Tuesday 19/11/2013 Issue 15027 الثلاثاء 15 محرم 1435 العدد
19-11-2013

الرقص على حبال التصريحات

أنا سعيدة بمتابعة التقارب الخليجي وتباحث المسؤولين فيه للمسائل المشتركة _و أولها الأمن الداخلي والخارجي _ في إطار شمولي, وبهدوء دون صخب.

أتذكر مقابلة أجرتها البي بي سي البريطانية مع وزير الخارجية القطري سابقا. وقد استطاع الصمود أمام الأسئلة المحرجة واحتفظ بهدوء صوته وابتسامته في معظم المقابلة وإن استطاع المذيع إثارته حين أشار إلى تناقض بعض تصريحاته الرسمية حول العلاقة مع العراق, والمشاركة الفعلية للقواعد القطرية في الهجوم المحتمل وقتها ضد العراق,ثم حين أشار إلى مهاجمة الصحافة السعودية له بصورة شخصية.

هنا كاد الوزير أن يفقد تحكمه في التعبير الدبلوماسي و في ابتسامته.

و أقول كاد .. و لا ألومه..

في ظل حملة غربية صهيونية محمومة تشكك في سلامة الأوضاع في المنطقة العربية كلها, وفي أجواء عالمية مكفهرة تنذر بالمزيد من الاشتعال في هذه المنطقة بالذات, ماذا يستطيع الدبلوماسي أن يقول, وهو في أي تصريح يحاول الرقص على حبل دقيق مشدود فوق هوّتين؟

ليس من السهل مواصلة التوازن فوق الحبال العالية دون الترنح قليلا، فكيف إذا كان هذا التوازن في أجواء مليئة بالغبار الخانق؟

***

لندع إذن بتفاهم مرض، وحل للتشابكات المتداخلة التي يتأزم بها الحوار: تنافس على الريادة وتضارب مواقف علاقات الجوار الحميم القريب والبعيد, و اختلاف على حدود لم توثق بعد, وعدم اتضاح الرؤية حول وجهة المنطقة ككل.. و أضف نضوب في المياه.

والله يعلم أن المياه في المنطقة لا تقل أهمية ولا تأزما عن مسألة العلاقات الدبلوماسية. و في الحالتين لابد من الحل.

***

وأتذكر هنا مرئيات د. غازي القصيبي مبدع «في عين العاصفة»؛ الإداري السعودي متعدد المواهب- رحمه الله- كان دبلوماسيا ومواطنا خليجيا استثنائيا يستحق لقب حلال المشكلات. و قد يثير الغبار أحيانا, ولكن ذلك يأتي دائما من باب توضيح الرؤية.

حين تولى سفارة المملكة العربية السعودية في لندن استمر عملاقا يملأ السمع والبصر. رجلاً عالي الكفاءة والتأهيل ذا ماض حافل بالخبرة الإدارية لا يبتسم كثيرا في المقابلات وقلما يعترف بالرقص على الحبال. مواطن عربي صادق الانتماء, وشاعر أصيل عفوي التدفق بالكلمات التي يرحب بها المواطن الخليجي والعربي ترحيبه بالمطر في شح المواسم. وقد يكون تدفق الكلمات الصادقة أحد الأسباب للتفاؤل بأن تعيينه في وزارة المياه سيحمل انفراجاً وحلولا في أزمة المياه والعلاقات.

***

في زمن استسهال الصخب يعجبني الهدوء الخليجي .. الذي يسبق مفاجأة العاصفة.

ودعائي لكل الدبلوماسيين العرب بوضوح البصيرة .. وتوازن التصريحات.

مقالات أخرى للكاتب