Culture Magazine Monday  05/03/2007 G Issue 189
الثالثة
الأثنين 15 ,صفر 1428   العدد  189
 

رُعاةُ ظلالٍ وحارسو عُزْلات أيضاً
35 شاعراً وشاعرة في أول أنطولوجيا لقصيدة النثر في مصر

 

 
* الثقافية - عبد الله السمطي:

صدرت بالعاصمة الجزائرية أول أنطولوجيا لقصيدة النثر في مصر أعدّها الشاعر المصري المقيم ببروكسل عماد فؤاد. تضم الأنطولوجيا مختارات شعرية لـ35 شاعراً وشاعرة، وقد حرص فيها فؤاد على تنوع المراحل الشعرية؛ حيث تضم الأنطولوجيا نماذج شعرية لثلاثة أجيال شعرية من أجيال السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات.

الأنطولوجيا صدرت بالجزائر بمناسبة اختيار الجزائر عاصمة ثقافية للعالم العربي للعام 2007م. والشعراء المختارون هم: محمد آدم، عماد أبو صالح، رنا التونسي، هدى حسين، علاء خالد، حسن خضر، فارس خضر، محمود خير الله، إبراهيم داود، أسامة الدناصوري، عبد المنعم رمضان، ميلاد زكريا يوسف، ياسر الزيات، حلمي سالم، رفعت سلام، ياسر شعبان، جرجس شكري، محمد صالح، أحمد طه، كريم عبد السلام، عاطف عبد العزيز، ياسر عبد اللطيف، فتحي عبد الله، عزمي عبد الوهاب، عماد فؤاد، صفاء فتحي، محمود قرني، فاطمة قنديل، محمد متولي، إيمان مرسال، علي منصور، مهاب نصر، زهرة يسري، أحمد يماني، أشرف يوسف.

وقد أهدى عماد فؤاد الأنطولوجيا إلى بعض الأدباء الشباب الراحلين: (إلى روح الشَّاعر الصديق أسامة الدناصوري الذي رحل عنا في الأيام الأولى لعام 2007م، إلى أرواح مبدعين آخرين فقدناهم في أوج أعمارهم: مجدي الجابري، سيد عبد الخالق، وائل رجب). وقد قدم فؤاد الأنطولوجيا بهذا التقديم اللافت: (نعم..

نحن رُعاةُ ظلالٍ، وحارسو عُزْلات أيضاً..

طوال عقود خلت و(قصيدة النَّثر) المصريَّة تتواجد في الظِّل، وتنأى بنفسها عن أضواء النِّيون المشعّة في ردهات المهرجانات واحتفالات المؤسَّسات الثَّقافية المصريَّة الرَّسمية، صرنا نتعرَّفُ على بعضنا البعض مثل لصوص الحانات ومجرمي الطَّريق، نخطُّ سطورَنا ثم نمحوها لنخطَّها من جديد، ندَّخر من مالنا - القليل أصلاً - كي نطبع كتبنا على نفقاتنا الخاصة، ثم نوزِّعها على أصدقائنا يداً بيد، أو عبر عناوينهم البريدية الموزّعة على شتَّى بقاع الأرض.

ومما جاء في تصدير الأنطولوجيا أيضاً: ستكون هذه الأنطولوجيا - في ظنِّي - هي الأولى من نوعها، وعلى الأرجح ستكون أوَّل أنطولوجيا لقصيدة النَّثر المصريَّة تصدر حتَّى الآن بين دفَّتي كتاب، وليس غريباً أن تصدر في بلد آخر غير مصر، صدورها في بلد كبير بحجم الجزائر لا يدهشني كثيراً، بل يكاد يكون متسقاً أكثر مع طبيعة تلك النُّصوص وشعرائها، فحتَّى هذه اللحظة لم تزل المؤسَّسة الثّقافية الرّسمية في مصر تتمسّك بشعرائها المكرَّسين لتزيد من تكريسهم، وتنفي شعراءها الجدد وكأنَّهم أبناء سفاح. ليكن، نحن أيضاً تعوّدنا على ذلك على الرَّغم من أن شعراء قصيدة النَّثر المصرية احتلوا - خلال العقدين الماضيين - متن المشهد الشِّعري الرَّاهن، فيما تمَّت إزاحة الشُّعراء الآخرين إلى الهامش، حدث هذا من دون مساندة الصَّفحات الثَّقافية أو المنابر أو الدّوريات أو المجلات الرَّسمية المصريَّة البائسة، بل دعنا نقول: إنَّ المبدعين المصريين قدَّموا خلال الأعوام العشرين الماضية منابرهم المستقلَّة التي أخرجوها إلى النُّور من مالهم الخاص ووزَّعوها بأنفسهم، وهي التي أفرزت أجيال مبدعيها الرَّاهنين، تلك المنابر الثَّقافية التي جاءت كاستمرارية لحركة الطِّباعة المستقلّة التي بدأت تباشير ظهورها الأول في مصر عشيَّة الحرب العالمية الثَّانية مع تأسيس جماعة (الفن والحريَّة) في التاسع من يناير عام 1939م بمبادرة من الشَّاعر السُّوريالي (جورج حنين) ورفاقه (رمسيس يونان) و(أنور كامل) و(كامل التِّلمساني)، هذه الجماعة التي أصدرت نشرة (الفن والحريَّة)، وفي العام التَّالي أصدرت مجلة (التَّطور) التي كان تأثيرها في الحركة الثَّقافية المصرية كبيراً، واستمرت المحاولات الدؤوب من المبدعين المصريين في إصدار منابرهم المستقلة، وصولاً إلى العقدين الماضيين، هل ننسى - مثلاً - الدّور البارز الذي قدَّمته مجلة مثل (الكتابة الأخرى) التي أشرف على إصدارها طوال عشر سنوات الشَّاعر (هشام قشطة) مع مجموعة كبيرة من الشّعراء والمبدعين المصريين الذين يتصدَّرون المشهد الإبداعي الرَّاهن في مصر؟ وهل ننسى الدّور الذي قامت به مجلات أخرى أصدرها الكتَّاب المصريّون على نفقاتهم الخاصة وتوقّفت سريعاً بسبب تعثُّرها المادي؛ مثل: (الكتابة السّوداء)، و(الأربعائيون)، و(الفعل الشعري)، و(الجراد)، و(إيقاعات)، و(العصور الجديدة)، و(خماسين)، و(شعر) وغيرها؟ من هنا، ولكل ما سبق، نعتبر أن كلّ شاعر من الشُّعراء المتواجدين في هذه الأنطولوجيا إنَّما قدَّم منجزه الشِّعري بعيداً عن ضجيج الأبواق الرَّسمية، منفرداً، وحيداً، لا يُظلُّه إلا نصُّه، وعزلته، وإيمانه العميق بما يفعل.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة