Wednesday 18/12/2013 Issue 15056 الاربعاء 15 صفر 1435 العدد
18-12-2013

جمر الشتاء .. جمر الذاكرة!

ليس أعذب من جمر شتاء الرياض، رغم شدته وقسوته أحياناً..

لا أدري أي ريح استثنائية طيبة عذبة دفعتني لتقليب صفحات وسطور قديمة عبر الانترنت، فقد تذكرت إيميلاً وصلني في مارس 2011 يتضمن حديثاً لافتاً عن مقاهي الرياض وقد ورد فيه قصيدة شعبية جميلة، شدتني فأردت البحث حولها، حين عدت للبحث وجدت أن الإيميل كان في الأصل مقتبساً من تقرير للصحفي (منصور العساف) نُشر في جريدة الرياض يناير 2011 يقول التقرير: (هكذا هي الرياض قبل أكثر من خمسين عاماً أحياء قديمة ارتبطت بأحداث تاريخية لاتكاد في أوج اتساعها أن تبلغ عُشر الرياض الحالية، بيوت طينية تجاورها منازل شيّدت بالإسمنت والبلوك المسلح.. ويضيف بأن المحلات التجارية والمباني متعددة الأدوار والمطاعم الفاخرة والشوارع الواسعة بدأت كواقع ملموس مع بداية ومنتصف الثمانينات، ففي شارع الخزان وشارع الجامعة والمطار القديم مبانٍ مازالت شاهدة على عصر النهوض العمراني وبداية المدنية..

تقول القصيدة:

(يا عبيد من ينشدك عنا

سكان في رأس تنوره

من فوق سفنٍ يشلّنا

عمال والنفس مخطوره

شط البحر قبلةٍ منا

بديار من يلعب الكوره

قل للبني لا تباطنّا

يمضي الحول ونزوره

قله ترانا تمدّنا

كلن يولع بدافوره

قلبي على شوفكم حنا

وحالي من البعد منسوره)

ذكر العساف أن القصيدة للحويفي، فيما صححه أحد القراء بأن القصيدة هي في الحقيقة للشاعر (محمد بن شبيب الجداري الحربي)، ولازال البحث جارياً لمزيد من التأكد حول هذه المعلومة.

يستعرض التقرير بشكل سريع الوضع الاجتماعي والثقافي في ذلك الوقت بما في ذلك انتشار بعض المقاهي في أكثر من موقع في مدينة الرياض، وقد ذكر بأن “قهوة العويد” تعتبر من أشهر المقاهي في الرياض على وجه الإطلاق، حيث يؤمها الرياضيون، والصحافيون، والكتّاب، ورجال الأعمال، حيث يجدون فيها متنفساً لهم من حر المدينة، وليلها الذي يبعث في النفس السأم، والتعب..

بحثي حول هذا الموضوع شدني من موقع إلى آخر، لأجد الكثير من المعلومات المثيرة وقد كانت المعلومة الأكثر إثارة هي إنشاء أول محطة إذاعة في الرياض، قام بإنشائها عبدالله بن سليمان بن عويد الطامي، تدعى الإذاعة بإذاعة طامي، وقد عاش طامي أول حياته في مسقط رأسه، في بريدة ثم انتقل منها للرياض وذلك عام 1380هـ وعمل فيها أول محطة راديو وكانت بسيطة ومؤلفة من بعض الصمامات والمكثفات التي كان يأخذها من بعض أجهزة الراديو القديمة.

كان بث إذاعة طامي يُسمع أيام الشتاء وفي الليل في العراق والأردن، هذا لأن طبقات الأيون سفير تساعد على وصول البث لمساحات أبعد أيام الشتاء، هناك عامل آخر أيضاً وهو أنه في ذلك الزمن كان الجو نقياً من الإشارات الكهربائية لقلة عدد محطات الراديو المحيطة بالدول العربية بعكس ما هو موجود الآن.. (صالح المسند، منتدى *قديم*) ولايزال الموضوع مثيراً محفزاً لمزيد من القراءة والبحث..

هو جمر الشتاء، شتاء الرياض الذي يبدو جميلاً ومحرضاً للذاكرة ولمزيد من أحاديث ذات سحرٍ وشجن.

مقالات أخرى للكاتب