Wednesday 12/02/2014 Issue 15112 الاربعاء 12 ربيع الثاني 1435 العدد
12-02-2014

التنفيذي في القرن الحالي

وردني العديد من الأسئلة حول مقالي الأسبوع قبل الماضي (مستسرع الارتقاء الوظيفي) معظمها حول الجاهزية بالكفاءة للترقية، والكفاءة هي محصلة المهارات والمعارف والوجدان التي تتظافر بصورة متجانسة لتجعل من التنفيذي شخصا موثوقا ومطلوبا لتحقيق الطموحات المؤسسية، وحتى يحقق التنفيذي تلك الكفاءة فعليه أن يفتح مداركه العقلية للاكتساب من تجاربه وتجارب الآخرين فيستظهر العبر من الأخطاء ويستفهم مسبباتها ويعي أن للنجاح خيارات غير الفشل، والتنفيذي المتميز مطلع على البيئة المحيطة إقليمياً وعالمياً عارف بالتاريخ والسياسة والاقتصاد ونشط في المحيط الاجتماعي متمسك بعرى القيم والسلوك المستقيم ومحصل لمهارات تقنية وإدارية وقد تطرقت في المقال السابق لعشر سمات وجدتها مشتركة بين التنفيذيين الذين حققوا ارتقاء وظيفياً متميزاً، ومع ذلك هناك حاجة لاكتساب مكونات الكفاءة التي تجعل من التنفيذ متميزاً بين أقرانه وهذه المكونات تتغير من حين لآخر حسب متطلبات المنافسة والفاعلية المؤسسية لذا سأتحدث اليوم عن هذه المكونات بصورة مختصرة .

في مطلع القرن الواحد والعشرين بات معيار النجاح المؤسسي يتمثل في القدرة على النمو في الأعمال والإيرادات والتوسع الجغرافي العالمي وتحقيق قيمة متزايدة للأصول والقدرة على الاستحواذ والابتكار، لذا بات هناك حاجة لكفاءات قيادية تنفيذية تتناسب مع هذا الطموح المؤسسي، لذا سأستعرض (20) عنصراً من عناصر الكفاءة بعضها يمثل مهارة وبعضها يمثل معرفة وبعضها يمثل وجدانا. هذه العناصر أزعم أنها هي ما يحدد نجاح التنفيذي في تحقيق الكفاءات المناسبة للدور التنفيذي في هذا القرن الذي تتسارع فيه التقنيات وتتصارع فيه المنافسات بصورة غير مسبوقة، وهذه العناصر هي نتيجة لمراجعة واختصار أو دمج لكثير من معايير تقييم التنفيذيين والتي عادة ما تستخدمها شركة البحث التنفيذي في اختيار المدراء. ومختصرة لتناسب عرضها في مقال قصير، وربما هذا لا يغني للمهتمين من التوسع في استعراضها ولكن أرجو أن يكون عرضها بهذه الصورة حافزاً للاستزادة في الاطلاع عليها بالتفصيل . وهذا العناصر هي:

1- الحنكة : وهي ما يتكون لدى التنفيذي من تجاربه واطلاعه وتتمثل في ثقافة واسعة حول طبيعة الأعمال ومؤثراتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتي تجعل التنفيذي دقيق الملاحظة عميق التحليل قادراً على سبر الغموض واتخاذ قرارات استراتيجية في حال قلة المعلومات التي تسند القرارات.

2- الرويُّة : حيث يكتسب التنفيذي من مخزونه المعرفي والثقافي القدرة على استطلاع المستقبل واستقراء المتغيرات ووضع التصور الاستراتيجي لتحقيق المكتسبات في ظل المنافسة والتطور المتسارع للتقنية والسلوك البشري .

3- الحصافة المالية : التنفيذي المتميز اليوم يحتاج أن يكون مستوعباً للخيارات المتاحة في التمويل والاستثمار والتوظيف الأمثل للموارد المالية وقادراً على وضع خطط مالية مبرمجة.

4- سعة وسرعة الاطلاع : مع تنامي وسائل الاتصال والإعلام بات على التنفيذي الإلمام بالمتغيرات التقنية وما تمثل من فرص أو مخاطر وسريع الاطلاع على الأحداث العالمية والاتفاقات او الاختلافات التي تمثل فرصا ومخاطر .

5- الاستحثاث: معظم التنفيذيين المتميزين يعمل في وسط من المحترفين والموظفين عالي التعليم والذكاء، وبقدر ما يمثل ذلك من فرصة كبيرة للاستفادة من قدراتهم، فإنه يمثل تحدياً كبيراً في استحثاثهم وتجييش هممهم، لذا يحتاج التنفيذي أن يوفر لمرؤسيه مناخاً ينمي الاستثمار الذاتي ويعزز الالتزام بالرؤيا الموحدة والقيم المشتركة ويتيح فرصاً ومساحة للإبداع والنمو.

6- تعزيز الكفاءة : حيث باتت معظم المؤسسات الناجحة تتنافس على كل شيء بما في ذلك الكفاءات فقد بات على التنفيذي المتميز تخصيص وقت وجهد ثمين في العمل على استقطاب الكفاءات وتنميتها ووضع أدوات الإبقاء للمتميزين ومعايير الخلاص من المخفقين بصورة تحقق العدالة الداخلية بين الموظفين والمنافسة الخارجية للمنافسين .

7- التفاوض المستدام : التفاوض بات أحد المهارات اليومية للتنفيذيين، والتفاوض المستدام والذي يحقق النجاح لا يقوم على قاعدة هزيمة الطرف للآخر، فذلك لا يحقق الاستدامة، والتي تتطلب الشفافية والقدرة على الإقناع وتعزيز المكاسب المشتركة .

8- القيادة : التنفيذي المتميز هو ذلك الذي يخلق الثقة لدى الآخرين فيطمئنوا لخياراته الإستراتيجية وينظموا لدعمها وهو بذلك يمارس المشاركة في القرارات ويعتمد المشورة بين ذوي الشأن ويتيح الاختلاف لتكوين منظور شامل وشفاف بحيث يتبين للجميع وضوح المسار.

9- المصداقية الشفافة : الالتزام بقيم معلنة وسائدة في المؤسسة يعزز الشفافية في التعامل ويعزز مبداء التسامح مع الاختلاف ويتيح المساحة للاستفادة من الأخطاء والتبادل المعرفي بين الزملاء في العمل، لذا لابد للتنفيذي المتميز أن يكون العامل المساعد في خلق البيئة التي تعزز المصداقية الشفافة.

10 - المغامرة المحسوبة : من أهم أدوار التنفيذي المتميز هو تعظيم المحافظة على مكتسبات المساهمين في المؤسسة ومع ذلك لا يستطيع أن يحقق ذلك بصورة متنامية إلا إذا أقدم على مغامرات محسوبة، واليوم بات على التنفيذي ممارسة مغامرات يومية لذا بات عليه أن يطور مهارات التحليل والتقرير السريع والاعتماد على المؤشرات والإحصاءات.

11- الرصانة : التقييم المستمر لجوانب القوة والقصور الشخصية لدى التنفيذي تبعث فيه السعي المستمر لتدارك تأثيراتها السلبية والعمل على التطوير الذاتي والاعتراف بالخطأ وتحمل المسؤولية، والاحتفاء بإنجازات الزملاء والمرؤسين .

12- الشكيمة : عندما تكفهر الظروف وتحدث الكوارث يحافظ التنفيذي المتميز على رباطة الجأش ويواجه النوازل بخطط إدارة الأزمات وتقليل الأضرار ويعمل على تدارك المخاطر التي تستتبع ذلك.

13- التوازن العاطفي : التنفيذي المتميز شخص متوازن عاطفياً فلا ينجرف في العمل على حساب سعادة الأسرة التي يكونها ولا يجعل من العمل وسيلة لإمتاع أسرته، فيفصل بين الحياة الخاصة والنشاط المؤسسي ويسعى لجعل كل من الأسرة والعمل مصدر التميز في الممارسة المهنية والمعيشة الأسرية .

14- الثقافة التشغيلية : الإلمام بأنظمة العمل والأمن والسلامة المهنية والعلاقات النقابية والمخاطر التشغيلية، وأنظمة المواصفات والمقاييس والقوانين المنظمة للتعاملات التجارية والمحددة للعلاقات بين العملاء، تجعل من التنفيذي المتميز قادراً على تمكين الإبداع ودرء المخاطر وتحسين العلاقات مع العملاء .

15- إدارة الوقت : التنفيذي الذي يمضي الساعات الطويلة في العمل أو لا يستطيع أن يوفر الوقت الكافي لإنجاز المهام لن يستطيع أن يكون تنفيذياً متميزاً حيث يجب أن يعي قيمة الوقت وأن يستعين بمن ينجز الأعمال الأقل أهمية ليتفرغ للأهم وأن يحدد الوقت لكل مهمة بعدالة تفي بحاجتها .

16- التفكير النظمي : لم أستطع أن أجد أفضل تعبيراً لما يعرف بـ(systems thinking) . حيث يفضل أن يحصل التنفيذي المتميز على تدريب يؤهله للحصول على شهادة (PMP)، وبذلك يتمكن من إدارة الأعمال بصورة منتظمة وحل المعضلات التي تواجه النشاطات المتداخلة.

17- المهارات الإدارية : التنفيذي المتميز بات عليه أن يعتمد على نفسه في كثير من الأعمال المكتبية مثل المراسلات البريدية الإلكترونية وتنظيم المواعيد والمهام واستخدام تقنيات العرض والتوضيح للأفكار والتعامل مع برامج الخرائط الذهنية وتهيئة البيانات بصورة إيضاحية، والاتصالات باستخدام الفيديو والتراسل بوسائل الاتصالات المختلفة .

18- الثقافة التقنية : مع الانتشار الهائل للتقنية ودخولها مختلف جوانب الحياة بات على التنفيذي المتميز الإلمام بتلك التقنيات بصورة تجعله قادراً على توظيفها في أعماله وقادراً على استجلاء الفرص فيها لتحقيق مكتسبات مؤسسسية .

19- التفاعل الاجتماعي : التنفيذي المتميز إنسان نشط اجتماعياً فيحرص على بناء علاقات اجتماعية فعالة بين قطاعات ذات علاقة كالمساهمين والعملاء والزملاء والمرؤسين ويساهم في المناشط الخيرية والاجتماعية ويحقق لمؤسسته دورا اجتماعيا محمودا في المجتمع.

20- الحكمة : التعبير باستخدام مفاهيم مشتركة ونماذج فكرية مقبولة، تجعل التنفيذي قادراً على إيصال أفكاره بأقل قدر من الوقت والجهد وقادراً على استيعاب الأفكار المعقدة والطروحات المتشعبة.

هذه العناصر إذا عمل التنفيذي على اكتسابها والعمل من خلالها فقد بات أجدر بالمراتب العليا وما بقي هو توفيق الله له بالنجاح.

mindsbeat@mail.com

Twitter @mmabalkhail

مقالات أخرى للكاتب