مضت مدة طويلة لم يتعود ابن هذه الأرض على السيارة، يستوي في ذلك الشعور البدوي والحضري، رغم تكاثر السيارات في المدن وبالذات مدينتي جدة والدمام، حيث في الرياض لا توجد سيارات إلا في القصر الملكي ولا تتجول كثيراً في شوارع الرياض الضيقة آنذاك.
ومع هذا فقد ذكرها الشعراء بالكتابة أحياناً مثل قول أحدهم:
يا راكبٍ كور ما يدلّي
لو يسهج القفر ما يذوقه
له مركبٍ كنه الزلي
شره على الطير بلحوقه
يلاحظ القارئ الكنايات الدالة على السيارة مثل (ما يدلي) أي لا يخفض رأسه للرعي وأوضح الشاعر ذلك في الشطر الثاني من البيت (لو يسهج القفر ما يذوقه) والقفر هو كناية للمراعي التي لم يصل إليها أحد فهي قفر لم تطأها قدم آدمي أو حيوان.
وكذلك قوله (له مركب كنه الزلي) إشارة إلى سعة السيارة والراحة لركوبها وكأن الراكب فيها يجلس في مجلس مفروش بالزل.
ويصل الشاعر في الشطر الأخير من البيت الثاني إلى مثار الدهشة في هذا الكائن الجديد وهي السرعة حيث يقول: (شرهٍ على الطير بلحوقه) أي كأن السيارة في الأرض تسابق الطيور في جو السماء.
وفيما بعد اقترب الناس من السيارة شيئاً فشيئاً حتى عرفوا الكثير عنها ليس أسماؤها فقط بل حتى بعض أجزائها، حيث يقول الشاعر بندر بن سرور رحمه الله:
راكب اللي مخ رجليه خنزير وهوا
أشهبٍ في مدقر نجمتين وعكس تاج
فها هم عرفوا شيئا مهما عن هذا الكائن المسمى (الترنبيل) أو (السيارة) فأرجلها مجرد خنازير مملوءة بهواء.
وفي العدد القادم سنقف على اكتشافات أخرى لأجدادنا عن السيارات.. فإلى اللقاء.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال ، ارسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب "902"ثم ارسلها إلى الكود 82244
madarat@al-jazirah.com.sa