Culture Magazine Monday  05/03/2007 G Issue 189
نصوص
الأثنين 15 ,صفر 1428   العدد  189
 
خالد الغانم يصف الوحدة شعراً
في الديوان رسالة إنسانية بين الشعر والحياة
عبدالحفيظ الشمري

 

 

يؤسس الشاعر خالد عبدالله الغانم لتجربته الشعرية الفتية قاعدة قوية، ترتكز عليها مقولاته، وتنطلق منها رؤاه نحو تحقيق معادلة المتعة والفائدة، حيث يؤسس الشاعر في ذات قارئ نصوصه شوقاً عاشقاً لكل مفردات البهاء، فيما تصبح الفائدة ضالة البوح الذي يذهب إلى الحقيقة ولا غيرها.

فلا يخرج ديوان (خلف قضبان الوحدة) الجديد للشاعر الغانم عن هذا التصور لمعادلة البهاء الشعري.. ذلك أن الشعر يحمل مضامين تتجاوز حدود النظم والتنظير إلى مشاغبة الفكرة في طروحات معرفية معبرة.. على نحو ما ذكره الشاعر خالد الغانم في هذا الديوان الذي جاء على هيئة رسائل عذبة تنم عن وعي واضح لمؤلفه في سياق الحالة الإنسانية والاجتماعية التي باتت لا تقبل الشعر بوصفه مشروعاً مربحاً يملك أداةً ترويجيةً تؤهله أن يكون (متوفراً) كأي سلعة، لنراه وقد اقتضب من غير إخلال في بناء مفردة شعرية ترتق الفارق بين الشعر والحياة الجديدة المتماهية في هروبها، ولهاثها خلف ألق لامع.

كأن الشعر لدى الغانم في سجن.. فها هو عنوان الديوان مصافحة تعكس هذه الفكرة التي نشأت قبل برهة حيث يومي الفضاء العام للشعر عموماً بأنه خلف قضبان الوحدة.. رغم أن الشاعر لم يألو جهداً في أن يلاطف المتلقي باستهلال شعري شيق في القصيدة الأولى من الديوان (ريح العشق) إذ نراه يدوزن الشجن على نحو بديع:

لا بد للقلب أن يفنى بنار هوى

فالعود بالحرق يهدي طيبه الزاكي

وراحة القلب قد أمهرتها تعباً

فجنة الحب قد حفت بأشواك

ديوان الشاعر الغانم يبصر في فضاء إنساني شفيف يؤكد على أن هنا أو هناك أبعاداً عاطفيةً قد تأتي على هيئة صور جديدة على نحو ما ورد في قصيدة جيش الألم، لنراه وقد أوعز لقلبه أن يتنكر لكل عاطفة لا تذهب إلى الحب الحقيقي الصادق:

عجبت لقلبي يرجو الشفاء

على يد من جرعته السقم

مررت بعمري مرور الكرام

ألا قاتل الله هذا الكرم

فلدى الشاعر خالد الغانم حس عفوي يناجز الأشياء خباياها الدفينة، لتظهر في العلن المقروء صورة المعاناة الحقيقية على هيئة رسائل شعرية شيقة، يجد القارئ فيها العزاء عن كل ما يجيش في ذاته المعذبة.

فالديوان لا يخرج عن هذا المفهوم الواعي للوجدان الأصيل.. ذلك الذي لا يقبل سقم العاطفة على علاتها إنما يظل وفياً لحالة البهاء الشعري المفعم بصور الوعي الذي يرفع من الذائقة ولا يسف فيها نحو حضيض الهاوية الكلامية.

تذهب القصائد إلى إذكاء مفهوم الرسائل الشعرية.. تلك التي تتسم في القصر غير المخل، في وقت تجد أن كل قصيدة في الديوان لها ميزتها الخاصة بها إلا الإطار العام للقصائد معداً من قبل الشاعر على نحو مقنن، ومحدد المعالم، ففي قصيدة (شموخ) يرسل الغانم خطابه الإنساني لغرض واضح يؤكد فيه رسالة الشعر، وأغراضه ومراميه، فلا يطغى في مجال كهذا لون على آخر.. حتى يفرغ القارئ من قراءة الديوان ليخرج من هذه الاحتفالية الشعرية بمكاسب أو (مغانم) تتمثل كما أسلفنا في اندماج معادلة المتعة والفائدة بما سواه من جماليات شعرية تسكن عوالم الديوان.

في النصف الثاني من الديوان يزداد ولع الشاعر الغانم في رسم فضاء الشعر المناسب.. ذلك الذي يؤصل لفكرة الاقتضاب في شرح الخطاب المراد وصوله للقارئ، لنراه وقد اعتمد على التكثيف والاختصار للفكرة متيقناً من أن رسالة الشعر ستظل أجمل حينما تكون مكثفة وموجهة لغرض إنساني واضح.

ديوان الشاعر خالد الغانم حقق شرطية الإبداع الجمالي.. إذ لم يكن هناك تباعد في الأفكار أو حشو في المفردات، أو ضبابية في رسم الصور، إنما ظل يناضل بوعي لأن يكون الإبداع محققاً لبعده الجمالي المتمثل في هذه الصور التي تحقق للقارئ نتائج مبهجة.

فليت الديوان لم يحمل هذا العنوان الصادم.. حيث نرى (الخلف) كحيز راحل، و(القضبان) كعنصر أسر موحش، و(الوحدة) كحالة إنسانية مؤذية، في وقت حمل الديوان صوراً مناوئةً لهذه الأفكار الثلاث، لنرى الحب والعشق والوعي والجمال هي جملة من مفردات خطابية شفيفة كفيلة بأن تغني عن حالة الحزن التي وردت في آخر الديوان.

إشارة:

* خلف القضبان (ديوان)

* خالد عبدالله الغانم

*دار المفردات - الرياض - 1427 هـ

***

لإبداء الرأي حول هذه المطالعة، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5217» ثم أرسلها إلى الكود 82244

(الديوان ص 5)


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة