الثقافية - أحمد الجروان/ تصوير - عبدالله المسعود:
بحضور جمع من المثقفين والأكاديميين والمهتمين، استضافت قيصرية الكتاب بمنطقة قصر الحكم بمدينة الرياض، رائد تحقيق الشعر العربي الأستاذ الدكتور: عبدالعزيز بن محمد الفيصل، بمناسبة صدور كتابه الجديد: (شعر بني هلال وشعرهم في الجاهلية والإسلام إلى زمن التغريبة جمعًا وتحقيقًا ودراسة)، في أمسية ثقافية حضرها جمع من المثقفين والأكاديميين، والأدباء، والمهتمين، يوم الاثنين 23 جمادى الأولى 1446هـ، وقد أدار المحاضرة كبير المذيعين ومدير عام القناة الثقافية الأسبق الأستاذ: عبدالعزيز بن فهد العيد، الذي افتتح الأمسية بالترحيب بالحضور، ليعرّف بالضيف وبمؤلفاته، وليشير إلى أبرز المناسبات التي كُرّم فيها وهو حفلٌ نظمته الجمعية العلمية للدراسات الأثرية في جامعة الملك سعود، بالتعاون مع النادي الأدبي بالرياض، برعاية وحضور كيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية آنذاك، حيث عقدت جلسات علمية عن د.الفيصل، طُبعت في ثلاثة كتب، واختارت الجهات المُكرّمة أن تُلقّب المحتفى به برائد تحقيق الشعر الإسلامي والقديم في شبه الجزيرة العربية، فعرف أستاذنا بهذا اللقب، كما أن لأستاذنا سيرة إدارية ثرية حيث رئيس قسم الأدب بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وأسس عمادة الدراسات العليا بجامعة الإمام، وكان أول رئيس للعمادة في الجامعة بعد تأسيسها، ومشروعه في جمع شعر القبائل العربية وتحقيقه معروف ومشهود، وإحدى أبرز هذه الجهود هذا الكتاب الذي سنناقشه الليلة ويقع في ثلاثة مجلدات، والذي جمع فيه د.الفيصل شعر بني هلال وحققه، وكما شكر أ.عبدالعزيز العيد نجل الضيف د.محمد بن عبدالعزيز الفيصل، على تعاونه وأشاد ببره بأبيه وبمرافقته له في رحلاته وجولاته العلمية في تحديد الأماكن الواردة في الشعر.
= بعد ذلك طلب أ.عبدالعزيز العيد من الضيف نبذة عن بني هلال وسأله عن فكرة تأليف الكتاب، فتحدث د.عبدالعزيز الفيصل، عن مكانة شعر بني هلال في الشعر العربي، وأن قبيلة بني هلال ذاعت شهرتها على مدى تسعة قرون، وأسلمت على وقت النبي -صلى الله عليه وسلم- وجاهدت مع أبي بكر الصديق، وعمر، وعثمان، وعلي رضوان الله عليهم، وانتقلت القبيلة إلى الشام ثم إلى مصر، فتغربت مع عدد من القبائل العربية التي انضمت إليها مثل سليم في هجرة معروفة اشتهرت بتغريبة بني هلال، وفي القرن السادس خاضت قبيلة بني هلال حروبًا في المغرب الأوسط، وشمال الصحراء الإفريقية، وفي القرن السابع شهدت القبيلة حروبًا في المغرب الأقصى، وفي القرن الثامن ذكر ابن خلدون آخر حروب بني هلال في المغرب العربي، وقد حافظت هذه القبيلة على شهرتها تسعة قرون، وهي قبيلة ذائعة الصيت، واستشهد بشعرائها كتاب المعاجم واللغة، وكتب التفسير بالإضافة إلى كتب الأدب وكتب التراث عامة.
= وكما تناول د.الفيصل نسب قبيلة بني هلال وأنها من قبائل بني عامر، وبنو عامر من هوازن، وهوازن قبيلة قيسية، وتطرق إلى بعض القبائل التي تشترك معها في الاسم وتختلف معها في نسبها، وفي إجابة لسؤال أ.عبدالعزيز العيد، عن وجود ذرية لهذه القبيلة قال الضيف:
يوجد قبائل اليوم تعرف ببني هلال في حَلي، ومحايل، والبراك في تهامة، ومن هذه القبائل: الأخرش، آل مسحر، آل أم جمعة، مشيرًا إلى أن بلاد بني هلال شرق الطائف وغرب نجد، ووادي تربة، ووادي الخرمة، وتثليث، وبيشة، وأشار إلى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- صاهر بني هلال فأم المؤمنين ميمونة بنت الحارث، وأم المؤمنين زينب بنت خزيمة، كلاهما من بني هلال.
= وأشار د.الفيصل إلى أنه من أعلام بني هلال حميد بن ثور الهلالي، والحسن بن سرحان الذي ذكره ابن خلدون، وذياب بن غانم، ذكره أيضًا بن خلدون، وسلامة بن رزق الهلالي (أبو زيد الهلالي)، وهو من شعراء هلال في زمن العزم على التغريبة، وشعره يتناقله الرواة، ويكفيه فخرًا أن الزمخشري العالم الجليل وصاحب المصنفات السائرة مثل: الكشاف في التفسير، والمفصل في النحو، والمستقصى في الأمثال وغيرها يروي شعره، والزمخشري من علماء القرن الخامس الهجري، وكذلك ياقوت الحموي يروي شعره، وياقوت من علماء القرن السادس، ومن شعره في زوجته عَلياء:
فإن تك علياء يوم أبراق عارضٍ
بكتنا وعزتها العذارى الكواعبُ
ومن أعلام نساء بني هلال: بكارة الهلالية، والجازية أخت الحسن بن سرحان.
وفي سؤال لمقدم الأمسية عن سبب ذيوع صيت بني هلال، أجاب د.الفيصل بقوله:
انتصارات بني هلال في المغرب هي التي أذاعت ذكرهم، فمعركتهم مع المعز بن باديس خارج القيروان سار بها الركبان، فجيش المعز ثلاثون ألفاً وجيش بني هلال ثلاثة آلآف وقد انتصر فيها بنو هلال وحازوا كل ما خلفه المعز بن باديس من المال والسلاح والعتاد والفساطيط.
بعد ذلك تحدث د.الفيصل عن أعلام بني هلال وشعرهم، وأبرز أيامهم، وفتح المجال للمداخلات، ومن أبرز المداخلات:
مداخلة الدكتورة: عبير الطلحي - الأستاذة بجامعة الملك سعود، التي قالت: بحكم تخصصي في اللغة أظن أن هناك ظواهر لغوية لافتة أو معجم خاص، أو مفردات خاصة لبني هلال، فهل يمكن أن توجهوا الدارسين والباحثين في اللغة لدراسته والتعمق فيه.
مداخلة الدكتور: سعد التميمي – أستاذ نظم المعلومات، قال: سعدت بحضور هذه الأمسية، التي تناولت شعر بني هلال، ومن المهم أن أشير إلى الأثر الاجتماعي الذي أحدثته هذه التغريبة في نسيج المجتمعات التي تفاعلت معها واختلطت بها في شمال أفريقيا، وبنو هلال جاءوا في صحراء الجزيرة العربية.
مداخلة الدكتور: علي جماح - أستاذ متخصص في الأدب والنقد، قال: أريد أن أشير إلى علاقة كتب د.عبدالعزيز الفيصل بالسياحة في المملكة، فجهود أستاذنا د.الفيصل في ذلك كبيرة جدًا، فمن يقرأ كتبه عن القبائل والدقة في تحديد الأماكن يدرك أهمية هذه الكتب، وتأتي أهمية كتاب شعر بني هلال، أن د.الفيصل هو من جمعه وحققه.
مداخلة أ.سهم الدعجاني - أديب ومؤلف، قال: أشكر أستانا د.عبدالعزيز الفيصل، على جهوده في جمع شعر القبائل العربية وتحقيقه، وهذا الكتاب الذي بين أيدينا اليوم ونحتفي به هو جزء من هذا المجهود الكبير الذي قام به، وفي الواقع أن الحاجة اليوم ماسة لجمع شعر القبائل التي عاشت في الجزيرة العربية، وارتبط تاريخهم بهذه الأرض.
مداخلة أ.عوضه الدوسي – إعلامي ثقافي، قال: أشكر قيصرية الكتاب، وأحمد الحمدان الذي ينظم مثل هذه اللقاءات المفيدة، وأنا في الواقع استفدت مما طرح اليوم وبالتحديد حديث د.الفيصل عن قبيلة بني هلال وعن تاريخها العريق الذي يمتد في قرون طويلة عبر التاريخ، وأشكر أيضًا مقدم الحفل أ.عبدالعزيز العيد.
مداخلة د.عبدالعزيز العبدالله أستاذ الأدب والنقد بجامعة الملك سعود، قال: جهود أستاذنا د.عبدالعزيز الفيصل، في جمع وتحقيق شعر القبائل العربية جهود جبارة وكبيرة، وهو صاحب فضل علي وعلى كثير من الأساتذة والباحثين الذين بحثوا في شعر القبائل العربية، وأنا أشكر فضله ودعمه لي في مسيرتي العلمية وفي ميدان البحث والتأليف.
وفي نهاية المحاضرة قدم المشرف العام على قيصرية الكتاب الأستاذ: محمد الحمدان درعًا تكريميًا لضيف الأمسية: أ.د.عبدالعزيز بن محمد الفيصل، ولمدير الأمسية الإعلامي المعروف الأستاذ: عبدالعزيز العيد، وقدم شكره وتقديره لهما ولجميع الحضور.