Monday 21/10/2013 Issue 14998 الأثنين 16 ذو الحجة 1434 العدد
21-10-2013

قيادة المرأة للسيارة اختيار وليس إجباراً

هناك مطالبة واسعة برفع حظر قيادة المرأة السعودية للسيارة، هذه القضية التي أشغلت الداخل والخارج لعقود طويلة ظل فيها هذا المطلب معلقاً وخاضعاً للشد والجذب حتى أخذ حيزاً كبيراً من النقاش والجدل، الذي لو وفر لقضايا الإصلاح والتطوير لكان المجتمع أفضل حالاً.

منذ تأسيس الدولة السعودية الحديثة والتطور الذي لامس جميع المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية وغيرها لاحقاً ظلت المرأة وقضايا حقوقها ومشاركتها في الحياة العامة هاجساً مربكاً أمام طوفان التطور والانفتاح الحضاري، وصداعاً مزمناًً لدى بعض فئات الجتمع التي تطالب أن تظل المرأة ذلك الكائن المطيع الذي يلد ويربي ويؤدي واجباته المنزلية بكل هدوء وسلام دون أن يتطور مع الزمن أو يتسع مع اتساع العلم ومعرفة والحياة من حوله، بل يظل مقصياً عن كل ذلك.. منقاداً لا قائداً.. تابعاً لا شريكاًً.. متأثراً لا مؤثراً.. لعدم ثقة تلك الفئات في المرأة أو في نفسها ومجتمعها، لذا نجد أنها تصاب بحالة قلق وهلع حين تتسع أمام المرأة فرص الحياة وتتزايد لتصبح شريكة في عملية التنمية بكافة جوانبها ومعانيها.. فعبر الزمن يتضح لنا أن هؤلاء هم من وقفوا ضد تعليم المرأة سابقاً، وعمل المرأة في المحلات التجارية، ودخولها مجلس الشورى كعضوة أو مستشارة.. هؤلاء يخافون من التطور لأنهم لا ينسجمون معه، يشعرون بأنه أكبر منهم، وأنه لا يشكل فرصة بل خطراً، ولا منحة بل محنة، سلاحهم الأقوى هو الدين يتقنون اللعب على أوتاره، مستعينين بقاعدة فقهية حيناًً وقصص ترهيبية أحياناًً أخرى.. وما قضية قيادة المرأة إلا نموذج صارخ يكشف تناقض فكرهم وضعف حججهم وارتباك منطقهم.. فكيف يحذرون من الشر المستطير المحدق بالسماح للمرأة بقيادة السيارة متحججين بخوفهم وغيرتهم عليها، ويغضون البصر قصداً عن ذلك الرجل (السائق) غريب البلد والدين والعادات الذي تركب معه في مركبة -مترين في مترين- في عز الليل أو في وضح النهار ليقلها وأبناءها الصغار لمشاوير حياتهم المختلفة، متجاهلين حجم الضرر المادي والأمني والأخلاقي المترتب على ذلك.. وقد تؤلف كتب ومجلدات عن معاناة النساء المريرة مع السائقين من ابتزار وتحرش واستفزاز وإهانات مختلفة.. فأين الغيرة من ذلك؟ أي رجولة تلك التي تسمح لبنات الوطن بأن يدخلن رجلاً غريباً الى بيوتهن ويركبن معه يومياً ساعات طويلة ومسافات بعيدة؟ أم أنها غيرة انتقائية تسلط الضوء على عيب وتتجاهل ما هو أنكى منه؟ لماذا يصور لنا هؤلاء المتزمتون أن شبابنا ما هم إلا “ذئاب بشرية” ستنقض على بنات الوطن بمجرد أن يمسكن المقود ويقدن السيارة؟ أليس شبابنا هم نتاج مناهج تدرس أكثر من مواد دينية؟ أليس هم من يتشدقون ليل نهار بخصوصية مجتمعنا “المتدين”والمحافظ”؟ أليس شبابنا هم أنفسهم من يتابعون منابرهم وخطبهم؟ أم أنهم لا يثقون بمجتمعاتهم ولا حتى بأنفسهم؟ فتخرج حججهم مدحوضة من فم قائلها.

إن من يطالب بقيادة المرأة للسيارة يؤكد على رؤوس الأشهاد بأن القيادة خيار وليست إجباراً.. بمعنى أنك لو كنت رجلاً أو امرأة وترفض فكرة القيادة فلست مجبراً على فعلها، ولن تعاقب إن لم تشارك، لأنه في نهاية المطاف خيار شخصي.. ولكن في المقابل ليس من حقك أن تمنع من تريد أن تمارس حقها البديهي والمنطقي في ذلك، أو أن تشكك في عفتها أو طهارتها أو سلامة نواياها فقط لأنها تخالفك الرأي والفكر..

أخيراً أعلنت الحكومة السعودية في أكثر من تصريح لها بأن قيادة المرأة السعودية للسيارة قرار يتخذه المجتمع.. وها هو جمع غفير من المجتمع يطالب بقيادة المرأة للسيارة مؤكدين أن الوقت قد حان لذلك.. فهل سنجد دعماً وتأييداً حكومياً لذلك؟ لا أعرف.

Twitter:@lubnaalkhamis

 
مقالات أخرى للكاتب