعي له ببعض العناوين قال بكل صدق إن مثل هذه الكتب لا تؤكل عيش مشيراً إلى قائمة أكثر الكتب تسويقا لديه فوجدتها أما روايات أو كتب الأسرة والديكور والمكياج والعلاج بالأعشاب وتفسير الأحلام والطبخ، من هنا نعود للقول أن هذه الدور لا يعتمد عليها في الارتقاء بالفكر والذائقة خصوصا في مجالنا التشكيلي ويبقى دور المؤسسات الثقافية أو المؤسسات ذات العلاقة بهذا الفن ومنها الجمعية السعودية للفنون التشكيلية التي وضعت هذا التوجه على قائمة اهتماماتها مما يعني تغيير وجه التأليف لفن الشكيلي من مرحلة الكتلوجات إلى الكتاب الثقافي.

monif@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة