كان مازن قد اعتاد سخرية زملائه وزجرهم اليومي على منظر ثوبه البالي وشكل شعره، وازداد الأمر سوءًا حين يخرج دفتره الممزق بلا غلاف، فيقابلونه بضحك هستيري، بينما يخفض نظره إلى الطاولة بحثًا عن قلم لا يملكه.
ومع الأيام، صار معروفًا في الصف بملامحه المنكسرة، فلم يعد يبالي بما يقولون أو يفعلون.
حتى جاءت معلمة العلوم ذات صباح، فلاحظت صمته وانزواءه، واقتربت منه بابتسامة حانية، وأهدته قلمًا جديدًا ودفترًا أنيقًا.
وحين مدت يدها إليه لتمضي على الدفتر، رأى شامة صغيرة على ظاهر كفها، علامة بسيطة نُقشت في ذاكرته.
وهمست بثقة دافئة: ستصبح بطلًا يومًا ما.
ومنذ ذلك اليوم، لم يعد مازن كما كان.
وحين فتحت عينيها على بياض الغرفة وأصوات الأجهزة من حولها، لمحت وجهًا مألوفًا يبتسم بثقة وطمأنينة، ومعطفًا أبيض يلقي بظلاله عليها.
كان يمسك بيدها اليمنى برفق، وعيناه تستقران على تلك الشامة في ظاهر كفها، الشامة التي تذكره بسنوات بعيدة.
قال بصوت مفعم بالحنين: أمي الغالية، هل تسمعينني؟
تحدق فيه بدهشة، تتأمل ملامحه، وتتعثر أنفاسها وهي تهمس:
مازن؟
«ابتسم، ووضع كفه على يدها».
** **
- زايدة حقوي