Al Jazirah Magazine Tuesday  06/02/2007 G Issue 205
الملف السياسي
الثلاثاء 18 ,محرم 1428   العدد  205
 

السباق يستعر
الهنود يغزون الفضاء

 

 

يبدو أن السماء نفسها لم تعد سقفا لطموحات الهند التي تنطلق بسرعة كبيرة لاحتلال مكانة متميزة بين القوى العظمى في العالم، فبعد أن نجحت الهند خلال أقل من عقدين من الزمان في الانتقال من دائرة الدول النامية إلى مصاف الدول المتقدمة، أو على الأقل الواعدة، ها هي تقرر مزاحمة الكبار في عالم الفضاء.

وفي إطار اهتمام الدوائر الأمريكية بما يجري في الهند في مجال الفضاء نشرت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية تقريرا عن البرنامج الفضائي للهند تناولت فيه إطلاق الهند قبل أيام قمرا صناعيا إلى الفضاء في إشارة واضحة إلى رغبتها في اللحاق إلى ما يمكن تسميته بالسباق الفضائي الثاني.

وتقول الصحيفة: إن القمر الهندي سوف يحاول القيام بشيء لم يسبق لقمر صناعي هندي القيام به من قبل، وهو العودة إلى الأرض مرة أخرى ليسقط في خليج البنغال قبل مضي 12 يوما من دخوله في مداره بالفضاء. وإذا نجحت الهند في هذه المحاولة فسوف تنضم إلى مجموعة محدودة جدا من الدول التي تمتلك هذه التقنية، أي التقنية التي تسمح باستعادة الأقمار الفضائية وحمولاتها إلى الأرض مرة أخرى بسلام بعد إطلاقها، وهذه الدول هي الولايات المتحدة وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي، ولما كانت الهند تدير برنامجها النووي من أجل الوصول إلى مرحلة إرسال سفينة فضاء مأهولة بالبشر إلى الفضاء فإن مثل هذه التجربة تعتبر خطوة لا غنى عنها، كما أن هذه الخطوة تعكس رغبة الدولة الآسيوية الكبرى في الحصول على مكانة رفيعة على المستوى الدولي بعد أن تحولت إلى قوة اقتصادية عالمية بالفعل، ولا شك أن نجاح الصين في دخول عصر الفضاء وإرسالها سفينة إلى الفضاء ثم استعادتها، يشجع دولا آسيوية أخرى بينها الهند الدخول إلى هذا المضمار.

وبالنسبة للهند يمثل إطلاق الصاروخ الأخير مرحلة مهمة جدا لأكثر من سبب، فهو لا يحمل فقط القمر الصناعي المقرر إعادته إلى الأرض الذي سيجري تجارب مهمة قبل إسقاطه في خليج البنغال، ولكنه يحمل أيضا ثلاثة أقمار صناعية أخرى، وهي أكبر حمولة يحملها صاروخ فضاء هندي على الإطلاق.

المغامرة الفضائية

تمثل هذه الفترة الأكثر حرجا بالنسبة لمؤسسة أبحاث الفضاء الهندية، فمنذ تأسيسها في عام 1972م ربطت المؤسسة نفسها بالمشاريع الفضائية ذات الطابع التجاري، مثل تطوير الأقمار الصناعية المستخدمة في مجال الاتصالات ورسم الخرائط لمساعدة المزارعين والقرويين، ويقول ويل مارشال الخبير في معهد سياسات الفضاء في واشنطن: إن هذا جعل البرنامج الفضائي للهند متفردا جدا على مستوى العالم.

ومع نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي في الهند أصبحت أجندة البرنامج الفضائي الهندي أكثر طموحا، فقد تقرر إطلاق سفينة الفضاء شاندرايان إلى القمر في العام المقبل لتكون أول مركبة فضاء هندية تتجاوز مدار الأرض، كما يأمل الهنود في إرسال مسبار إلى المريخ بحلول 2013م، ومن المتوقع أن يتمكنوا في وقت لاحق من ذلك العقد من إرسال إنسان إلى الفضاء، وقد يقوم بزيارة للقمر، والمعروف أن الهند لم يكن لديها حتى الآن برنامج فضاء يتعلق بإرسال بشر إلى القمر، ولكن في نوفمبر الماضي اجتمع 80 من كبار علماء الهند ووافقوا بالإجماع على خطة مؤسسة أبحاث الفضاء الهندية الرامية إلى إرسال أول هندي إلى الفضاء بحلول عام 2014م.

وتصر الهند على أن هذا التحول من الجانب العملي شبه التجاري إلى جانب آخر ينطوي على (المغامرة) الفضائية يهدف إلى خدمة المصالح الوطنية للهند، وليس رد فعل على ما تقوم به أي دولة، كما يؤكد الخبراء أن إرسال مركبات مأهولة إلى الفضاء، ومحاولة الوصول إلى كواكب أخرى، هو التطور الطبيعي لبرنامج فضاء مثل البرنامج الهندي.

ويقول مارشال: إن مؤسسات أبحاث الفضاء هي من نوع المؤسسات التي تسعى باستمرار إلى دفع التكنولوجيا إلى آفاق جديدة كلما أجادت في مجال معين، ما يعني أن مؤسسة أبحاث الفضاء الهندية ربما تبحث عن تحديات جديدة من أجل تطوير أجيال جديدة من تكنولوجيا الفضاء الخاصة بها، كما أن الحفاظ على وجود الهند في نفس المستوى التقني لنظرائها في العالم يخدم مصالحها الوطنية.

الطريق إلى القمر

خلال العامين المقبلين سوف ترسل كل من الولايات المتحدة والصين واليابان مركبات إلى القمر، كما أن لكل منها برنامجا آخر لإرسال رواد إلى القمر في تواريخ تراوح بين عامي 2018م و2025م. وتقول مؤسسة أبحاث الفضاء الهندية إنها تريد إرسال أول هندي إلى القمر بحلول عام 2020م. وفي الوقت نفسه أعلنت كوريا الجنوبية عن برنامج فضاء خاص بها، واختارت اثنين من خبرائها للسفر إلى الفضاء على متن صاروخ فضاء روسي ليتحول ذلك إلى حدث قومي تبثه شبكات التلفزيون.

وتبدو الطموحات النووية الهندية قليلة التكلفة مقارنة بنظرائها من الدول المجاورة. فمهمة إرسال مركبة فضاء هندية إلى القمر سوف تكلف الهند حوالي 88 مليون دولار، في حين أن البرنامج الأمريكي لإحياء رحلات الفضاء إلى القمر يتكلف أكثر من 700 مليون دولار، وهناك عامل آخر وراء سباق الفضاء في آسيا إلى جانب المكانة الدولية، وهو أن المنافسة بين الدول ليست منافسة على المستوى العلمي فحسب بل هناك سعي للحصول على أي موارد طبيعية يمكن العودة بها من الفضاء، وبخاصة من القمر، وهذا هو السبب وراء خطط الصين واليابان والولايات المتحدة للعودة إلى إطلاق رحلات إلى القمر خلال فترة تراوح بين 10 و15 سنة، ورغم ذلك ما زال الغموض يلف بالمدى الذي يمكن أن تستفيد فيه المؤسسة العسكرية الهندية من التوجه الجديد للبرنامج الفضائي الهندي، فحتى اليوم مازالت مؤسسة أبحاث الفضاء الهندية مؤسسة مدنية تماما، الأمر الذي يشكك الخبراء في قدرة الهند في الوقت الحالي على عسكرة أنشطتها الفضائية، ولكن تنامي القوة الصينية، مضافا إليها رفض الولايات المتحدة نفي إمكانية استخدامها الفضاء في المجال العسكري، يمكن أن يزيد الضغوط على المؤسسة الهندية من أجل السير في الطريق العسكري أيضا.

ويقول سوبراتا غوشروي الخبير في برنامج علوم وتكنولوجيا الفضاء والمجتمع في معهد ماساشوستس الأمريكي للتقنية: إن الاعتقاد يسود الأوساط الهندية بأن برنامج الفضاء الصيني ذو طبيعة عسكرية في الأساس.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة