Tuesday 29/10/2013 Issue 15006 الثلاثاء 24 ذو الحجة 1434 العدد
29-10-2013

كَيف تتألقُ الدولةُ بمشاريعها..؟!

المواطن الحق من يَحْمِل هَمَّ أمته في السراء والضراء، ويعرف دوره في سياقاتها المتعددة، بوصفه على ثغرٍ من ثغورها. وحَمْلُ الهَمِّ من أولويات المسلم الواعي.

ومن لم يَحْمِلْ هم المسلمين فليس منهم. فكيف به إذا كان الهمُ هَمَّ الأهل والعشيرة. وحب الوطن جزء من العقيدة:-

[ وما حُبُّ الديارِ شَغَفْن قَلْبِي

ولكن حُبُّ مَنْ سَكَنَ الدِّيارَ]

إن المواطنة النابضة بالحيوية هي حب الإنسان لأخيه الإنسان، لا يظلمه، ولا يُسلِمه، ولا يخذله. وحبه يستدعي حُبَّ ما يوفر له مقومات الحياة السوية. وفي الحديث:- [أحِبَّ لأخِيك ما تُحِبُّ لِنَفْسِك].

تداعت هذه الخواطر على ذاكرتي، وأنا أستعرض التغطية الإخبارية المبهجة في الجريدة عن المشروع العملاق في المشاعر المقدسة الذي تنفذه [شركة الفوزان للتجارة والمقاولات] واغتباطي يتضاعف لأسباب عدة:-

- فهو مشروع وطني عملاق.

- ومشروع إسلامي يتساوق مع عدد من المشاريع التي حَلَّت الأزمات، وفَكتَّ الاختناقات في المشاعر المقدسة، وأعطت الدولة بُعْداً قِيمياً، تُجمع الأمة الإسلامية على تميزها. وهو تميز يُضاف إلى اسهامات إنسانية، وإسلامية، وعربية، عُرِفت بها [المملكة العربية السعودية] وحُقَّ لها أن تُسَمَّى مملكة الإنسانية، وأن تكون حاضرة في المغارم، غنيةً عن المغانم.

- ثم إن هذا المشروع نُفِّذَ من شركة وطنية، تَرْبِطني بصاحبها رابطة أُخُوَّةٍ وصداقة، امتدت لأكثر من ستة عقود.

فرئيس مجلس إدارتها الشيخ [محمد بن عبدالله الفوزان] صديق عمر وَفِيٌّ، زاملته في السنة الرابعة الإبتدائية في المدرسة الفيصلية ببريدة عام 1374هـ، ولما نَزَلْ على صِلةٍ تعمرها المحبة والصفاء.

ولقد عرفت فيه الصدق، والإخلاص، والثقة بالنفس، والحرص على الوفاء بالالتزامات، وفعل الخيرات، زاده الله من الخير، وثبته على الحق.

وشهادة الأمير [خالد الفيصل] بسرعة الإنجاز وجودة الأداء، دليل على ما تتمتع به الشركة من حرص على الوفاء بتعهداتها. فسمو الأمير عُرف بالصراحة، والصرامة، ودقة المتابعة، وعدم المداهنة، كل ذلك حَفزني على تناول هذا الموضوع، واستثمار معطياته الإيجابية.

فـ[المُجَمَّع الحكومي في حي المشاعر] يُعَدُّ واحداً من المشاريع العملاقة، التي بادرت الدولة في تنفيذها، لتمكين كافة المشاعر من توفير الراحة والسلامة للطائفين، والعاكفين، وهو مشروع تم إنجازه في وقت قياسي، ليتساوق مع عشرات المشاريع العملاقة في المشاعر المقدسة.

والطفرات التي تَمُرُّ بها البلاد، تتطلَّب شركات تفي بما التزمت به، وتنفذ المشاريع وفق المواصفات، وفي المدة المحددة. فعسى أن تعيد الشركات المقصِّرةِ حساباتها، وتلحق بالركب المُخِبِّ.

لقد ضاق المواطن ذرعاً بالشائعات التي يجترها الناس في مجالسهم عن إخفاق كثير من المشاريع بسبب الشركات المنفذة، وكم تسعده الإشادة بأي شركة وطنية، نفذت التزاماتها، وأنهت مشاريعها وفق المواصفات، وفي الوقت المحدد.

وحين تَتَجلَّى قُدُراتُ أيِّ شركةٍ وطنية في تنفيذ أَيِّ مشروعٍ يُحس المواطن بالسعادة، لأننا بَرِمْنا من فيض الاتهامات المبالغ فيها عن كثير من مشاريع وطننا، واستأنا من صيحات التذمر التي لا تجد من يأخذها بحقها.

وما نَحْمده لكبار المسؤولين في الدولة مبادراتهم بالإشادة حين تتميز شركةٌ مَّا في تنفيذ التزاماتها، وعدم ترددهم في محاسبة أي مقصر.

وإن كان ما تنفذه الشركات الملتزمة حقاً واجباً عليها، فإننا نود في الوقت نفسه أن نجد القدوة في التنفيذ، وتقليص التذمر والاتهام والتقليل من قيمة مشاريع الدولة، بسبب تقصير الشركات المتعهدة. فنحن في بلد يعيش ربيعه الحقيقي، وتعج مُدُنُه وصحاريه بالمشايع الخِدْمِيَّة والاستثمارية،ولا نود أن يُعَكرَّ صَفْوُ هذا الربيع، ولا أن يقلل من قيمة إنجازاته.

وأيُّ مواطن مُخلصٍ لوطنه، صادقٍ في محبته، يود أن ينقطع دابر التذمر والشك والاتهام والتصعيد. وفي المقابل فإن أيَّ مشروعٍ يُنْجز في وقت قياسي، وعلى ضوء المواصفات، يجب أن يقابل بالرضا والإشادة.

فالدولة حين تطرح المشاريع [المليارية] بالتعميد المباشر، تود أن تتم بالشكل الذي تريد، وفي الوقت القياسي،كي ينعم المواطن بهذا الإنجاز، فهو منه وله. وتعثر المشاريع، يؤجل الانتفاع، ويُبَطَّئ بمشاريع أخرى تنتظر دَوْرها.

وإذا كنا بحاجة إلى [هيئة لمكافحة الفساد] وقد قامت، فإننا بحاجة إلى من يعرف الفضل لذويه، ويقول للمحسن أحسنت، وللمسيء أسأت. فمن أمن العقاب أساء الأدب.

ذلكم بعض ما حفزني على الحديث عن مشاريع الدولة في المشاعر المقدسة، وعن الشركات التي وُفِّقَتْ بالوفاء بالالتزام.

وإذا أصبح من حقنا أن نقول للمخطئ أخطأت، فإن من واجبنا أن نقول لمن أصاب أصبت. ومن لم يشكر الناس لا يشكر الله.

وواجب كل مواطن أن يكون عيناً للدولة، رائداً لها. و[الرائد لا يكذب أهله]. فمن أشاد بالمقصر، فقد خان أمانته، ومن كتم شهادته بحق المُجَلِّي، فقد عُد من الساكت عن الحق.

وكل مواطن حين يَسْمع بمشروعٍ عِمْلاقٍ نُفِّذ في أي بقعة من وطنة، يتمنَّى أن يكون لمسقطِ رأسه نصيبٌ من ذلك، إلا مشاريع المقدسات، فهو يطلب لها المزيد.

ومشاريع الحرمين الشريفين بَلغَتْ ذُروتها في التوسعة والجودة، وسرعة التنفيذ.

وذلك فضل من الله نذكره ونشكره، ونتمنى المزيد منه. وهل بعد أم القرى من أمهات ؟.

لقد كنا من قبل نَعُدُّ رَمْي الجمرات من المغامرات المحفوفة بالمخاطر، وهي اليوم من المتع التي يسعى إليها الحاج، وهو مُطْمئن النفس، وكذلك التنقل بين المشاعر، فحين أُنْجِزَ مشروعُ [قطار المشاعر] بدت الانسيابية، وفكت الاختناقات. وما نتمناه أن يكون المطاف بعد مشاريع التطوير كذلك،حتى تكون المشاعر الثلاثة: [المطاف، والمسعى، والجمرات] من السعة والأمان، بحيث لا تُضْطر الدولة في عام من الأعوام إلى تقليص عدد الحجاج، وإقناع الرأي العام العالمي بمشروعية مثل هذا القرار الاضطراري.

إننا لكي نَقْطَع دابر اللغط المُسِيء لمشاريع بلادنا فإن على جهات الاختصاص وضع سجل شرف لكل شركة تلتزم بتعهداتها، وتنجز ما أُسَنِد اليها من مشاريع في الوقت المناسب، وعلى مستوى الجودة المطلوبة.

وما لم تكن هناك محاسبة عسيرة لكل مُقَصِّر، فإن التقصير يتحول إلى إفساد، والخطأ يتحول إلى خطيئة. وذلك ما لا نريده لوطن يتعملق في زمن الأقزام.

Dr.howimalhassan@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب