الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 19th November,2002

الثلاثاء 14 ,رمضان 1423

الإعلان.. الإعلان..!!
تعتمد الكثير من الفضائيات والصحف العربية في جزء كبير من إيراداتها على حصتها من الإعلان في سوق المملكة..
إنها تنافس الصحف السعودية والتلفاز السعودي على هذه «الكعكة» وربما حصلت مجتمعة على الجزء الأكبر من ميزانية الإعلان الذي يخاطب المستهلك السعودي.
***
هناك خلل كبير وثغرات واضحة في أنظمتنا، سمحت بهذا الاختراق وبمثل هذه الظاهرة، ولا يبدو ان هذه المنافسة غير المشروعة مدرجة في صلب اهتمام جهات الاختصاص، أو أنها تأتي ضمن أولويات الجهات المتضررة من حيث توفير أسس المعالجة الصحيحة لها..
***
إن فتح سوق الإعلان المحلي للضخ منه على وسائل إعلامية خارجية دون ضوابط ودون وجود مبدأ المعاملة بالمثل، لا يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني ولا يخدم التوجه العام نحو تطوير وسائلنا الإعلامية المحلية..
لهذا وجب التذكير بضرورة فتح ملفات هذا الموضوع ودراسته والبحث في خفاياه، للوصول الى نتائج تسهم في خدمة الإعلام السعودي في مرحلة بالغة الأهمية تتطلب حضور الإعلام السعودي بشكل أفضل مما هو عليه الآن..
***
إن صحيفة مثل البلاد وأخرى مثل الندوة وربما صحف أخرى لا تكاد تحصل على ما يغطي ولو رواتب العاملين فيها من الإعلان المحلي، مع أن هاتين الصحيفتين بمستواهما الجيد تمثلان تاريخاً مهماً حين يكون الحديث عن تاريخ الصحافة في المملكة، لكن المنافسة غير المتكافئة مع وسائل إعلام غير سعودية على الإعلان حالت دون وصوله الى أي من الصحيفتين..
***
هذه الحالة تحتاج الى مزيد من الدراسات، والى كثير من العمل، بغية معالجة هذا الوضع الذي لا يستقيم مع طموحاتنا ورغباتنا في إعلام سعودي ناجح.


خالد المالك

«العد التنازلي لغزو العراق»
النفط «محرك» تفكير العسكريتارية الأمريكية
واشنطن: «بصراحة» لا شيء غير البترول!!

* مجلة الجزيرة خاص:
القضايا الساخنة في الساحة هي جزء من الهم الجمعي لسكان المعمورة، فالترابط عضوي بين ما يجري هنا وهناك، ومن الصعب تماماً تجاهل جزئية تشهدها القرية الكونية طالما ان لها انعكاساتها المحتملة على الآخرين بشكل أو بآخر.
واستشعارا لضرورة مواكبة بعض القضايا المؤرقة التي تستحوذ على الاهتمام، خصوصا تلك التي تحمل مؤشراتها تداعيات حتمية بما يتطلب مراقبتها ودراستها وتمحيصها تشرع «مجلة الجزيرة» بدءاً من هذا العدد في إفراد هذه المساحة لنماذج من تلك القضايا، سعياً لتقديم بعض ما قد يخفى على القارئ من خلفيات، ورغبة في استشعار الاحتمالات المستقبلية وفقا لمنهجية علمية، فنسهم من ثم في التنوير بما يجري حولنا ونشارك في إعداد مساحات أرحب من الوعي الذي يساعد في قراءة المستجدات برؤى أكثر عمقاً.
و«مجلة الجزيرة» وهي تشرع بابها أمام هذه القضايا.. تستهل سلسلتها بأكثر الملفات سخونة في الساحة.. ألا وهو الملف العراقي، حيث تتداخل مفاهيم الحرب والسلام، وتختلط مواقف المواجهة والتصالح، وتتصارع الإرادات في سباق المصالح والمنفعة، وتتعدد تبعا لذلك سيناريوهات الحاضر والمستقبل تجاه امن المنطقة بل وأمن العالم ككل.
انها إطلالة على ما يجري لنا وعلينا وحولنا، عسى ان تؤتي ثمراتها بما يفيد القارئ، فتكون «إضافة» تثري صفحات المجلة، وتنمي من الرصيد المعرفي تجاه الأحداث في عالم يضطرم بالملفات المقلقة، تحسباً من تداعياتها التي لن تستثني أحداً عند تفجرها وانهمار محتويات براكينها.
على الرغم من موافقة العراق على القرار 1441 الجديد الصادر عن الامم المتحدة بعد مخاض عسير استغرق عدة اسابيع إلا ان المراقبين السياسيين يرون ان استعدادات إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش لضرب العراق الآن قد وصلت إلى مرحلة متقدمة.
وفيما يرى المحللون ان القرار الجديد الذي قبلت به بغداد بناء على تطمينات عربية وغربية لا يبعد عنها شبح الحرب فانهم يذهبون إلى ابعد من ذلك بالقول ان من المحتمل أن يبدأ القصف الجوي للعراق خلال الأسابيع القليلة القادمة على أن يبدأ الغزو البري مع مطلع العام القادم، فقد تم نقل المزيد من القوات الأمريكية إلى منطقة الشرق الأوسط كما تم نقل مراكز القيادة والسيطرة أيضا في حين تكثف الطائرات الأمريكية والبريطانية حاليا قصفها لمواقع الدفاع الجوي والراداد المعدودة التي ما زالت لدى العراق، على الرغم من صدور قرار من مجلس الامن حول عودة المفتشين إلى العراق، فإن المؤسسة العسكرية الأمريكية تدرك تماما أن مسألة الهجوم على العراق سوف تمضي كما هو مخطط لها، وأن غزو هذه الدولة سيتم على أقصى تقدير خلال الأسبوع الثاني أو الثالث من شهر فبراير القادم، والمرحلة الأخيرة في الإعداد لحرب العراق هو البحث عن مبرر أو ذريعة لضربه، لذلك فإن الولايات المتحدة نجحت مع مجلس الأمن الدولي في إصدار قرار يدعو إلى بدء عمليات التفتيش على الأسلحة العراقية على الرغم من أنه على العكس تماما يجعل من بدء عملية التفتيش واستمرارها مسألة تقترب من الاستحالة مما يوفر لأمريكا المبرر الذي تنتظره لبدء عمليتها العسكرية، عندما أعلن العراق في شهر أكتوبر الماضي أنه سيسمح للمفتشين الدوليين بالعودة إلى العراق وممارسة عملهم قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ان بلاده ستعمل كل ما في وسعها من أجل عرقلة التوصل إلى أي اتفاق بين العراق والأمم المتحدة بشأن التفتيش على الأسلحة، فالواقع أن الهدف الأمريكي ليس التفتيش على الأسلحة ولا نزع أسلحة العراق وإنما الهدف هو الإطاحة بنظام الرئيس العراقي صدام حسين.
كانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد نشرت تقريرا عن الخطط الأمريكية تجاه العراق اعتمادا على معلومات حصلت عليها الجريدة من الإدارة الأمريكية، تقضي هذه الخطة بغزو العراق وإقامة حكومة عسكرية أمريكية تحكم العراق على غرار حكومة الجنرال الأمريكي دوجلاس ماك أرثر في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية التي استمرت حوالي ست سنوات ونصف السنة قبل أن تنقل الحكم إلى حكومة يابانية موالية لأمريكا، نفس الأمر سيحدث مع العراق بحيث يتولى قائد عسكري أمريكي حكم العراق بصورة مباشرة لعدة سنوات قبل أن تنقل الحكم إلى حكومة عراقية تكون في يد الإدارة الأمريكية، في الوقت نفسه يواصل الرئيس الأمريكي جورج بوش مزاعمه حول الأخطار العظيمة التي يمثلها نظام حكم الرئيس العراقي صدام حسين، في حديثه للأمة الأمريكية في السابع من أكتوبر الماضي أيضا قال بوش ان صدام حسين «خطر يمكن أن يشن هجوما إرهابيا مفاجئا يعاني منه الشعب الأمريكي» ويمكن لصدام حسين أيضا أن «يزود الجماعات الإرهابية أو إرهابيين أفراداً بأسلحة كيماوية أو بيولوجية».
ولكن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية نفسه جورج تينت يكذب الرئيس بوش حيث قال ان بغداد أبعد ما تكون عن تنفيذ هجوم إرهابي سواء باستخدام أسلحة تقليدية أو أسلحة بيولوجية أو كيماوية، معنى كلام تينت أن الخطر الأكبر الذي يتهدد الأمريكيين لا ينبع من جانب الرئيس العراقي صدام حسين وإنما ينبع من تحركات إدارة الرئيس جورج بوش نفسه.
وفي الثاني من أكتوبر الماضي قال مندوب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أمام إحدى جلسات الاستماع السرية بالكونجرس الأمريكي ان صدام حسين إذا لم يشعر بتهديد مباشر لوجوده فلن يبادر بشن أي هجوم باستخدام أسلحة الدمار الشامل.
وقال: «تقييمي للموقف هو أن احتمالات مبادرة الرئيس العراقي صدام حسين بشن هجوم يستخدم فيه أسلحة الدمار الشامل في ظل الظروف الحالية يبدو احتمالا ضئيلا»، لكن بعد أن أدلى هذا المسؤول بشهادته نشرت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية تقريرا لها في الحادي عشر من أكتوبر الماضي يقول ان مسؤولي إدارة الرئيس بوش نجحوا في إقناع محللي وكالة المخابرات المركزية بتغيير تقييمهم للخطر الذي يمثله صدام حسين بما يساعد هذه الإدارة في دعم مزاعمها بخصوص صدام حسين.
أما صحيفة «صاندي مورننج هيرالد» الأمريكية فنشرت تقريرا تحت عنوان «رامسفيلد يريد حقائق تناسب رؤيته بشأن العراق»، يقول التقرير الصحفي ان «وزير الدفاع الأمريكي المتشدد دونالد رامسفيلد جمع فريقا من الخبراء بهدف توفير معلومات استخباراتية تربط بين العراق وتنظيم «القاعدة» متجاهلا وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي خاضت صراعا مع المحافظين في الإدارة الأمريكية حول ما إذا كان هناك بالفعل أدلة على هذه العلاقة». ونقلت الجريدة عن مسؤولين في المخابرات الأمريكية قولهم ان هذا الفريق لم يكن أكثر من جزء في محاولات وزير الدفاع ونائبه بول وولفيتز من أجل توفير معلومات تتماشى مع رؤيتهم التي تقول ان الرئيس العراقي صدام حسين يعمل بتعاون وثيق مع الإرهابيين ويمثل خطرا حقيقيا على الولايات المتحدة. زعم الرئيس بوش أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت أن العراق لا يحتاج إلى أكثر من ستة أشهر حتى يتمكن من الحصول على قنبلة نووية. الحقيقة أن الوكالة الدولية لم تصدر أبدا بيانا بهذا المعنى. بل إن آخر بيان صدرعن هذه الوكالة بخصوص العراق كان عام 1998 وقالت فيه انها لم تعثر على أي إشارة إلى أن العراق قادر على انتاح أسلحة نووية.
البترول البترول
إذا تجاوزنا طوفان التأكيدات التي يرددها بوش وحلفاؤه الدوليون مثل توني بليررئيس وزراء بريطانيا وراجعنا سجل العلاقة بين أمريكا والعراق فسنجد أن النظام العراقي الحاكم أصبح خطرا على السلام العالمي فقط عندما بدأ صدام حسين يهددالمصالح الأمريكية. فالأسلحة البيولوجية والكيماوية التي استخدمها صدام حسين ضد الجنود الإيرانيين والأكراد العراقيين في عقد الثمانينيات من القرن الماضي حصل على جانب كبير منها من الولايات المتحدة الأمريكية.
إذاً فالسبب الحقيقي لشن الحرب ضد العراق ليس الخطر الذي يمثله صدام حسين على أمريكا والعالم ولكنه البترول والرغبة الأمريكية في السيطرة على ثاني أكبر احتياطي مؤكد من البترول على مستوى العالم بعد الاحتياطي السعودي. حيث يمثل العراق 11% من إمدادات البترول العالمية.
في إبريل عام 2001 وقبل شهور قليلة من الهجوم الإرهابي على مركز التجارة العالمي في نيويورك يوم 11 سبتمبر من نفس ذلك العام ظهر تقرير حكومي أمريكي تحت عنوان التحديات الاستراتيجية لسياسة الطاقة الأمريكية في القرن الحادي والعشرين. وحذر التقرير من أن قطاع الطاقة الأمريكي يواجه حالة حرجة جديا وأنه معرض لأزمة في أي وقت وسيكون لها آثار خطيرة على الاقتصاد الأمريكي والعالمي أيضا. كما ستؤثر على الأمن القومي الأمريكي والسياسة الخارجية بصورة كبيرة، من بين الأشياء العديدة التي دعا إليها التقرير لمواجهة هذه التحديات الدعوة إلى مراجعة السياسة الأمريكية تجاه العراق سواء من الناحية البترولية أو العسكرية أو الاقتصادية أو السياسية.
وقد أصبح العراق منتجا رئيسيا للبترول العالمي ولكنه غير مستغل ويمثل موقفا صعبا للإدارة الأمريكية. والصعوبة تتمثل في أن الحل الواضح لأزمة الطاقة العالمية سيتمثل في رفع العقوبات الاقتصادية الدولية عن العراق حتى يتدفق البترول العراقي إلى الأسواق العالمية. ولكن هذا الحل سوف يؤدي إلى دعم نظام حكم صدام حسين، إذاً فالحل الأفضل من وجهة نظر الإدارة الأمريكية هو تغيير نظام الحكم في العراق، ففي هذه الحالة سوف تزداد إمدادات البترول في الأسواق العالمية بدون الخوف من أن تؤدي عائداتها إلى تقوية نظام حكم الرئيس صدام حسين.
في الوقت الراهن حصلت شركات البترول الروسية والأوروبية والصينية على أجزاء هائلة للتنقيب في حقول النفط العراقية كما أن استثمارات هذه الشركات في قطاع البترول العراقي ليست بسيطة. فوفقا لتقرير وكالة الطاقة الدولية عن أوضاع الطاقة العالمية عام 2001 فإن إجمالي قيمة عقود البترول التي منحتها الحكومة العراقية لتلك الشركات يصل إلى 1 ،1 تريليون دولار.
يقول المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية جيمس ويلسي الذي يعد أحد دعاة الحرب ضد العراق للإطاحة بصدام حسين يقول انه يجب على الدول التي ترفض مساندة الولايات المتحدة في حربها المحتملة ضد العراق أن تدرك أنها لن تحصل على أي نصيب من الغنائم بعد الحرب.
ووفقا لنص كلام الرجل الذي نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية في السادس عشر من سبتمبر الماضي يقول: «الأمر واضح تماما، روسيا وفرنسا لهما شركات بترول ومصالح في العراق، يجب إبلاغهما بأنهما إذا ساعدا في دفع العراق إلى حكومة أكثر موالاة فسوف نبذل أقصى جهدنا لضمان تعاون الحكومة الجديدة في بغداد وكذلك الشركات الأمريكية مع الدولتين، أما إذا راهنت الدولتان على صدام حسين فسيكون من الصعب بل من المستحيل إقناع الحكومة العراقية الجديدة بالعمل معهما».
الإمبراطورية الأمريكية
في الوقت الذي يلعب فيه البترول دورا حاسما في خطط الولايات المتحدة لغزوالعراق واحتلاله فمن الخطأ اعتباره المحرك الوحيد للتحركات الأمريكية الحالية، فالحرب ضد العراق مجرد جزء فقط من أجندة أكبر وأوسع كثيرا تسعى إلى فرض السيطرة الأمريكية على العالم كله، والحقيقة أن هذا الكلام ليس كلاما جديدا، فقد تم وضع خطط السيطرة الأمريكية على العالم منذ العقد الماضي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وظهور الولايات المتحدة كقوة عالمية واحدة لا يمكن تحديها. أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية عام 1992 رؤية مقترحة للسنوات الباقية من عقدالتسعينيات وطالبت الوثيقة باستمرار الجهود الأمريكية للحفاظ على انفراد أمريكا بالسيطرة على العالم خلال المستقبل المنظور على الأقل. تقول هذه الوثيقة «هدفنا الأول هو منع ظهور أي منافس آخر لأمريكا سواء على الأراضي التي كان يشغلها الاتحاد السوفيتي قبل انهياره أو في أي مكان آخر». وقد أثارت هذه الوثيقة عند ظهورها شيئا من الغضب الدولي، خلال السنوات الأولى لحكم الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون تراجعت هذه الرؤية بصورة ما لكن دعاة هذه الرؤية في النخبة الأمريكية مثل بول وولفيتز الذي يشغل حاليا منصب نائب وزير الدفاع الأمريكي وديك تشيني الذي يشغل حاليا منصب نائب الرئيس الأمريكي والذي كان يشغل منصب وزير الدفاع وقت صدور هذه الوثيقة لم يتخلوا عنها أبدا، بل إن هذه المجموعة سعت من خلال الدوائر السياسية الحاكمة في أمريكا إلى تطبيق هذه الرؤية، ففي عام 1997 اجتمع أنصار الإمبراطورية الأمريكية لتكوين منظمة أطلقوا عليها اسم مشروع القرن الأمريكي الجديد. وأصدروا وثيقة تحت عنوان المبادئ المرشدة للسياسة الخارجية الأمريكية. كان الهدف من هذا التحرك هو حشد التأييد لقيادة أمريكا للعالم على أساس برنامج لزيادة القوة العسكرية والشفافية الأخلاقية لأمريكا.
وفي سبتمبر من عام 200 وضعت هذه المنظمة رؤيتها على النحو التالي «على مدى عقد من الزمن بعد انتهاء فترة الحرب الباردة تغير كل شيء تقريبا، كانت فترة الحرب الباردة هي فترة القطبية الثنائية، أما القرن الحادي والعشرين وحتى هذه اللحظة على الأقل به قطب واحد هو أمريكا كقوة عظمى منفردة».
وأشارت وثيقة هذه المنظمة إلى أنه مع انهيار الاتحاد السوفيتي فإن أول خط لما يمكن أن نطلق عليه محيط الأمن الأمريكي قد امتد بصورة كبيرة جدا، فقدأصبحت منطقة البلقان محمية تابعة لحلف شمال الأطلنطي أو الناتو، في حين تتواجد القوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية بالفعل في منطقة الخليج العربي وقد أصبح هذا الوجود جزءا من حقائق الحياة في هذه المنطقة، هنا تشير الوثيقة إلى نقطة هامة جدا حيث تقول «رغم أن المهمة الحالية للقوات الغربية في منطقة الخليج هو تطبيق مناطق حظر الطيران في شمال العراق وجنوبه فإن هذه القوات تمثل على المدى الطويل التزام الولايات المتحدة وحلفائها الرئيسيين بهذه المنطقة الحيوية من العالم»، تردد أمريكا وبريطانيا أن الهدف من فرض منطقتين للحظر الجوي في شمال العراق وجنوبه وهو الحظر الذي لم تصدر الأمم المتحدة أي قرار به هو حماية السكان الأكراد في شمال العراق والشيعة في جنوبه من بطش صدام حسين فإن السبب الحقيقي عبرت عنه هذه الوثيقة.
تنقسم جهود النخبة الحاكمة لتحقيق السيطرة الأمريكية على العالم إلى شقين، الشق الأول وهو وضع خطط محددة لتحسين السيطرة الأمريكية على العالم. والشق الثاني هو تنفيذ هذه الخطط، ومنذ ظهور الجماهير السياسية في القرن التاسع عشر وظهور الطبقة العاملة كقوة اجتماعية لها حسابها أصبح على الطبقات الحاكمة في دولة تقديم بعض المبررات إلى هذه الجماهير السياسية لأي عمل عسكري تقدم عليه هذه الحكومات، وبالتالي فإن أصعب أجزاء مرحلة الإعداد لأي حرب هو إقناع الجماهير بأن أي صراع سيكون معركة من أجل الديموقراطية أو لتخليص العالم من الشر أو للحفاظ على قيم حياتنا.
وكما أشار زبينجو برجنسكي المستشار الأسبق للأمن القومي الأمريكي في عهدالرئيس الأسبق جيمي كارتر فإن إقناع الجماهير باستخدام القوة ليس سهلا إلا في حالة التعرض لتهديد مفاجئ يهدد الشعور بالأمان للشعب.
الحرب
لماذا جاءت هجمات الحادي عشر من سبتمبر كهدية لإدارة الرئيس جورج بوش، فقد أصبح من السهل على هذه الإدارة استخدام القوة لفرض أجندتها السياسية على العالم تحت شعار الحرب ضد الإرهاب، فمنذ عام واحد تم غزو أفغانستان وتنصيب حكومة موالية لأمريكا ومعها تمت إقامة قواعد عسكرية أمريكية في دول آسيا الوسطى التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي سابقا. والمرحلة الثانية من الحرب الأمريكية ضد الإرهاب هي غزو العراق وتنصيب حكومة موالية أيضا في هذا البلد، ومنذ وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر ارتفع شعار يقول «كل شيء تغير بعد 11 سبتمبر» والحقيقة ان هناك الكثير من الأشياء تغيرت بالفعل ولكن من الضروري إدراك أن ما ظهر بعد 11 سبتمبر هو مجرد استمرار وتعميق وتوسيع لعملية بدأت بالفعل قبل هجمات سبتمبر بسنوات طويلة، وأن كل ما حدث هو أن هذه الهجمات وفرت الفرصة لتحريك خطط كان قد تم رسمها في أروقة الإدارة الأمريكية من قبل بعناية فائقة، ولعل هذا ما يفسر وضع خطط غزو أفغانستان على مكتب الرئيس الأمريكي جورج بوش في نفس يوم اصطدام الطائرتين ببرجي مركز التجارة العالمي، وعلى الفور بدأ وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ورفاقه الحديث عن ضرورة الإطاحة بصدام حسين.
الأمن القومي الأمريكي
استراتيجية الأمن القومي الأمريكي التي صدرت في السابع عشر من سبتمبر الماضي تؤكد على حق الولايات المتحدة في استخدام القوة العسكرية في أي وقت وأي مكان وضد أي دولة تعتقد أمريكا أنها تمثل تهديدا للمصالح الأمريكية أو تعتقد أنها يمكن أن تمثل تهديدا لهذه المصالح في المستقبل.
وقد علق احد المحللين الاستراتيجيين على هذه الاستراتيجية في محاضرة له في مدينة آربور بولاية ميتشجان الأمريكية أول أكتوبر الماضي بالقول «لم تدع أي دولة في التاريخ الحديث بما في ذلك ألمانيا النازية في ذروة جنون زعميها أدولف هتلر السيادة على العالم كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية الآن».
فقد أوضحت وثيقة الرئيس بوش لاستراتيجية الأمن القومي بجلاء أن الحرب ضد الإرهاب وهو الشعار الذي تتحرك تحته أمريكا لتحقيق سيطرتها على العالم عبارة عن عملية عالمية غير محددة المدة.
وتقول هذه الوثيقة ان أمريكا ستتحرك ضد أي تهديدات بازغة حتى قبيل أن تتشكل هذه التهديدات بصورة كاملة كوسيلة أمريكية للدفاع عن النفس، وأنه في هذا العالم فإن أفضل طريق لتحقيق الأمن هو مسار العمل المسبق.
وأشارت الوثيقة إلى أن تفكك الاتحاد السوفيتي وفر فرصة العمر لأمريكا، وستعتمد استراتيجية الأمن القومي الأمريكي على التعامل مع العالم بما يعكس وحدة القيم الأمريكية ويخدم المصالح القومية لأمريكا، وهذا بالتأكيد سيقوم على أساس تغليب المصالح الأمريكية على غيرها من مصالح الدول الكبرى الأخرى، فعلى سبيل المثال ألقت مستشارة الرئيس الأمريكي للأمن القومي كونداليزا رايس بحديث مطول إلى صحيفة فايننشال تايمز البريطانية بعد أيام من صدور وثيقة استراتيجية الأمن القومي حول آثار هذه الوثيقة، سألت الصحيفة رايس عما يمكن أن يحدث مثلا إذا حاولت الصين دعم قواتها العسكرية، فردت رايس قائلة انه إذا عملت الصين على تشجيع مناخ الاستثمار والتجارة والتعاون فسوف تجد الولايات المتحدة شريكا جيدا لها، والمعنى أيضا أنه إذا لم تفعل الصين ذلك فستواجه موقفا آخر، فرد عليها المحاور قائلا ان هذا يعني أننا نعيش في عصر الإمبراطورية الأمريكية، ولكن رايس ردت قائلة انها لا تريد أن تتطرق إلى قضايا فلسفية، ثم تحدثت رايس عن القوة الوحيدة التي تحكم العالم حاليا وهي أمريكا والرغبة في الحفاظ على هذه الأحادية.
وكما ذكرنا فإن فكرة السيطرة الأمريكية على العالم لم تظهر كرد فعل على هجمات الحادي عشر من سبتمبر، ولكنها كانت محل مناقشات طوال العقد الماضي داخل الدوائرالسياسية الأمريكية.
أمريكا الاستعمارية
في الحادي عشر من نوفمبر عام 2000 قدم ريتشارد هاس الذي يشغل حاليا منصب مدير إدارة التحطيط السياسي في وزارة الخارجية الأمريكية ورقة عمل تحت عنوان «أمريكا الاستعمارية». ويعد هاس من المعتدلين داخل الإدارة الأمريكية مقارنة بنائب وزير الدفاع بول وولفيتز ووزير الدفاع نفسه دونالد رامسفيلد.
تقول ورقة هاس انه يجب أن يكون الحفاظ على الوضع العالمي الحالي الذي تتمتع فيه أمريكا بوضع استعماري أولوية واضحة للسياسة الأمريكية، فعلى الأقل لا يمكن لدولة واحدة ولا حتى لمجموعة من الدول تحدي النفوذ السياسي والاقتصادي والثقافي الأمريكي على العالم خلال المستقبل المنظور، لكن هذا مجرد وصف وليس هدفا، فمازالت سياسة ما بعد عصر الاحتواء التي كانت مطبقة في عالم الحرب الباردة غامضة. والسؤال المستمر الذي مازال يواجه السياسة الخارجية الأمريكية هو: ماذا تفعل مع أي قوة ظاهرة في مواجهة أمريكا؟ يقول هاس ان أي سياسة إمبراطورية لا يجب أن تختلط بالفكر الاستعماري التقليدي وتأسيس مستعمرات فعلية لأن ذلك لم يعد ممكنا في الوقت الحالي، ولكنها يمكن أن تحمل اسما جديدا. وأوضح هاس ان ما يدعو إليه هو بالقطع شكل من أشكال الإمبراطوريات، ولكي تتبنى سياسة خارجية استعمارية فهذا يعني الدعوة إلى سياسة خارجية تحاول تنظيم العالم وفقا لمبادئ تؤثر على العلاقات بين الدول.
ويبدو أن أمريكا تتطلع إلى إعادة دور بريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر، ومن الطبيعي أن استخدام القوة لتحقيق هذه الرؤية الاستعمارية الجديدة هو الخيار الأخير، ولكن يجب أن نشير إلى ما قاله جون جلاهار ورونالد روبنسون عن بريطانيا خلال القرن التاسع عشر حيث قالا: اتبعت السياسة البريطانية مبدأ توسيع سيطرتها على العالم بطريقة غير رسمية كلما كان ذلك ممكنا وبطريقة رسمية مباشرة عندما تدعو الضرورة، وهذا هو الدور الذي قد تلعبه أمريكا مع العالم خلال القرن الجديد، بمعنى آخر فإن آليات العولمة مثل الأسواق المالية الحرة ومنظمة التجارةالعالمية وصندوق النقد الدولي يجب أن تعمل من أجل ضمان السيطرة الأمريكية على العالم مع التلويح باستخدام القوة العسكرية لمعاقبة الذي يتحدى هذا المبدأ عند الضرورة، والحقيقة أن العودة إلى الحرب العالمية الأولى يمكن أن تضعنا أمام أهم سؤال على الإطلاق وهو: ما هي آثار الرغبة الأمريكية للسيطرة على العالم؟ وما هي عواقب الدخول إلى عصر استعماري جديد في القرن الحادي والعشرين؟ للحصول على إجابة عن هذا السؤال يجب دراسة التجارب التاريخية في القرن العشرين، بمعنى أنه لكي تعرف ما يخبئه لنا المستقبل يجب التعمق في دراسة الماضي، وهذه العودة إلى التاريخ جاءت في وثيقة الرئيس بوش للأمن القومي الأمريكي نفسها.
وتقول الوثيقة ان أمريكا يجب أن تنتهز الفرصة التاريخية المتاحة أمامها من أجل حماية السلام وتقول «ان المجتمع الدولي لديه الآن أفضل فرصة منذ ظهور الدول القومية في القرن السابع عشر لبناء عالم تتنافس فيه الدول الكبرى لتحقيق السلام بدلا من الاستعداد المستمر للحرب، فقد وجدت هذه القوى العظمى في العالم نفسها اليوم في خندق واحد أمام خطر واحد مشترك هو الفوضى والإرهاب».
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وعلى الرغم من أن أمريكا خرجت منها أكثر قوة مما كانت عليه بعد الحرب العالمية الأولى إلا انها لم تكن في وضع يسمح لها بإعادة تنظيم العالم وفقا لرؤيتها، فقد كان وجود الاتحاد السوفيتي قيدا هائلا على طموحاتها العالمية، ورغم ذلك فقد شهدت فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية انقساما بين الدوائر السياسية الحاكمة في أمريكا، طالب البعض بالإطاحة بالاتحاد السوفيتي بالقوة ولكن البعض الآخر حذر من أن ذلك يمكن أن يثير الطبقات العاملة في العالم بالإضافة إلى القوة العسكرية للاتحاد السوفيتي نفسه، لقد كان الأمريكيون يتطلعون إلى احتلال مكانة تتيح لهم إخضاع باقي العالم لهم من خلال إلقاء القنبلتين الذريتين على اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية، ولكن هذا الحلم تبدد تماما بعد أن نجح الاتحاد السوفيتي في تطوير قنبلته النووية ثم الإطاحة بحكم شانج كاي شيك الحاكم في الصين عام 1949.
وخلال الحرب الكورية أوائل الخمسينيات من القرن الماضي اوشكت إدارة الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت هاري ترومان على استخدام الأسلحة النووية حيث دعا الجنرال الأمريكي دوجلاس ماك أرثر إلى إلقاء ما بين ثلاثين إلى خمسين قنبلة نووية على الحدود الكورية المنشورية. وفي أثناء أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 كانت بعض القطاعات العسكرية مستعدة لخوض حرب نووية شاملة مع الاتحاد السوفيتي، وحتى في الحرب الفيتنامية كان هناك في الدوائر الأمريكية الحاكمة من دعا إلى استخدام الأسلحة النووية، ولكن أنصار الاحتواء كانوا ينجحون في فرض كلمتهم في النهاية.
والحقيقة أن السبب الأساسي في نجاح معسكر الاحتواء الأمريكي كان وجود الاتحاد السوفيتي وما كان يمثله من قوة ردع لأمريكا، فقد كان الوجود السوفيتي يمنع أمريكا من محاولة تبنى سياسة تهدف إلى السيطرة الكاملة على العالم، إنما هي القوى الدافعة وراء تحول السياسة الأمريكية حاليا؟
يمكن القول بصورة عامة ان برنامج «الاحتواء» تمتع باليد العليا في الوقت الذي كان فيه النظام السياسي والاقتصادي في أعقاب الحرب العالمية الثانية يوفر ظروفا مناسبة لنمو القوى الرأسمالية الرئيسية.
وهذه الفترة من عام 1945 وحتى عام 1973م شهدت انتعاشا كبيرا بعد الحرب للقوى الرأسمالية. وفي السبعينيات بدأت الولايات المتحدة تبني سياسة جديدة تجاه الاتحاد السوفيتي بدلا من الاحتواء وهي سياسة التفكيك، وفي الثمانينيات كثفت إدارة الرئيس رونالد ريجان جهودها في برنامج هائل لتطوير الأسلحة الموجهة إلى الاتحاد السوفيتي باعتباره إمبراطورية الشر كما أطلق عليه ريجان في ذلك الوقت. وقد انتهى سباق التسلح بانهيار الاتحاد السوفيتي تماما عام 1991 ليترك الولايات المتحدة منفردة بقيادة العالم وبصورة غيرمسبوقة في التاريخ الحديث، لذلك فإن الدوائر السياسية الحاكمة في أمريكا حاليا تستطيع تحقيق أهداف سياستها الخارجية دون وجود اي تحديات خارجية، وهذا التحول كان له تأثير كبير على سياسة أمريكا في الشرق الأوسط، كانت أمريكا قد تلقت ضربة موجعة خلال الحظر العربي للبترول عامي 1973 و1974 بسبب الصراع العربي الإسرائيلي وارتفاع اسعار البترول بصورة كبيرة. وقد شهدت الدوائر السياسية الأمريكية عام 1975 مناقشات حول التدخل العسكري في منطقة الخليج العربي للسيطرة على منابع البترول، وخلال الثمانينيات ولكي يتم إضعاف إيران ألقت الولايات المتحدة بكل ثقلها وراء نظام حكم الرئيس صدام حسين في العراق والذي خاض حربا مدمرة ضد إيران، كما ساعدته أمريكا في تطوير واستخدام الأسلحة البيولوجية والكيماوية ضد الإيرانيين، وقد انتهت هذه الحرب بإنهاك قوى النظام العراقي أيضا فقد كان النظام في حاجة إلى إيرادات البترول لإصلاح الاقتصاد والحفاظ على قوته العسكرية. وتحرك النظام العراقي لكي يحتل الكويت بعد ان المحت السفيرة الأمريكية في بغداد ابريل غلاسبي إلى حكومة صدام حسين بأن أمريكا لن تتدخل في صراع بين دولتين عربيتين، وقد ابتلع النظام العراقي الطعم.
العراقيون لم يدركوا تحولات الموقف الأمريكي بعد التحولات الدولية، فقد كانت أمريكا في حاجة إلى العراق لإضعاف إيران ثم تغير الموقف العالمي ووجدت أمريكا نفسها في موقف أقوى، لقد قدم الغزو العراقي للكويت مبررا لأمريكا لشن حرب الخليج الثانية وذلك من خلال الأمم المتحدة حيث كان الموقف الدولي في ذلك الوقت يكتنفه بعض الغموض وبالتالي لم تكن أمريكا واثقة من قدرتها على التحرك خارج الأمم المتحدة، كما كانت أمريكا تتوقع انهيار حكم صدام حسين بعد هزيمته العسكرية في هذه الحرب، لكن التطورات التي شهدها عقد التسعينيات شهدت تنامي الرغبة الأمريكية في التحرك الفردي خارج المنظمة الدولية، ففي عام 1999 شنت أمريكا ومعها حلف الأطلنطي الحرب ضد يوغوسلافيا بعيدا عن الأمم المتحدة، وفي عام 2001 شنت امريكا حربها ضد أفغانستان بصورة فردية أيضا وبعيدا عن الأمم المتحدة بل وبعيدا عن حلف الناتو أيضا، والآن تستعد أمريكا لغزو العراق وتنصيب نظام حكم موالياً لها رغم المعارضة الصريحة لبعض حلفائها في حلف الناتو.
ونشير دائما إلى طبيعة السياسة الخارجية الأمريكية التي انتقلت من الاحتواء إلى التفتيت والآن تدخل مرحلة إقامة شكل من أشكال الاستعمار في الوقت الذي تشهد فيه الرأسمالية انكماشا ملحوظا يعود بها للخلف إلى عقد السبعينيات ونرى تراجعا للانتعاش الاقتصادي الذي شهدته فترة ما بعد انتهاء الحرب. فقراء العالم يمكن أن تؤدي التغييرات الحالية التي يشهدها العالم إلى عواقب وخيمة تتمثل في تنامي انعدام المساواة الاجتماعية بين الدول وبعضها البعض من ناحية وبين فئات المجتمع في الدولة الواحدة من ناحية أخرى.
تضمنت وثيقة الرئيس بوش لاستراتيجية الأمن القومي الأمريكي مجموعة من العبارات مثل «احترام الملكية الخاصة» و«تحرير الأسواق» و «محفزات الأسواق»، وهذه هي مكونات كل برامج الإصلاح الاقتصادي التي تفرضها المؤسسات الدولية وتحمل عواقبها مليارات الأشخاص من شعوب الدول النامية، علاوة على ذلك فإن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون على أقل من دولارين في اليوم الواحد، وقد قرأت ذات يوم أن البقرة في الاتحاد الأوروبي تعيش على أكثر من هذا المبلغ يوميا وفقا للسياسة الزراعية للاتحاد الأوروبي، وحتى داخل الدول الرأسمالية الكبرى شهد العقدان الماضيان نموا ملحوظا لانعدام المساواة وإعادة توزيع الثروة بين مختلف فئات المجتمع. وهذا يتبدى بوضوح كبير في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من أي دولة أخرى.
وفي مقال للخبير الاقتصادي بول كروجمان نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» إشارة الى التغيير الكبير في آليات توزيع الثروة والدخل في المجتمع الأمريكي.
ويقول كروجمان انه من غير الممكن فهم ما يحدث في الولايات المتحدة بدون فهم الأسباب والعواقب للزيادة الكبيرة في انعدام المساوة التي شهدتها العقودالثلاثة الأخيرة وبالتحديد التركيز الكبير للثروة والدخل حاليا في يد عدد قليل جدا من الأشخاص.
ونقل كروجمان عن دراسة حديثة القول بأنه في عام 1998 حصل أقل من واحد من عشرة في المائة من الأمريكيين على أكثر من 3% من إجمالي الدخل القومي. أيضا فإن مجموع ما تمتلكه 13 ألف عائلة ثرية في أمريكا يزيد عما تملكه عشرون مليون أسرة، وأن دخل هذه الأسر الثلاثة عشر ألفا يزيد عن دخل الأسر الأمريكية العادية بمقدار 300 مرة.
وفي ظل هذه المعطيات أصبحت هذه العائلات الثرية تسيطر على الحياة السياسية في أمريكا وبدا التداخل واضحا بين السلطة والثروة خاصة في العقود الثلاثة الأخيرة. وإذا ربطنا هذه الحقائق معا فلن نجد عجبا في اعتبار البترول العراقي أحد المحركات الأساسية للسياسة الخارجية تجاه النظام الحاكم في بغداد، فهذاالبترول أكثر ما يهم الشركات الأمريكية الكبرى التي تمثل هذه الأسر الثرية.
والخلاصة هي انه لكي تطور شكلا من أشكال المقاومة ضد النزعة الاستعمارية والحرب الأمريكية يجب فهم طبيعة العلاقات الاجتماعية والسياسية التي تربط الرأسمالية الأمريكية بالنظام الرأسمالي العالمي ككل، ولكي تحقق هذه المقاومة أهدافها وتتواصل وحتى لا تتحول إلى مجرد احتجاجات تقول عنها النخبة السياسية الحاكمة انها عاصفة لن تلبث أن تمر لكي يحدث هذا يجب توجيه هذه المقاومة إلى النظام الاقتصادي والاجتماعي الذي يدعم النزعة الاستعمارية والحرب وهو النظام الرأسمالي.

..... الرجوع .....

اعرف عدوك
تحت الضوء
الجريمة والعقاب
تكنولوجيا الحرب
النصف الاخر
تحت المجهر
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
ثقافة عالمية
رياضة عالمية
الفيروسات والاختراقات
نادي العلوم
هنا نلتقي
المستكشف
الصحة والتغذية
مسلمو العالم
الصحة والتأمين
أنت وطفلك
خارج الحدود
عالم الغد
الملف السياسي
حوار الأسبوع
فضائيات
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية


ابحث في هذا العدد

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved