Al Jazirah Magazine Tuesday  08/01/2008 G Issue 248
تحقيق
الثلاثاء 30 ,ذو الحجة 1428   العدد  248

أين أمة (اقرأ.

* تحقيق - سلوى العبدالله

سئل أحد العلماء العباقرة: (لماذا تقرأ كثيرا)؟! فقال: (لأن حياة واحدة لا تكفيني!!!) وأوّل آية نزلت على رسولنا الكريم هي (اقرأ) فالقراءة ضرورة ولها أهمية كبيرة جدا غفل عنها الكثيرون، فهي العامل الأساسي لبناء شخصية الشباب والشابات، وهي وسيلة لاستثمار الوقت، فنحن نعيش حياة واحدة علينا أن نستغلها في معرفة كل مايدور حولنا، فأين أمة (أقرأ) في هذا العصر؟!

إن نظرنا إلى بعض الشباب والفتيات الآن فسنجد تدنيا ثقافيا كبيرا لديهم، فالتعلّم في نظرهم ليس إلا وسيلة للحصول على الشهادة فقط!! فقد قيّدو هذه العلوم والمعارف، ووضعوا لأنفسهم حدودا معينة لكسب العلم والفائدة! ولا يعلمون أن القراءة هي مفتاح أبواب المعارف المختلفة لا شك أن هناك أسبابا عديدة أدت إلى عزوف الشباب والشابات عن القراءة، والابتعاد عن المطالعة، فما هي تلك الأسباب يا ترى!

تقول: منى - 24 سنة - خريجة جامعية

أنا موظفة، وأعمل لمدة ثماني ساعات في اليوم، فإن كان لدي وقت فراغ، قضيته في النوم أو مشاهدة التلفاز أو قراءة صحيفة أو مجلة للتسلية فقط، فأنا لا أميل كثيرا للقراءة والاطلاع الذي لم يعد له مكان في حياتنا المعاصرة.

لا وقت للاطلاع

ومن جهته، يقول أسامة: 28 سنة، موظف

إن وسائل الإعلام أخذت أكثر مما تستحق من اهتمام الشباب، فأصبحوا يقضون معظم أوقاتهم أمام التلفاز ومشاهدة قنوات الفيديو كليب وغيرها من المحطات الهابطة وغير الهادفة، وليس لديهم وقت لقراءة الكتب المفيدة مادامت هذه الشاشات قد ملأت البيوت، وسيطرت على عقول الشباب من الجنسين.

وتقول سناء، أستاذه في علم الاجتماع

للأسف الشديد هناك شبان وشابات يقعون في أخطاء كبيرة وشنيعة، فلا يعرفون أموراً بديهية، وبعضهم لاينطقون الكلمات بالشكل المطلوب، وهذا لأنهم لم يعودوا أنفسهم على القراءة والاطلاع، فالعقل لديهم ليس مهيّأ إلا لاستقبال الأمور السطحية فنرى هنا انعداما للثقافة، فقد كثرت في هذا الزمن الملهيات، وأشغلت بها فئة كبيرة من الشباب والشابات.

أما ندى، 21 سنة، طالبة جامعية فتؤكد:

أنا لا أحب القراءة، لأني أشعر بالملل عند قراءة الكتب، ولا وقت لدي لكي اطلع على كتاب من أي نوع كان، إلا إذا كان تصفح بعض المجلات من خلال العناوين فقط، أما أكثر من ذلك فلا مجال له عندي.

أسلوب منفر من القراءة

نجد أن هناك جانبا آخر يتعلّق بالكتب نفسها، فالمؤلفات قد ملأت رفوف المكتبات، ولكن تبقى المشكلة في نوعية هذه الكتب، فشباب هذا الجيل بالتحديد لا يميلون إلى الكتب الكبيرة ذات الصفحات الكثيرة، والمقدمات الطويلة، والتي تبالغ في الكلام، ولا تسلط الضوء على جوهر الموضوع إلا في وسط الكتاب أو نهايته!

فهذا كله يبعث الملل في نفس القارئ، وينفّره من القراءة، وأيضا أسلوب الكاتب له أهمية كبيرة، وخصوصا أن كان الكتاب يتحدث عن قضيه مهمة، فالأسلوب هو ما يزيّن الموضوع، فينبغي أن يكون سلسا وممتعا وهناك سبب يتعلق بكثرة الكتيبات التي تحمل نفس المواضيع والأفكار وأيضا عدم فهم بعض الكتب التي تحمل مصطلحات صعبة وغير مفهومة أو غامضة! كل هذا أدى إلى نفور الشباب من المكتبات، التي أصبح همها الكسب المادي فقط.

اطلاع لأجل الدراسة

تقول: إيمان، 26 سنة، بكالوريوس فيزياء

إذا وجدت أمامي كتابا قرأته، ولكن نادرا ما أبحث عن الكتب إلا من أجل الدراسة ولغرض البحوث والمقررات وأيضا نلاحظ أن المكتبات لا يوجد بها ما نريد.. والإقبال الكبير يكون على كتب الطبخ والتجميل وأسرار الجمال والروايات والقصص، وتجاهل كبير للكتب الأخرى، وللعلم أنا لم أذهب إلى المكتبات الكبيرة ولكن أتحدث هنا عن المكتبات التي ذهبت إليها والملاحظ أيضا في بعض المكتبات كتب في حالة مهترئة وكأنها من العصر القديم أوراقها ولونها وجلدتها قديمة لا تشجع أبداً على اقتنائها.

الإنترنت يأسرني

تقول: مها، 18 سنة، طالبة في المرحلة الثانوية: أحب القراءة كثيرا، ودائما أستغل أوقات الفراغ في التصفح عبر الإنترنت، فقد قرأت الكثير من المواضيع المهمة التي أضافت لي الكثير من الثقافة والمعرفة، ووضحت لي أموراً لم أكن أعرفها من قبل، أما الكتب بشكل عام فعلاقتي بها تكاد تكون محدودة.

أما نوار، 19 سنة، طالبة في علوم الحاسب الآلي

تقول: أقرأ على حسب المزاج، وليس لدي شي محدد.. يعجبني كل شي من روايات، شعر، سيرة ذاتية، كتب الفقه، فالأهم أن يعجبني المحتوى، من أجل الزيادة في المعرفة وإشباع الفضول. ولكن أصبح الآن الإنترنت أسهل وأسرع في الحصول على المعلومة بدون أي مجهود يذكر، وأصبحت الآن المكتبات تعرض مايسمى بالE-BOOK.

قراءة بلا متعة

وتضيف: ريم، 24 سنة، أدب عربي: التصفح عبر الانترنت ليس كالكتاب الذي أمسكه بيدي وأقرؤه

فليس هناك متعة في القراءة عن طريق الانترنت لأنه يبعث في نفسي مللاً للغاية وأنا بصراحة لا أقرأ أي موضوع يزيد عن سبعة أسطر في الإنترنت، لست من هواه القراءة بشكل كبير، ولكني أجد المتعة في قراءة القصص البوليسية والشعر.

عادة وهواية

وأيضا هناك سبب آخر يتعلّق بالأسرة نفسها التي لم تغرس هذه الصفة لدى الشباب منذ الصغر، فالقراءة عادة وهواية يجب غرسها لدى الطفل حتى ينشأ شابا محبا للقراءة والاطلاع وأيضا بعض الشباب والفتيات يفضلون الابتعاد عن الكتب، فقد اكتفوا بالمناهج والكتب المدرسية وأصابهم نوع من الملل منها ولا يعلمون أن القراءة الحرة قد تعلّم أكثر من التعلم في المدارس بألف مرة. وإن لاحظنا الآن نجد أن هناك تعددا كبيرا في وسائل اكتساب العلم والمعرفة في العصر الحديث، وتطور وسائل التلقي، فانتشرت وسائل التقنية الحديثة، منها الإنترنت الذي أصبح الأسرع في أخذ المعلومة، فبإمكاننا الحصول على أكثر من معلومة في ساعة واحدة، ومع هذا فالأغلب هو الاستخدام السيئ والبحث فقط على التسلية والترفيه!

صديق لا يمل

فلماذا الإنسان بخيل النفس؟ فالعلوم والمعارف محيطة به دائما، ولكنه يحبسها، ويحكم عليها بالموت داخل الكتب، إلا يريد الفرد تطوير ذاته؟

ألا يريد بناء شخصية ثقافية لها أهميتها في المجتمع؟! للأسف الشديد، الشباب والفتيات في يومنا هذا يجهلون الأهمية الكبرى للقراءة، بشكل كبير.

تقول هند 35 سنة، موظفة وخريجة أدب عربي

هناك فرق كبير بين القارئ وبين من لا يقرأ فالإنسان القارئ تصعب هزيمته، لديه حدّه في الحوار، ولباقة في الكلام، يعبّر عن رأيه بكل وضوح وثقة، ويتقبّل الرأي الآخر بكل رحابة صدر، ويستطيع انتزاع الكتاب من قلبه! ويتقن ثقافة الحوار مع الآخر، فالكتاب بالنسبة له صديق لا يمل، والحياة العقلية والفكرية بالنسبة له هي محور اهتمامه دائما، ولا يرى نفسه إلا عضوا مهما في هذا المجتمع.

الشرود الذهني

على عكسه تماما الإنسان الذي لا يقرأ، فعدم حبه للقراءة والاطلاع يؤدي إلى إصابته بالشرود الذهني، والخجل أحيانا وعدم مشاركة الآخرين في الحوار أو إبداء الرأي، ولا يستطيع أن يفتح موضوعا مهما للنقاش، فقد أصبح تفكيره محصورا على أمور محدودة فقط، ولم يوجه عقله إلا للأشياء التافهة التي لم تقدم له شيئا.

للأسف الشديد هذه مشكلة كبيرة جدا، فنحن في القرن الواحد والعشرين، وأصبحت الثقافة عاملا أساسيا للرقي بالمجتمع، فبدل أن نجد جيلا مثقفا من الشباب والفتيات، أصبحنا نبحث عن الطرق والوسائل التي ترغّب هؤلاء الشباب على القراءة والاطلاع.

قد نجد صعوبة في إيجاد الحل المناسب، فنحن لا نستطيع أن نجبر هذا الشاب أو هذه الفتاة على القراءة إلا إذا نظرنا إلى ما يرضيهم فعلينا أن نتعرّف على المشاكل التي أدّت إلى عزوف الشباب عن القراءة، لنحاول إصلاحها أو إصلاح بعضها.

مواصفات الكتاب

فالأسباب المتعلقة بالكتب نفسها مثلا تستحق الوقوف عندها، أرى أنه ينبغي أن نركّز على هذه النقطة بالتحديد، فشكل الكتاب ولونه وحجمه وعدد صفحاته ومحتواه وموضوعه كل هذه الأمور لها تأثير كبير على الشباب فأنا إن ذهبت للمكتبة ووجدت كتابا يتكوّن من مائتي صفحة، وفيه مقدمات طويلة، وكتب بأسلوب ممل، فمن سابع المستحيلات أن أشتري هذا الكتاب وهذا الأمر لا يقتصر على الكتب فقط، بل يشمل كل ما يقرأ من مقالات وقصص في الصحف والمجلات، فالمقال والقصة أكثر ما يشد القارئ إليها هو العنوان، من أجل هذا علينا التركيز على هذه النقطة أيضا، فهنا كان بالإمكان أكتب (أهمية القراءة) عنوانا لهذا المقال، ولكن هذا العنوان سيعطي فكرة للقارئ أنه موضوع مكرر وتقليدي، فبالتالي لن يكون لديه إقبال شديد، من أجل هذا تم اعتماد هذا العنوان فعلينا دائما إتباع أسلوب الترغيب وشد الانتباه.

فكل هذه الأمور بالرغم من بساطتها نجد أن لها تأثيراً كبيراً على الشباب، من أجل هذا علينا بذل الجهود للارتقاء بهذا المجتمع، وأن نجعل من شبابنا قدوة جيدة ومثقفة للأجيال القادمة، ليصبحوا مفخرة لهذا الوطن.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة