Wednesday 05/02/2014 Issue 15105 الاربعاء 05 ربيع الثاني 1435 العدد
05-02-2014

قبل أن يقال (ارحل)

في الأسبوع الماضي لم يتسع المجال للإجابة عن السؤال الذي يوجه لي من كثير من التنفيذيين وهو «ما هو التوقيت المناسب لترك المؤسسة التي أعمل بها لمؤسسة أخرى..؟»، حيث أستأثر موضوع (الاستسراع في الارتقاء الوظيفي) على الحديث في معظم المقال.

المنظمة والتي قد تكون شركة أو مؤسسة ربحية أو تكون دائرة حكومية أو مؤسسة اجتماعية غير ربحية هي مجتمع صغير محدد السمات و النمط يقوم على روابط تمثل مصالح لأعضائه وتحكمه قيم وعلاقات معلومة لكل فرد في المجتمع، وكأي مجتمع يتنافس أعضاؤه ويتعاونون لتحقيق مصالح ذاتية، لذا يجوز القول إن محصلة القدرة التنافسية للمنظمة هي نتيجة للتنافس والتضافر بين أفرادها، ولأسباب عدة تختلف كل منظمة عن الأخرى في حدة تنافس بيئتها الداخلية وقدرة تضافر أفرادها، لذا نجد منظمات تسود وتزدهر ومنظمات تفشل وتختفي.

والمنظمة المتميزة هي تلك التي توفر لأعضائها فرصة النمو والترقي في هيكلها الإداري وتحقيق مكتسبات مادية ومعنوية، ولأسباب عدة يختلف الموظفون في داخل المنظمات في الاستعداد واقتناص الفرص المتاحة، لذا يحقق بعضهم مكتسبات أكثر من البعض، وأحياناً يجد البعض أن المنظمة باتت لا توفر الفرص الكافية لهم وربما أنها باتت مجتمعاً غير ملائم للاستمرار في عضويته وبالتالي لابد من ترك المنظمة لمنظمة أخرى.

الموظف الذي يسعى للارتقاء الوظيفي لابد أن يطور مهارات الاستشعار لقياس مدى توفر الفرص والمكاسب في منظمته إلى جانب مهارات الأداء المثالي، فالمنظمة التي لا توفر فرص الارتقاء فيها، غير مناسبة لبقاء الطامحين، ما لم تعوض ذلك بمكاسب أخرى. وخصوصاً في الفترة العمرية الأكثر بذلاً والتي تتراوح بين عمر (30) و(50) سنة، والمنظمة التي لا توفر العدالة في توزيع الفرص بوضوح والشفافية هي أيضاً منظمة غير جديرة ببقاء الموظفين المتميزين فيها، لذا أزعم أن أهم عنصرين لإبقاء الموظفين هو توفير فرص الارتقاء و العدالة في توزيع تلك الفرص، ومع ذلك يجد بعض الموظفين أن أحد العنصرين أو كلاهما لا يتحقق له بصورة انتقائية، وهذا الأمر يحدث في كثير من المنظمات كإشارة لرغبة المنظمة في التخلص من بعض الموظفين بصورة طوعية، أو أن يكون نتيجة لسلوك تفضيلي لدى بعض قيادات المنظمة، وفي كلتا الحالتين لابد للموظف المعرض لمثل هذه المعاملة من حزم أمره والعمل على ترك المنظمة لمنظمة أخرى أكثر قبولاً قبل إن يتسرب اليأس والإحباط لنفسه.

على الموظف المتميز والراغب في تحقيق مكتسبات وظيفية وترقي أن يختار المنظمة التي تحقق تطلعاته وتوفر الفرص بصورة عادلة إلى جانب حسن القيادة والإدارة والتميز في التعويضات والمنافع وعليه أن يترك المنظمة غير القادرة على تحقيق ذلك وخصوصاً عندما يظهر له عدد من المؤشرات التي تدل على أن المنظمة قد أدارت ظهرها له، لذا عليه أن يبحث عن فرصة خارجها، وأهم هذه المؤشرات كثرة النقل بين الإدارات، مما يوحي بأن الموظف بات غير مرغوب به وخصوصاً إذا صاحب ذلك النقل تقليص للمهام والصلاحيات، والمؤشر الثاني تناقص مكافأة الأداء السنوية (البونص) أو انخفاضها عن المعدل العام للشركة، فذلك هو إعلان من المنظمة أنها لا تقدر جهود الموظف ولا تطمح في تحفيزه وفي كثير من المنظمات تعتبر مكافأة الأداء السنوية مؤشراً للشعور الجمعي لدى قيادات المنظمة تجاه الموظفين وترتيباً لأهميتهم.. والمؤشر الثالث هو ترقية موظف مرؤوس لوظيفة أكثر حساسية من وظيفة رئيسه، وهذا المؤشر هو أقرب إشارة للتصريح بعدم رغبة المنظمة في استمرار الموظف.. هذه المؤشرات الثلاثة لا علاقة لها بما يحدث داخل المنظمة من صراعات أو شد وجذب لتحقيق أهداف المنظمة وإنجاز أعمالها، هذه المؤشرات عادة لا يعترف بها أي من قادة المنظمة عند الاستفسار عن مدلولاتها من قبل الموظف، وربما يبدي ترحيباً بالموظف وتبريراً لها بعيداً عن الواقع، وهذا التصرف من قادة المنظمة ليس مجاملة للموظف بل هو حماية لسمعة المنظمة ودفعاً لتهمة المحاباة وانعدام العدالة، أو هو ممارسة للعبة السياسية ومحاولة تحقيق الرغبات بأقل التكاليف والأضرار.

معظم المنظمات في الواقع الاقتصادي السعودي هي منظمات لا تتوفر فيها الفرص بصورة عادلة بين الموظفين و يكثر فيها ممارسة التفضيل والمحاباة دون مبرر مشروع، فنجد منظمات يسيطر على قيادتها أقارب أو أشخاص من إقليم محدد وحتى في بعض المنظمات التي تشغل الوافدين نجد أن جنسية محددة لها حضور وحظوة أكثر من غيرها في حال وجود أحد أعضائها في وظيفة قيادية، وهذا الواقع هو أحد مسببات ضعف الأداء العام للمنظمات الاقتصادية.

mindsbeat@mail.com

Twitter @mmabalkhail

مقالات أخرى للكاتب