Wednesday 23/10/2013 Issue 15000 الاربعاء 18 ذو الحجة 1434 العدد
23-10-2013

الصوت المهني الغائب

التوجه السائد في خطابنا الإداري الحالي يرتكز في الجانب الاقتصادي على مشروع الخصخصة وتشجيع القطاع الخاص على المزيد من الإسهام في إدارة العجلة الاقتصادية والتنموية وفي الجانب التنموي الاجتماعي على إتاحة مزيد من الفرص العملية للمواطن أو ما يعرف بمشروع السعودة، ولأجل هذين المشروعين يتم تحديث وإصدار كثير من النظم والتشريعات الإدارية والتنظيمية والاقتصادية، التي أقدرها كمتابع للجهود والمحاولات القائمة في هذا الشأن، وليس كناقد اقتصادي أو قانوني متخصص بالبحث في ثنايا النظم وتفنيدها بنداً بنداً. في الجانب المهني أجدنا نتحدث عن ضرورة السعودة وكيفيتها في مختلف المهن والمجالات ولكنني في خضم كل ذلك أجد أن هناك صوتا غائبا وسط كل هذا الضجيج، ألا وهو صوت أهل المهنة أنفسهم، وهذا يقود إلى أسئلة، أطرحها كمقدمة لهذا المقال:

هل يوجد لدينا صوت مهني (من المهنة أياً كانت تلك المهنة)؟

من يحق له التحدث باسم المنتمين إلى مهنة محددة، وكيف حصل على ذلك الحق؟

هل المتحدثون والمنظرون في وسائل الإعلام هم يمثلون حقاً الصوت المهني لمهنهم المختلفة، أم أن صوتهم يبدو مجلجلا فقط لأنهم الأقدر على الاعتلاء الكلامي والأقدر على بناء العلاقات الإعلامية التجارية الاجتماعية؟

عند الحديث عن الخصخصة يجدر بنا استقراء التجارب المتقدمة فالقضية ليست مجرد نقل ملكية القطاع العام إلى القطاع الخاص، بل إن هذا النقل في الملكية يجب أن يضمن استمرارية تقديم الخدمة لأكبر شريحة ممكنة من المواطنين والمقيمين، ويجب أن يضمن الارتقاء بجودة الخدمة وحقوق العاملين وحقوق المستهلكين على السواء، فكيف يحدث ذلك؟

الحكومة ستكون مسؤولة عن التشريع التنظيمي للخصخصة وستكون مسؤولة عن تصريحات العمل للقطاع الخاص وستقوم بأدوار رقابية إشرافية تضمن في الأساس تدفق عائداتها المرجوة من برنامج التخصيص، بينما القطاع الخاص سيكون اهتمامه الرئيسي منصباً على زيادة عائداته وأرباحه وبدرجة ثانية على الوفاء بالشروط الرسمية في عملية التخصيص، من هنا نجد أن صوت العاملين في مؤسسات القطاع الخاص والعام ضعيف وقد لا يجد من يرعاه بشكل مناسب أمام تضارب المصالح سواء الحكومية أو الخاصة مع حقوق أولئك العاملين، والمستهلك كذلك قد يجد نفسه في النهاية أسير مصلحتين، حكومية وخاصة، تتفقان على جني أكبر من الأرباح التي تأتي على حسابه، وفي أحسن الأحوال قد يجد نفسه بين مطرقة جهة حكومية ذات آليات رقابية وتقييمية متواضعة وسندان قطاع خاص جل تركيزه تحقيق الأرباح الفاحشة التي لأجلها قد يحدث حتى التحاول على الرقابة الحكومية.. من هنا يتطلب الأمر وجود جهة ثالثة تضبط هذه العلاقة أو تجيرها لما فيه صالح المستهلك وصالح العامل وصالح التطوير المهني، وكلاهما، أي المستهلك والمهني يهمهم بالدرجة الأساسية الحفاظ على مبدأ العدالة ومبادئ المهنة المعنية، هذه الجهة ستتمثل حتماً في الهيئات والجمعيات المستقلة عن القطاعين الحكومي والخاص، وتحديداً الهيئات والتنظيمات الأهلية والمهنية..

يتبع..

malkhazim@hotmail.com

لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm

مقالات أخرى للكاتب