Al Jazirah Magazine Tuesday  10/04/2007 G Issue 214
الافتتاحية
الثلاثاء 22 ,ربيع الاول 1428   العدد  214
 
القذافي شيعياً..!

 

 

له، ومن حقه، أن يكون شاعراً..

وكاتب رواية..

وقاصّاً..

ويجوز له (من غير علم) أن يكون مفتياً إسلامياً..

أو مؤرِّخاً..

أو منظِّراً..

وأن يؤم المسلمين وغير المسلمين في صلواتهم..

ويفقههم في أمور دياناتهم بما لم يُسبق إليه، أو يكون لدى غيره معرفة ودراية بكل هذه الديانات.

***

يحلِّل ويحرِّم..

ويفسِّر القرآن على هواه..

والأحاديث النبوية بحسب ما يوحي له خياله الواسع والخصب..

فهذا معمّر القذافيّ..

عميد القادة العرب، وأقدم الزعماء العرب الذي وصل إلى سُدّة الحكم بانقلاب عسكريّ تمّ في ليل بهيم.

***

وهو لهذا يعتقد أن له الحق في أن يتحدث بما يشاء، وأنّ على الصغير والكبير أن يصغوا لما يقول..

وأن يؤيدوه..

ويسيروا على خطاه..

ويتباشروا بما يتفوّه به في خيمته، أو حين يكون في الصحراء..

سواء خلال صلواته..

أو مؤتمراته..

فضلاً عن كتابه الأخضر أو الأبيض أو الأسود أو حيث يقع اختياره لكتابه من بقية الألوان.

***

فالأخ العقيد..

ليس ككلّ الملوك والأمراء والقادة العرب أو غير العرب..

فهو يوماً ليبيٌّ، ويوماً آخر عربيٌّ، وأحياناً إفريقيٌّ..

وهو الأمين على القومية العربية مرات، وهو المتآمر عليها عدة مرات..

وهو مسلم سنيٌّ حيناً، ومسلم شيعيٌّ في أحايين أخرى، وهو لا هذا ولا ذاك في بعض الأحيان.

***

يصادقك اليومَ..

ويعاديك غداً..

فينالك شيءٌ كثيرٌ من سخائه في المؤامرات عليك، ومن التنكر الأكثر لكل موقف جميل جاء منك نحوه ولصالحه..

فهو صاحب أطوار، وتقلبات في المزاج، وهو أبداً لا يستريح دون أعداء..

ولا يشعر بالراحة والسعادة من غير أن يدمي مشاعر الآخرين بكلمات لا مثيل لها في غير قاموسه.

***

لا علينا من كل هذا..

فله أن يطلق لسانه ذمّاً وقدحاً واتهامات بما اعتاد عليه هذا اللسان من كلمات نابية وأسلوب رخيص ضدّ الآخرين..

وأن ينتقي ما يناسب تفكيره من الملابس والسيارات والجمال والخيام وغيرها، وأن يؤلف من الكتب أحمرها وأصفرها وأخضرها وأبيضها وأسودها!! ليضمّنها نظرياته واكتشافاته، حتى وإن استُقبلت بالتندّر والتهكم والسخرية ممن أتيح له الاطلاع عليها..

فهذا حقه، وهذا عقله، وهذا سلوكه، وهذا ما تعلمه من تجارب السنين الطويلة التي حكم بها شعب ليبيا الشقيق، وهو ما لا نتدخل فيه، أو ننتقده عليه، أو نقول ولو كلمة حق فيه ما دام أنه لا يصغي، ولا يحب أن يتعلم، ولا يرغب أن يكون على غير هذه الصورة التي اعتاد أن يظهر بها.

***

ما نريد أن نقوله، وأن نستنكره، وأن نطالب بأن يحاسب على كلمات قالها هو حول ما تحدث به عن قبر الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -، باتهامه مَن أسماهم (الوهابيين) بأنهم طمسوا قبر الرسول محمد، وأنهم فعلوا ذلك مع قبور بقية الصحابة؛ تحت ذريعة حماية الدين الإسلامي من الشعوذة، مدعياً أن المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة الذي زاره لا يوجد ما يؤكد أن به قبر الرسول، متحدياً أن يقول له أيُّ أحد بأن هذا قبر محمد، زاعماً أن قبر محمد وجثمانه انتهى وانتهت معه قبور الصحابة وقبور آل البيت والمهاجرين والأنصار، وأن المسجد النبوي الشريف عمل بهذا الحجم الكبير من أجل طمس قبر الرسول.

***

وما نريد أن نقوله أيضاً، وندينه بشدة، ونطالب بمحاسبة فخامة الأخ الرئيس عليه، هو ما قاله أيضاً من أن الحرمين الشريفين - مكة المكرمة والمدينة المنورة - ليسا الحرمين اللذين نعرفهما الآن، مضيفاً أن الحرمين هما مكة والقدس، معتبراً أن الحرم النبوي الشريف ليس حرماً؛ ليثير بذلك جدلاً عقيماً الغرض منه الكيد للإسلام والنيل منه، ضمن أفكاره وتقلبات مزاجه، وخوضه في مواضيع لا يفقه فيها، ولا يعرف عنها شيئاً.

***

والرئيس القذافيّ لا ينتهي به المطاف عند هذا الحدّ؛ فها هو يضيف إلى تجلياته في الكلمة التي ألقاها بمدينة (أغاديس) التاريخية بجمهورية النيجر بمناسبة (مولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم)، من أن قول كثير من الفقهاء (كما صليت على إبراهيم) هو قول غير صحيح؛ فالله خصّ السلام على إبراهيم وليس الصلاة، وأن الصلاة طهر فقط، وأن الله خصّ أهل البيت.. بيت النبيّ بالطهارة، وأنه لا تجوز الصلاة والسلام عليهم؛ فالصلاة والسلام على محمد فقط... هكذا يفكر الفقيه والعالم والشيخ الجليل معمّر القذافيّ، وبمثل هذا المنطق فهو يطالب بإلغاء التاريخ الهجري من تعاملاتنا، والبدء في استخدام تاريخ ميلاد الرسول محمد بدلاً منه، والدعوة إلى إقامة الدولة الفاطمية الشيعية، ولا نقول لهذا المشعوذ الكبير، وعلى لسانه، إلا: وا جهلاه!!

خالد المالك


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة