انه شاب يافع واسع العينين عريض المنكبين يتصف وجهه بالوسامة وجسمه بالرشاقة (لست أنا المقصود رغم تشابه الأوصاف!) يحب العمل ويحرص على الإتقان.
انه (عبده) العامل في محل البنشر المجاور لمنزلي، أكثر ما يميزه توفر الإجابة المباشرة لكل سؤال حائر، فهو لم يطبق الحكمة القائلة (اعرف شي عن كل شيء، واعرف كل شيء عن شيء). لذا أصبح يعرف (كل شيء عن كل شيء!) وهو بذلك يذكرني بقول الشاعر:
ما قال (لا) قط إلا في تشهده
لولا التشهد كانت (لاؤه) نعم
سألته ذات مرة عن مدى أهمية تغيير الفلتر؟ فحلف واقسم انه ضروري مع كل تغيير للزيت، وعن جودة الفلتر الذي يبيعه؟ فحلف واقسم بأنه الأصلي، وعند طلب توصياته لاختيار نوع الزيت المناسب أشار إلى احد الأنواع وهو يحلف ويقسم بأنه الأفضل، وعندما استغربت قيامه بوضع ملصق للسعر على العلبة اخذ يحلف ويقسم بان ذلك تم حسب تعليمات الوكيل!
وحين ترددت كثيرا في عدد علب الزيت المناسبة، فكتيب السيارة يقول انها خمس علب، بينما أصدقاء (عبده) كل يحلف ويقسم انها ست، سبع، سبع ونصف. عندها ضحك (عبده) بثقة وقال: اقسم بالله انها خمس علب ونصف، وإلا فان سيارتك ستتلف (وقل ما قاله عبده).
بعد ذلك كله لم يبق لي خيار آخر فسمعت كلام (عبده) ولم اسمع كلام الوكالة لأنها لن تستمع أو تجيب عن أسئلتي، ولن تحلف أو تقسم!
وفرحت كثيرا لأني وجدت أخيرا من ينتصر على الوكالة.
فغادرته وأنا اردد: ينصر دينك يا (عبده)!!
ودمتم.
