18-09-2014

ماذا يخسر العالم الإسلامي بوجود داعش؟

تقف المملكة اليوم في قمة الحدث العالمي الأبرز في صناعة أحداث المنطقة مع شقيقاتها دول مجلس التعاون الخليجي وعدد من دول المنطقة وبعض دول العالم في التصدي لداعش، ذلك التنظيم الذي امتهن من الإسلام سلاحا يقاتل به على غير هدى، وبما يجعل الإسلام

الدين المكروه بين أديان العالم، وعلى أساس أنه دين قتل وذبح وإعدامات وتدمير، كون الإسلام هو ما يدعيه هذا التنظيم وما يراه العالم هو أساليب وحشية ومجازر جماعية تندى لها الإنسانية.

والمملكة عندما تقاتل هذا التدمير وتواجه أهدافه فهي تدافع عن الإسلام بالدرجة الأولى، فالإسلام أحظى وأقدس من اختطافه من هكذا جماعة تلطخ سمعته وتخلق منه دينا عكس مضمونه ومحتواه.

ومن يقول إن غربيين انضموا تحت لواء هذه الجماعة واقتنعوا بما تدعو له، فنقول إنهم قد يبلغون عدة آلاف، ولكن في المقابل عدة مليارات من سكان العالم تشاهد هذا القتل وهذه الإعدامات وترى فيها سبلا وحشية وعملا إرهابيا يظنه البعض منهم ولربما بعمدية واضحة أن هذا الدين هو تلك الممارسات الشاذة التي تقوم بها تلك الجماعة ونشاهدها على صفحات الإنترنت وفي ملفات يوتيوب وغيرها.. وهذا للأسف هو قمة الإساءة للإسلام التي يمكن أن تصدر من مسلمين بالدرجة الأولى.

نعم لقد انبرت المملكة للدفاع عن الإسلام قبل أن تدافع عن مكان أو مؤسسة أو دولة، فلو سكت العالم الإسلامي عن تلك الأفعال وتلك الشنائع، لكان أحرى بتثبيت تلك الممارسات ولصقها بالإسلام. لقد كان الموقف المبدئ الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين في شهر يوليو الماضي بمثابة إنذار للعالمين الإسلامي والعربي في كون هذه الجماعة قد اختطفت الإسلام، وحري بنا أن نقف ضد عملية الاختطاف هذه، وحري بنا أن نعلن للعالم أن تلك الممارسات الإرهابية الشنيعة التي ترتكبها داعش وربما غيرها من التنظيمات الإرهابية باسم الإسلام، نحن براء منها، وهي لا تمت لأصول الإسلام وقواعده وتشريعاته بصلة. وكانت تلك الكلمة قد وجدت صداها في كثير من أنحاء العالم الإسلامي وفي دول أخرى ولدى مؤسسات ومراكز إسلامية في كثير من دول العالم. كما أن الدول العظمى قد أيقنت أن داعش بما ترتكبه من مجازر ضد الإنسانية يجب أن يتم إيقافها نهائيا.

لقد كان اجتماع جدة بمثابة بداية حقيقية لتوجه عالمي لإيقاف داعش عن مطامعها وعن جبروتها على أناس أبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ والرجال، ثم تلاه اجتماع باريس هذا الأسبوع لوضع النقاط على الحروف في بناء تحالف عالمي ضد هذا التنظيم. ومن المتوقع أن الحشد العسكري طيران وجيوش ولوجستيات من شأنها أن توقف تهديد هذا التنظيم الخطير على أمن واستقرار المنطقة.

وكما ذكرت في مقال الأسبوع الماضي أن المعضلة التي تواجه التحالف العالمي ضد داعش هو كيف يتم التعاطي مع هذا التنظيم داخل الأراضي السورية؟ فمن المعروف أن النظام السوري الذي فتك بأهله وشعبه وقمع الأخضر واليابس هو من احتضن ويحتضن داعش وقيادتها وقواتها، وخير دليل على ذلك أن النظام بدأ يهدد بإسقاط الطائرات التي ستضرب قوات داعش، وهذا من شأنه أن يكشف أسرار العلاقة التي تربط بين الطرفين. وحتى لو لم يستطع النظام القمعي السوري أن ينفذ تهديده فيكون بذلك قد ضحى بداعش كتنظيم تم اختراعه من قبل بشار الأسد والاستخبارات الإيرانية من أجل خلق بلبلة وتشويش على جبهة المعارضة السورية الشرعية.

إن العالم الإسلامي سيخسر كثيرا بوجود داعش على خارطة الحركات الإسلامية لما تعنيه من بناء صورة إرهابية عن الإسلام، وربط الإسلام بالمجازر والحروب والإعدامات والقتل الذي تنفذه الحركة منذ عدة شهور في العراق وسوريا.

وفي المقابل سيكسب العالم الإسلامي باندحار هذه الحركة وخروجها من واقع المنطقة ودوائر النفوذ، حيث سيعلم العالم أن هذه الصورة البشعة التي بنتها داعش خلال الفترة الماضية ليست إلا صورة متطرفة جدا لأناس متطرفين يقرأون أنصاف النصوص ويفسرون بما تهوى أنفسهم وتغلب عليهم المصالح السياسية البحتة، وسيعلم العالم علم اليقين أن نشوء حركة داعش هي اختلاق استخباراتي سوري إيراني بمؤازرة من بعض الجماعات المتطرفة في العراق، وجاءت هذه الحركة لتقتات على فشل نوري المالكي ومحاربته لعشائر السنة في العراق وفي محاولة يائسة لخلط أوراق المنطقة وبعثرة قضاياها الأساسية.

alkarni@ksu.edu.sa

رئيس الجمعية السعودية للإعلام والاتصال،رئيس قسم الإعلام والاتصال بجامعة الملك خالد

مقالات أخرى للكاتب