Al Jazirah Magazine Tuesday  06/02/2007 G Issue 205
تميز بلا حدود
الثلاثاء 18 ,محرم 1428   العدد  205
 

سالب وموجب
شقراء.... أنصفتني ( 2-2)

 

 

طبيعة ساحرة، وأجواء حالمة؛ بحيرات وأنهار، غابات وأزهار، أهي جنة الله في الأرض؟! فسبحان الله العلي الكبير.. مبانٍ رائعة، خدمات راقية، وسائل مكتملة جعلت من هذه الجنة الأرضية منطقةً ولا أروع لقضاء أوقات سعيدة يكتنفها سرور غامر ولحظات لا تُنسى. وقفتُ وصاحبي أمام إحدى العربات الصغيرة المتقاطرة نبحث عن فرصة بعد أن اكتظت بالركاب، وفجأة التفتت إلينا سيدة شقراء وأخذت تحملق بشدة ثم قالت: ألا ترونهم؟ إنه قطار ومتاح للجميع، وإن تأخروا أو بكرتم فليس من حق لكم للحصول على هذه العربة؛ فالجميع سواسية، ابتعدوا من هنا..!! سلبت منا الحروف، وأغمي على الكلمات، وأسقط في أيدينا، موقفها غريب، وهجومها غير متوقع!!.. لقد أنزلتهم وأمرتهم بكل أدب واحترام أن ينتقلوا إلى عربة أخرى يشغلها أخ لهم. لقد كان الحديث موجهاً إلى أبنائها الصغار الذين احتلوا عربة خلف عربتها، والأغرب أنها قدمت لنا اعتذاراً مؤدباً نيابة عنهم بعد أن بيَّنت لأبنائها أهمية مشاركة البشر وتقديم العون ما أمكن، وأن احترام الآخرين من أهم سمات الحياة السعيدة.. لا زالت الدهشة سيدة الموقف لي وصاحبي.

ركبنا وقد تزاحمت في رأسي سيناريوهات مختلفة لنفس الموقف في غير المكان: (ما عليكم منه لا تنزلون)، (أقول ابتعد من سبق لبق)، (يا ساتر هذا كبرك وما لقيت غير هالبزارين تنكد عليهم). للأسف، الكثير من الآباء والأمهات والمربين يزرعون ثقافة الأنانية المخيفة في روح الجيل ويفقدونهم فرصة الحياة الجميلة بقتل كل معنى راقٍ للتواصل الإنساني والإحساس بأهمية المشاركة حتى فسدت أذواقهم وتحولوا إلى آلات بلا مشاعر صادقة بعد أن فقدوا كل التزام أخلاقي وأدبي تجاه مجتمعاتهم. هل هذا كل شيء؟ (لا).

لا زال الكثير من الآباء والأمهات يشكون بمرارة من قلة احترام الأبناء، وأن مشاعرهم هي آخر اهتمامات فلذات أكبادهم بعد أن دفعوا دماء قلوبهم على تنشئة هؤلاء الرجال والنساء حين كانوا أطفال الماضي. النتيجة السابقة حتمية وانعكاس طبيعي ومنطقي للتغذية السلبية التي أُغرقت بها تلك الأنفس الصغيرة فاغتيلت عنوة مع سبق الإصرار والترصد.

لنراجع الأسلوب الذي ننتهجه في تعليم أبنائنا كيفية التعامل مع البيئة المحيطة، ولنؤكد لهم أن الاحترام قيمة عظيمة لا يمكن التنازل عنها مهما كان السبب.. وهنا أشدد على أهمية القدوة؛ فهي الممارسات العملية التي يتشربها المحيطون؛ فلسان الحال أبلغ من المقال.

رياض بن أحمد الشعيل - كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية - إدارة الأعمال جامعة الإمام Riyadhaa22@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة