في قلب جزيرة العرب، وعلى ثرى التاريخ وموضع الرسالات، تنهض المملكة العربية السعودية شموخًا يتجاوز الحدود، لا لثراءٍ ولا لقوةٍ مجردة، بل لأن في روحها عقيدة، وفي رايتها توحيد، وفي قلبها بيت الله الحرام.
المملكة ليست وطنًا كغيره... إنها قدَر الله في خدمة دينه، ووصيّته على بيته، وأمانة محمد -صلى الله عليه وسلم- في أعناق قومٍ أقاموا الحُكم على الشرع، والخدمة على الشرف، والقيادة على الرفعة.
هنا حيث لا يُعامل الحاج كزائر، بل كأمانة، ولا تُدار الشعيرة كحدثٍ موسمي، بل كفصلٍ من عقيدة وطن.
في كل موسم حج، يلتفت العالم، وتتجه الأنظار نحو المملكة؛ لا ليستغربوا، بل ليشهدوا الإتقان، ويُدوّنوا الدرس من جديد.
ففي الوقت الذي تعجز فيه دولٌ عن تنظيم مؤتمر محدود، تُدير السعودية أعظم تجمّع بشري على وجه الأرض، بملايين الحجاج، بلغاتهم، بأعمارهم، باحتياجاتهم... فتتوزع عليهم الرحمة، ويتقاسمون فوق أرضها الطمأنينة.
كل قطاع من قطاعات الدولة، كل جهاز، كل فرد يرتدي شرفه في هذا الموسم كما يلبس زيه، ويقف بين ضيوف الرحمن لا بوصفه موظفًا، بل خادمًا في حضرة الله.
رجال الأمن يبتسمون، ورجال الصحة يسهرون، ورجال القيادة يراقبون، وفوق الكل، خريطة واحدة تُدار بحكمة سعودية قلّ نظيرها، وشغف لا يُؤدى بالواجب بل يُمنح بالعقيدة.
ليس سرًّا أن تبهر السعودية العالم كل عام، فهذه البلاد لم تُنشأ لأجل أن تُقارن، بل خُلقت لتُحتذى.
قيادة رشيدة تجعل من الحرمين أولويتها، وولاة أمرٍ يرون في خدمة ضيوف الرحمن أعظم من وسام.
هنا تُسقى الوفود من زمزم الكرامة، وتُرشَّد بخارطة الرحمة، وتُعاد صياغة الإنسان حين يحلُّ ضيفًا على بيت الله في حضرة رجالٍ ونساءٍ نذروا أرواحهم لخدمة الركن الخامس.
وما أعظم أن تكون السعودية يدًا من نور، وعينًا من رحمة، وقلبًا من أمن.
هي التي حملت راية التوحيد، ونشرت الخير، وأثبتت أن الحج ليس فقط عبادة… بل حضارة، وإدارة، ورسالة عالمية عنوانها: هنا المملكة.
يا أبناء سلمان، ويا من تربّيتم في مدرسة العزّ والفداء... لقد قدّمتم للعالم لوحة يكتبها الزمن بحروف من ذهب، شاهدةً أن بلادكم أعظم من أن تُوصف، وأشرف من أن تُقارن.
وإن كان في الفخر من كلمات، فأنتم الكلمة، وأنتم المبتدأ والخبر، وأنتم آخر السطر حين يُكتب: «هنا تُدار الحشود بعقلٍ سعودي لا يكلّ، ولا يَملّ، ولا يُهزم».
***
- روان صالح الوذيناني