الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
ناشد الشيخ عايض بن محمد العصيمي معبر الرؤى والأحلام المعبرين الذين انتشروا مع تعدد وسائل التواصل الاجتماعي أن يتقوا الله عز وجل، لأنها وصية الأولين والآخرين وأن يتقوا الله فيما يقولون وفيما يذرون، فلا يجوز لهم أن يفسروا الرؤيا وهم ليسوا أهلاً لذلك، كما لا يجوز أن تفسر الرؤيا في غير محلها ومظانها، فالبعض عرف في تعبيره بالغرائب والعجائب طلباً للشهرة.
وشدد عايض العصيمي في حديثه «للجزيرة» على أنه ينبغي على المعبِّرين ألا يعلِّقوا الناس بأشياء هي أقرب للوهم، كمن يعلق الناس بتواريخ مبدؤها الوهم وآخرها الوهم، كأن يقول «سيكون في يوم كذا كذا وكذا»، أو «ستسقط دول وستفتح القدس»، ومثل ذلك من يجزم مثلاً بأن تلك الليلة هي ليلة القدر، ولو تأملنا كلام المعبرين في هذا الشأن لوجدناهم مختلفين، فالبعض يفسرها بأنها ليلة 21 وبعضهم ليلة 23 وكل حزب بما لديهم فرحون، ولو علم المسلم ليلة القدر فليس فيها أدنى فائدة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - علق المغفرة بقيام ليلة القدر، وليس بمجرد إدراكها أو علمها، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه». فالعلم بها وحده لا يكفي، ولذلك ذكر المحدثون والفقهاء الذين شرحوا علامات ليلة القدر أن ليلة القدر قد تتكرر في أكثر من ليلة، فتعليق الناس بتواريخ ليست على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وليست من طريقة السلف الصالح، كما لا يجوز للمعبرين أن يعلقوا الناس بأشياء ظنية، كأن يقول المعبر للرائي ستكون غنياً ثرياً تاجراً وما زال يضرب الفقر في عظامه ليل نهار، ولا يجوز أيضاً في المقابل أن يعلق المرأة التي تبحث عن بصيص أمل بأنها ستتزوج بشيخ أو بأمير أو بوزير.
ونصح العصيمي المعبرين بأن يتواضعوا، ولا يقارنوا أنفسهم بالآخرين، ويجتنبوا الـ «أنا»، وفي ذلك يقول ابن القيم «وليحذر كل الحذر من طغيان «أنا»، و»لي»، و»عندي»، فإن هذه الألفاظ الثلاثة ابتلي بها إبليس، وفرعون، وقارون، فـ(أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ) لإبليس، و(لي ملك مصر) لفرعون، و(إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي) لقارون».
وحث المعبرين الثقات من طلبة العلم المعتبرين أن يستغلوا تعبير الرؤى والأحلام في قضية إرشاد الناس، فأعظم ما يقدمه المعبر للناس هو ربطهم بالله عز وجل، وتقديم النصح لهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، فلو كان شارباً للخمر مثلاً تحذره من آثاره السيئة في دينه ودنياه، لكن لا يكون ذلك عن طريق الكذب، إذ لا بد أن تكون الطريقة مشروعة والغاية مشروعة، وفي المقابل نحذر من الخرافات التي تنشأ عن بعض المنامات المزعومة، مثل رؤيا أحمد صاحب مفاتيح المسجد النبوي المكذوبة، فهي برغم تصدي العلماء لها فإنها تعود وتخرج كل فترة وأخرى.
وأكد عايض العصيمي أنه ضد الممارسات الخاطئة التي تكون في بعض القنوات، أو بعض المكالمات، فبعضهم يفضح السائل المستفتي، فيسأل على الشاشة عن اسم المتصل أو الرائي ليوصي بتقوى الله ويحذره مما هو فيه، فهذا لا يجوز، كما أن المرأة قد تتصل وعندها أخواتها وقريباتها، ويعلمون أنها اتصلت، أو يسمعون صوتها فيميزونها، فينبغي ترك هذه الممارسة الخاطئة. يقول ابن القيم «المفتي والمعبر والطبيب يطلعون من أسرار الناس وعوراتهم على ما لا يطلع عليه غيرهم، فعليهم استعمال الستر فيما لا يحسن إظهاره»، كما لا يجوز للمعبر أيضاً أن يقول على الملأ إنه فسر لفلان وفلان، لكن يبقى أن نقول عموماً تفسير الرؤى أمام الآخرين ليس فيه شيء، فقد كان - صلى الله عليه وسلم - يعبر الرؤى بعد صلاة الفجر للصحابة كما في الصحيح، ويقول: «من رأى منكم رؤيا فليقصها علي فأعبرها له».