Culture Magazine Monday  05/03/2007 G Issue 189
نصوص
الأثنين 15 ,صفر 1428   العدد  189
 
قصتان قصيرتان
مناجاة لبعض روحي
طاهر أحمد الزارعي الأحساء

 

 

هروب

كلما شعرت أنها نحلة تتوق للطيران وجمع الرحيق.. أخذتها النشوة بأن تتجول في الأنحاء، تصطاد بقايا الضوء المتساقط من بين فوهات الأشجار!

ذات لحظة، وهي تتفحص دائرة السكون.. هربت من شيء أرعبها، وحولها إلى حالة فزع! لم تكن - حينذاك - تعبأ بكل ما يصادفها من أعشاب مستلقية.. وأغصان متكئة على ظهر الأرض.. وحشرات فاغرة الأفواه تتضور جوعا وعطشاً.

كانت في مشيها الكثيف تنظر قبالة السماء.. وتقتحم مسافات الوحشة المتسللة خلسة من جميع الجهات.

ركضت عن أقنعة الخوف قليلاً، واستلقت على جسد هش من الأعشاب.. أحست بخيانة من تحت الأطراف حيث تقلصت الأعشاب إلى الأسفل.. وتثاءبت الأرض بسرعة جنونية، حاولت أن تتسلق بأي شيء أمامها أو خلفها فلم يسعفها زمن اللحظة!

أصوات تسكن العتمة

أدار كوة المكان.. تطاير الظلام الكثيف أمام عينيه.. تجنبه بحذر شديد.. أخذ يبحث عن ثقب ضوء حاشد يمده بالصحوة والأمل.. تحسس باشتهاء حقيقة الأجساد المتآكلة.. ارتعش صمته في الزحام.. أصيب لحظتها بهول الفاجعة حينما سمع نداء استغاثة يصدر من بين فوهات الجدران السائبة!

ركض نحو الزمن، نفض الخرقة التائهة بعدما انتشلها من شفتي الأرض.. فتقهقهت من بين يديه وانزلقت ثائرة.. ومضت معلقة بالعاصفة المتمردة.. تأملته من بعيد كتمثال مشدوه! أخذت تستحم بذرات الغبار المتطايرة حيث امتلأت ثقوبها بالنسيان. ونبت في ذاكرتها الفراق فلم تعد تحلم بالالتصاق بتلك الأيدي مرة أخرى.. وظل ينتظرها مثل موعد بطيء.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة