Al Jazirah NewsPaper Thursday  30/11/2006G Issue 12481الرأيالخميس 09 ذو القعدة 1427 هـ  30 نوفمبر2006 م   العدد  12481
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

الثقافية

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

شعر

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

سماء النجوم

تحقيقات

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

الفلسفة والسياسة..ومتغيرات الترابط والانفصال!
حسين أبو السباع

(يرتبط التفكير الجدلي بالتفكير الدارج بالطريقة نفسها التي ترتبط فيها الصورة المتحركة بالصورة الفوتوغرافية الساكنة، الصورة المتحركة لا تبطل الصور الفوتوغرافية ولكن تكوّن منها متوالية تبعاً لقوانين الحركة، لا ينكر الدياليكتيك القياس المنطقي، ولكن يعلمنا أن نجمع القياسات المنطقية بطريقة تقرب فهمنا من الواقع الأبدي التغير).
ليون تروتسكي
والسياسة بالمعنى اللغوي المبسط تداوله في جميع المجالات يأتي الفعل (ساس- يسوس).. بمعنى أنه ينصرف إلى معالجة الأمور، وبدأ الاهتمام بالسياسة كعلم منذ بدايات القرن العشرين.
وتأتي أهمية علم السياسة لفهم الترابط بين أجزاء العملية السياسة وما يدور في الساحة السياسية كمقدمة لاتخاذ القرار بشأن التحرك السياسي الملائم.
بينما جاءت كلمة (فلسفة) من لفظة (فيلاسوفوس) أي محب الحكمة، وهو اسم اختاره سقراط لنفسه، وصارت كلمة فلسفة تأتي في المقابل سفسطائية، كما أنها صارت شاملة لجميع العلوم الحقيقية كالفيزياء والكيمياء والطب والرياضيات.
ارتبطت الفلسفة والسياسة عبر التاريخ بدءاً من أفلاطون وأرسطو، ووصولاً إلى الكندي والفارابي، ليس ارتباط العلة بالمعلول، وإنما ارتباط يسير على خطين متوازيين، باعتبار أن كلاً من المجالين يمد الآخر بمصدر معرفي يستطيع من خلاله الاتكاء عليه لمواصلة العملية المعرفية، سواء أكانت سياسية أم فلسفية، وارتبطت الفلسفة ببلاط الحكام، فكما يقال: يمكن التفكير في ارتباط نمط فكري محدد، وهو الفلسفة، بممارسة عملية معينة وهي السياسة، فنجد (فكراً) وممارسة لم ينفكا دائماً عن الارتباط.
ومنذ قيام الفلسفات المادية، أخذت تسير في خط موازٍ لأحداث الحرب العالمية الأولى، حتى ظهر التيار الهيغلي في ألمانيا كرد فعل روحي للمادية الجدلية بمنهج روحي هيغلي، وانتشر هذا المذهب الفلسفي قبل وبعد الحرب العالمية الثانية.. فالعلاقة بين الفلسفة والسياسة كما قلنا هي علاقة توازٍ، ينعكس فعل كل تيار على مرآة التيار الموازي له، فتتم حركة التأثير والتأثر، وقد ينصهر هذا التوازي في بوتقة واحدة، حينما يمارس الحاكم (السياسة) المقال الفلسفي، فيقع عليه التأثير الفلسفي في الممارسة السياسية.
على الرغم من أن كثيراً من الفلسفات اهتمت بتفسير قوانين الطبيعة، فمن هنا جاء الصدام مع الدين، إلا أن الماركسية نحت منحى آخر ناحية التغيير، واعتبرت مهمتها الأساسية (تغيير المجتمع) كما في عبارة ماركس الشهيرة: (لم يفعل الفلاسفة سوى تفسير العالم بطرق مختلفة، لكن الأهم الآن هو تغييره).
ومن هنا ظهر نوع من العداء بين الفلسفات والدين باعتبار أن الفلسفة تبحث في أصل الوجود، لكن لم تصطدم الفلسفة مع السياسة في كثيرٍ من المواقف، إلا لتهدئة الرأي العام (الشعبوي) مثلما حدث في حادثة إحراق كتب ابن رشد مثلاً ومترجماته عن الفلسفة اليونانية القديمة، باعتبار أن التيار الديني وقتها اتهمه بالكفر والزندقة، وشاعت مقولة: (من تمنطق فقد تزندق) لفترة كبيرة من الزمن.
وعلى الرغم من أن هناك من الفلاسفة سواء المسلمون أم غيرهم من اعتزل السياسة، فقد اقترب كثير منهم من البلاط الحاكم إلى أن أصبح للفيلسوف ارتباط وثيق بدائرة اتخاذ القرار في الدولة، وكما سبق وقلنا إن العلاقة قائمة على التجاذب حيناً والتنافر حيناً آخر إلى أن وصلنا إلى الوقت الحالي وبدأ دور الفلسفة يتراجع باعتبار أنه يبحث في التفسيرات الميتافيزيقية للمتغيرات الزمانية، وعن أصل الوجود، فالعالم من الوجهة السياسية صار يسير في اتجاه أحادي نحو الرأسمالية، وأصبح الاقتصاد والسياسة يسيران جنباً إلى جنبٍ ليس في اتجاه متوازٍ، وإنما في أنبوب واحد، فكلاهما يؤثر في الآخر سلباً وإيجاباً، وتنعكس على دفة كليهما ما تمت صناعته وتوجيهه، وتمت الأدلجة الثقافية للعالم بوجه عام لينحو هذا الاتجاه، حتى أصبحنا لا نرى أو نسمع عن فلاسفة بارزين في العصر الحديث، كما ضعفت الثقافة العربية بوجه عام، وضعفت الفلسفة العربية باعتبار أنها - أي الفلسفة - جزء من هذه الثقافة التي أقل ما توصف به أنها ثقافة مأزومة، ولم يبتعد كثيراً عن هذه الحقيقة من قال: (إن العرب ظاهرة لفظية، غير مؤثرة في إحداث التغيير الذي هو هدف الفلسفة أو الماركسية على وجه الدقة، إضافة إلى تفسير إرهاصاته وتفسير تبعاته، وصولاً إلى انهيار القيم الفاضلة، واللجوء إلى الفكر الاقتصادي العلمي القائم على المعملية البحتة، والتجربة التي لا تعرف طريقاً غير المعمل، والموضوعية التي نفتقر إليها في العالم العربي، بينما الفلسفة قائمة في الأساس على الذاتية المحضة، حتى بدا للكثيرين أن هناك تعارضاً ما بين العلم من جهة، والفلسفة من جهة أخرى، بينما في الحقيقة التعارض غير موجود، بل الطريقة التي يبحث بها الفيلسوف في قضية ما تختلف في المنهج تماماً عن الطريقة التي يبحث بها العالم؛ فالعالم يبدأ من حيث انتهى من قبله، بينما الفيلسوف يبدأ من حيث بدأ من قبله، يبدأ دائماً من نقطة الصفر حتى يصل إلى نتيجة قد تتفق أو تختلف مع من جاء بعده، لكن العلم لا يوجد به إلا البحث المعملي الذي نفتقر إليه الآن على المستويات جميعها.

aboelseba2@yahoo.com



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved