Al Jazirah Magazine Tuesday  17/04/2007 G Issue 215
الملف السياسي
الثلاثاء 29 ,ربيع الأول 1428   العدد  215
 

شبح الحرب الأهلية يدفع العراقيين
إلى الترحيب بالأمريكيين!

 

 

* إعداد - أشرف البربري

يبدو أن ظهور شبح الحرب الأهلية بقوة في العراق يمكن أن يعيد رسم الخريطة الأمنية على الأرض في العراق في ظل اتجاه قطاع من العراقيين إلى دعم الجهود الأمريكية الرامية إلى توفير الأمن في العاصمة بغداد ما دام البديل هو الحرب الأهلية التي لن تبقي ولن تذر.

وقد نشرت صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية تقريراً عن الإستراتيجية العسكرية الأمريكية الجديدة دون أن تتحدث عن احتمالات نجاحها أو فشلها.

تقول الصحيفة: وقف عدد من جنود الكتيبة الرابعة من الفرقة الأولى مشاة من القوات الأمريكية في العراق يؤدون التحية العسكرية لجثمان أحد زملائهم القتلى أثناء نقله إلى داخل إحدى المروحيات طراز بلاك هوك في واحدة من ليالي بغداد غير

المقمرة. وكان هذا الجندي واحداً من ثلاثة جنود أمريكيين لقوا حتفهم في انفجار عبوة ناسفة بعد أربعة أيام فقط من قيام سريتهم بإنشاء نقطة عسكرية في حي العامل بمدينة بغداد.

قوة جديدة

وهؤلاء الجنود كانوا جزءاً من القوة الأمريكية الجديدة التي وصلت منذ أسابيع إلى العراق بهدف تنفيذ خطة أمن بغداد.

بالنسبة لهؤلاء الذين أدوا التحية العسكرية للمروحية المغادرة التي تحمل جثمان الجندي القتيل فإن تزايد أعداد القتلى الأمريكيين يكشف عن المخاطر الهائلة التي ينطوي عليها زيادة معدل الدوريات العسكرية التي تقوم بها القوات الأمريكية في المناطق الحضرية في إطار خطة تأمين بغداد.

وهذا الاتجاه الجديد لتكثيف الدوريات الأمريكية يمثِّل تغييراً للمنهج السابق الذي تنبته القوات الأمريكية خلال الفترة الماضية ويقضي ببقاء الجنود الأمريكيين في قواعد عسكرية محصنة خارج الكتل السكنية والاكتفاء بمجرد دوريات عارضة.

ولكن النقاط العسكرية في أحياء العاصمة بغداد أصبحت جزءاً أساسياً من السياسة الأمنية الأمريكية الجديدة في العراق والتي تهدف إلى الحد من العنف الطائفي بين العراقيين في بغداد وإقناع السكان ببطء بأن القوات العراقية وبخاصة عناصر الأمن الوطني إنما تهدف إلى خدمة العراقيين وكذلك إقناعهم بعدم التعاون مع الجماعات المسلحة.

تحديات متعددة

وتواجه القوات الأمريكية تحديات متعددة. فعلى الجنود الأمريكيين حماية أنفسهم من السيارات المفخخة ونيران القناصة والعبوات الناسفة والألغام شديدة التعقيد والانفجار. وعلى الجنود الأمريكيين العمل كرجال شرطة ووسطاء في بيئة محلية

شديدة التعقيد في الوقت الذي يحاولون فيه تهدئة العنف الطائفي. كما أنه على الجنود الأمريكيين العمل جنباً إلى جنب مع القوات العراقية التي ما زالت تحتاج إلى وقت طويل لكي تتمتع بالولاء للدولة والانضباط والأهم من ذلك كله بالرغبة في قيادة المعارك رغم ما حققته هذه القوات العراقية من تقدّم طفيف خلال الفترة الماضية.

فقبل منتصف الليل بقليل وفي أحد الأيام قام جنود من السرية الأولى بالكتيبة الرابعة من اللواء 28 مشاة بوحدة ألفا الأمريكية بالتحرك. كانت عشرات الجرارات والدبابات والشاحنات التي تحمل كتلاً خرسانية ارتفاعها عشرة أقدام وأسلاكاً شائكة وتمر في شوارع تخلو من المارة في اتجاه حي العامل وضاحية الجهاد القريبة منه ببغداد. وكلتا المنطقتين توجدان في الجانب الغربي من العاصمة العراقية إلى الجنوب مباشرة من طريق المطار الذي يشهد عدداً كبيراً من عمليات إطلاق النار وتفجير العبوات الناسفة المميتة ضد الدوريات الأمريكية. كانت وجهة وحدة ألفا هي نادي أبو جعفر المنصور الرياضي وملعب لرياضة الجودو في

حي العامل. وكان المكان قبل الغزو

الأمريكي للعراق عام 2003 قاعة للأفراح ونادي اجتماعي مملوك لحراس شخصيين للرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

وقد هدمت إحدى الدبابات جزءاً من السور الخارجي للمبنى في الوقت الذي نزل

فيه الجنود الأمريكيون من سيارتهم المصفحة طراز همفي وبدأوا تنفيذ خطة دقيقة ومتزامنة لتأمينه. أما العراقيون الذين كانوا يتولون الإشراف على النادي انتظاراً لقدوم الأمريكيين، حيث كانوا

يعرفون أنهم سيأتون ولكن لم يكن لديهم أي فكرة عن موعد وصول القوات الأمريكية على وجه التحديد فقد تركوا أسرتهم ليرحبوا بالجنود الأمريكيين.

ولكن ومع بدء تنفيذ الخطة الأمنية لحكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في صيف 2006 عاد مسلحون أغلبهم موالون للزعيم مقتدى الصدر في مطاردة الأسر السنية في حي العامل بهدف طردهم من منازلهم وهو الأسلوب الذي حظي بدعم مباشر وغير مباشر من عناصر شيعية في الشرطة العراقية على حد قول جواد كاظم أحد العاملين في نادي أبو جعفر المنصور.

ورغم أن كاظم شيعي فإنه يفخر بالوقوف إلى جوار أي شخص من سكان حي العامل سواء كان شيعياً أو سنياً لأنه ولد وعاش وما زال يعيش في هذا الحي. وقد فقد بالفعل أحد أشقائه وابن عمه عمره 16 عاماً في العنف الطائفي.

وعندما انتصف اليوم بدأت الروافع تثبت الكتل الخرسانية في منتصف الشارع الواسع خارج النقطة العسكرية الأمريكية الجديدة لتفصلها عن صف المنازل المواجهة للنادي. وقد خرج محمد جاسم إلى باب منزله ليحدق في المشهد الجديد، حيث لوح له جنديان أمريكيان.

وكان في البداية متردداً قبل أن يقترب من الجنود ويقول لهم: (نرحب بوجودكم فهذا على الأقل سوف يشجع الأسر التي تركت منازلها على العودة. فنحن متحابون ومسالمون) في الوقت الذي خرج جاره سرحان عباس وأطفاله الثلاثة

أمام المنزل. وبعد الظهر وصل عدد من جنوب كتيبة الحرس الوطني العراقي المكلفة بتأمين المنطقة

إلى النقطة العسكرية، حيث كانوا يستقلون شاحنة خفيفة مطلية باللون الأخضر المميز للمركبات العسكرية في العراق.

وسأل الملازم عباس علاوي الليفتنانت مايك شير من وحدة ألفا الأمريكية لماذا جاءوا إلى المنطقة وإلى متى يعتزمون البقاء فيها.

وقال شير (نحن هنا لمساعدة الناس من أجل الذهاب إلى أعمالهم ومدارسهم. وسوف نستمر لفترة من الوقت). ولكن الملازم علاوي رد عليه بالقول (حسناً إذا كان هذا سيكون موقفك الدائم هنا فنحن سنترك لك تحمل مسئولية الأمن في هذه المنطقة ونتجه لتولي الأمن في أي مكان آخر). ولكن شير رد عليه بالقول (لا نحن نريد منكم البقاء هنا).

تعاون عراقي - أمريكي

يقول المسئولون الأمريكيون والعراقيون إن هذا هو ما يجعل الخطة الحالية لتأمين بغداد مختلفة عن الخطط السابقة التي فشلت، حيث إن القوات الأمريكية والعراقية ستعملان معاً من أجل تطهير المناطق المضطربة وتبقى فيها لفترة طويلة.

ومنذ بدء تنفيذ خطة تأمين بغداد الجدية أقيمت نقاط عسكرية أمريكية وأمريكية بالإضافة إلى مراكز أمن مشتركة في أحياء بغداد التسعة. تقوم المراكز الأمنية التي تضم ممثلين للقوات الأمريكية والقوات والشركة العراقية يقوم بمهام التخطيط والدعم أكثر من أي شيء آخر.

يقول الكولونيل ريك جيبس قائد الكتيبة الرابعة الذي وصل إلى حي العامل لتفقد رجاله إن الكثير من النقاط العسكرية سوف تتحول في وقت لاحق إلى مراكز أمنية مشتركة. وقد أقيمت بالفعل حتى الآن أربعة مراكز أمنية مشتركة وخمس نقاط عسكرية في منطقة عمل الكتيبة الرابعة بحي الرشيد الذي يتضمن العديد من المناطق الساخنة مثل الدورة. وأضاف أنه سيتم إنشاء أربع نقاط عسكرية جديدة في الفترة المقبلة.

ورداً على سؤال عن العدو الذي يواجهه رجاله في حي العامل قال الكولونيل جيبس (هناك العديد من الجماعات منها عناصر من إيران وعناصر من جماعة جيش المهدي وهناك (جماعة جيش المهدي) وجماعة جيش المهدي شريرة. وهناك جماعات تعمل لمصلحة أي طرف).

ويضيف جيبس أن هناك مجموعات تمثّل (النواة الصلبة) للمسلحين. وهذا ما يفسر مستوى تعقيد الواقع الذي يواجهه الجنود الأمريكيون وهذا ما يجعلنا نحتاج بشدة إلى ثقة السكان العراقيين لأنهم في هذه الحالة سوف يقولون لنا إن هؤلاء الأشخاص طيبون وهؤلاء أشرار.

ومع اقتراب مساء أول أيام القوة الأمريكية في حي العامل قرر جنود السرية الأولى من اللواء 18 مشاة القيام بدورية. كانت هذه الوحدة تقوم بدوريات في حي العامل من قبل ولكن دون أن يكون لها وجود دائم به. ويقول السيرجنت نيقولاس مورتن إنه موجود في العراق منذ أكتوبر الماضي ومع ذلك لم يفهم حتى الآن طبيعة الصراع بين الشيعة والسنة وكيف يدار في حي العامل. ودخلت الدورية إلى أحد الشوارع الجانبية، حيث وقع انفجار ضخم وارتفعت ألسنة اللهب في الهواء. وللحظات ساد الصمت في السيارة الهامفي التي يركبها السيرجنت ثم جاء الإرسال عبر جهاز الاتصال اللا سلكي يقول (لقد اصطدمنا بعبوة ناسفة). وأدى الانفجار إلى تدمير جزء من جنزير الدبابة برادلي ولكن لم تقع أي إصابات وقرر الجنود العودة إلى النقطة العسكرية. يقول أحد الأشخاص ويبدو أنه جندي كان داخل الدبابة التي أصيبت بالانفجار، إن الإنسان يحتاج إلى قدر كبير من الصلابة حتى يواجه هذه المخاطر.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة