Culture Magazine Thursday  02/02/2012 G Issue 361
عدد خاص
الخميس 10 ,ربيع الاول 1433   العدد  361
 

كثير من المثقفين والكتاب العرب تعرفت عليهم أولا من خلال مؤلفاتهم أو أعمالهم الإبداعية أو النقدية. ثم أتيحت لي بعد ذلك فرص اللقاء مع العديد منهم، وفي فترات متباعدة أو متقاربة، وفي فضاءات شتى، وفي عواصم عربية من خلال مؤتمرات ولقاءات ثقافية أو أدبية. ويحصل الحديث والحوار والسجال والنقاش أو السمر. كما أن منهم من تعرفت عليه، فقط، من خلال البريد الإلكتروني، منذ أن صار أداة للاتصال في عالمنا ...>>>...

قدره أن تأخر ليكتمل؛ فقد شئناه لائقًا بمسيرة الباحثة الكبيرة، وافيًا بدراسات ومشاعر محبيها وعارفي فضلها، وهو ما جعلنا نحدد عدة مواعيد ابتدأت في صيف العام الماضي ثم خريفه ليصدر في إرهاص ربيع تالٍ يستهلّ عامًا جديدًا متزامنًا مع الذكرى الأولى لأولى خطوات الربيع العربي؛ فلعله مؤشر ببشارة ربيع ثقافي يتجهُ في مسار الوعدِ بحضور أكبر للثقافة العربية في ...>>>...

إن سلمى الخضراء الجيوسي من أرفع الشخصيات الأدبية في زمننا، وهي في جوهرها - شخصية نهضوية (أي أنها تنتمي إلى نوع الشخصية الأدبية في عصر النهضة الأوروبية) مجدة، نشطة، خلاقة، وملتزمة التزاماً قوياً بالدور الإشعاعي للأدب العربي.

كنت قد سمعت عنها منذ سنوات كثيرة، ثم كان لي حسن الحظ في العمل معها في عدد من المناسبات، وإن تكريسها للثقافة العربية يجعل منها إحدى دعاتها الرئيسيين، ولذا فقد كان هدفها ...>>>...

قلّما يعثر المرء في لغة سلمى الخضراء الجيوسي على فلسطين كلها، ربما كما لدى كثيرين ممن ولدوا في مخيمات اللجوء فكان أن استفاقوا على وجع غيابها، وناموا يحلمون بسفّة من ترابها، هم الذين لم يلمسوا حجراً ولم يروا شجراً فيها. ليس من الصعب فهم ذلك، فسلمى، مطمئنة تجاه هويتها، مشبعة بها، هي التي قضت سنوات طفولتها وشبابها بين مدينتيْ عكا والقدس، ولا يبدو أنها احتاجت أن تصرخ في وجه أحد بأنها ولدت هناك.

لا ...>>>...

ليست سلمى الخضراء بحاجة لشهادة أو شهادات مني أو من غيري، إن مساهمة سلمى في الآداب العربية الحديثة، من شعر وترجمة ونقد، معروفة غاية المعرفة، ولو أن سلمى ما كانت تامة السعادة في حظوظها مع الأصدقاء والصديقات، أو مع من ادعى صداقتها بعد أن أتيح له (أو لها) الفتها، فإن الصداقة، وكرم الألفة، لم يكونا كافيين لردع هؤلاء عن التبرم بنشاط سلمى، ونجاحها، وارهاف روحها. وصلالة بصيرتها ودرايتها بالناس، أو ...>>>...

(في مراجعة مطولة كتبتها أدريان ريتش، إحدى أهم الشعراء المرموقين في أمريكا، في 4-7-2003 عن مجموعة سعدي سماوي: الشعر العراقي اليوم مترجماً، لندن، 2003 افتتحت كلمتها بما يلي):

تفتّحت عيناي على الشعر العربيِّ لأول مرةٍ من سِفر سلمى الخضراء الجيوسي الرائع، مجموعة الشعر العربي الحديث، (نيويورك: منشورات دار جامعة كولومبيا، 1987)، الذي تصيب فيه سلمى حين تقول إنه**

لما لم يكن ثمة «مقابلٌ تامٌّ» في ...>>>...

أشعر أثناء اللقاء مع سلمى وبعده بشيء من عودة الروح. وعلى الرغم من عمري وعمرها المتقدم في السن، أجلس إليها وكأننا سنبدأ الآن حياتنا الفكرية ونشاطنا الثقافي، دون أدنى حس بالإعياء، مع الاعتقاد بأننا أدينا واجبنا للثقافة العربية. إلا أن كل شيء يتراجع أمام همة اللحظة وطرح المشاريع الكبيرة التي تقدمها وتحضرها سلمى لتنفذها في المستقبل. هذه المشاريع ليست نظرية بل تتحول إلى برنامج عملي وكتب ...>>>...

داوليني الأماسي.. صلي نبض قلبي وجودا

فقد آن أنْ تلتقينا الأواصرُ

أو نلتقيها صعودا

قفي.. فالشعاع المُجنَّحُ لمّا يزل

والمراقي.. وانتِ العلمْ

يُرفرفُ في مديات القلمْ

يبادهُ بالعنفوانِ عِثار الزمان

برغم الألمْ

وحتى تجيئي قُبيلَ انطفائي

سأُهرِقُ مائي..

وأسكبُ زهوي خضيرا على سَعَفات النخيلْ

أقولُ: اكتبي.. برغم الزمان البخيلْ

إذا ما تمادى الغرقْ

وغاض بياض الورقْ

وأشعلَ طوفانه ...>>>...

من أين أبدأ الكتابة عن «مليكة الكبرياء والكلمات» من قامتها الممتدة راية وسارية وأشرعة مشرعة للشمس والهواء الطلق عبر القارات.

أو من برق وسمها كلما وطأت قدمها أرض الجزيرة.

حين استلمت نسختي الإنجليزية نهاية السبعينات الميلادية من كتاب الفنان التشكيلي كمال بلاطة «نساء من الهلال الخصيب» لم أنم تلك الليلة من الفرح ليس لأن قصائد من شعري كانت من ...>>>...

عرفتكِ سعياً دائماً نحو التجدد، أنامل تنسجُ مساراتٍ وألواناً عديدة، إصراراً على الإنجاز، رفضاً للهزيمة، عناية بالتفاصيل الدقيقة، وفضولاً بريئاً يمتد نحو وجدان الآخر بدفء التواصل الإنساني. تعلمت منك كيفَ أتحدث مع أبسط الناس، في ردهة انتظار أو سيارة أجرة، دون تردد، لأشاركهم برواية يحملونها عن حياتهم، وأذكر دهشتي البالغة حين رأيتك تفعلين ذلك أول مرة، فأدركت، على يديك، كيف أمدّ جسراً نحو الآخرِ، ذلك ...>>>...

كان هناك قلق في الأوساط العربية في العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية، حين أخذ الغربيون يتكلمون عن «صراع الحضارات» بين الشرق والغرب؛ وأخذ المشارقة يتكلمون عن حملة صليبية جديدة تحاصر الوطن العربي. وبالنظر إلى ندرة المعلومات حول الأدب والثقافة العربيين المتوافرة لدى الغربيين، فقد كانت استجابة سلمى الخضراء الجيوسي بأن أنشأت «بروتا»، مشروع الترجمة من اللغة العربية (1980)، لكي تترجم نماذج ...>>>...

من النادر أنْ يلتقي المرء بشخص يكتشف فيه سريعاً أنه ذو قدرات وصفات رائعة. هذا كان انطباعي المبكر يوم عرفتُ سلمى، ومنذ ذلك الحين لم يزل انطباعي هذا يتعزز باستمرار. تعود صداقتي مع سلمى لسنين طويلة خلت، لعلها حقيقةً تزيد على نصف قرن، منذ كنا تلميذين على مقاعد الدراسة معا في منتصف خمسينيات القرن العشرين في برنامج دراسات اللغة العربية في مدرسة العلوم الشرقية والأفريقية، جامعة لندن. في ذلك الحين، كانت ...>>>...

سعدت بمقابلة الأستاذة الجليلة الدكتورة سلمى الخضراء الجيّوسي في مقر إقامتها ببوسطن، على مقربة من جامعة هارفارد، أقدم جامعة في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد مرت سنوات طويلة على آخر لقاء لي معها في مدينة الرياض حين عملنا معاً في إنجاز مشروعنا العلمي المشترك (مختارات من أدب الجزيرة العربية) أو كما تنص ترجمته على وجه التحديد (أدب الجزيرة العربية الحديثة- مختارات) The Literature of Modern ...>>>...

عدتُ خلالَ الأيامِ الماضيةِ لقراءةِ بعضِ ما كتبتُه عن الدكتور سلمى الخضراء الجيوسي في السنوات الماضية، وقلتُ علّي أستطيع الاستعانة ببعضه للحديث عنها بمناسبة هذا العدد التكريمي، ولكني اكتشفتُ ببساطة أن الدكتورة سلمى قد سبقتْ كثيراً كلَّ ما كتبتُه، تجاوزتْهُ، محقِّقةً ما هو أكبرُ من الكلماتِ التي قيلتْ في إنجازِها، ولذا رحتُ أنظرُ لكلماتي ...>>>...

تقاطعتْ بدايات سلمى الخضراء الجيوسي مع بدايات شعراء الحداثة، فكتبتْ الشّعر (ديوان العودة من النبع الحالم) وترجمتْ عن الإنكليزية الجزأين الأوّل والثاني من رباعيات الإسكندرية للورانس داريل، وإنجازات الشعر الأميركي في نصف قرن للويز بوغان، وغيرها، مثلما فعل أغلبهم. بيد أنها سرعان ما افترقت عنهم، إذ لعلّها أدركتْ - وهي الذكية الحصيفة - معنى الحداثة وكنهها، باعتبارها عملاً فرديّاً في الدرجة ...>>>...

لم تكن سلمى الخضراء الجيوسي ناقدة تعيش في عالم الكتب، بل كانت دوما ناقدة (تحرث الأرض) أولا، وقبل كل شيء. الحياة الأدبية على الأرض شغلها الشاغل. وهنا كانت نقطة قوتها: الحراثة في الأرض بيديها العاريتين. كانت تدرك أن نبتات الحياة الجديدة في الشعر، وفي الأدب عامة، يمكن أن تداس بالأقدام وأن تتحطم ما لم يقم احد باكتشافها وحمايتها. لذا لم يذهب إليها ممثلو الكتابة الشابة، كما جرت العادة، بل كانت هي من ...>>>...

لو قُدر لك الجلوس ضحى أحد الأيام في ردهة أحد الفنادق الفاخرة في مدينة الرياض، وأنت تتناول كوباً من القهوة وتتصفح إحدى الجرائد، ثم ترفع رأسك من القراءة لأخذ رشفة أخرى من ذلك الكوب، وإذا بك ترى سيدة محجبة بعناية ودون تكلف، يبدو عليها كبر السن، وتعتقد أنها قد تجاوزت السبعين من العمر بل ربما اقتربت من الثمانين، تمشي بشيء من الصعوبة وتتأبط حقيبة يدوية فيها كتب وأوراق، تبحث عن مكان معين تجلس فيه ...>>>...

إن الإنتاج الفكري الكبير الذي يصدر عن «سلمى الخضراء الجيوسي» يمثل في ما يمثله، جوانب خلاقة في التراث الثقافي العربي، تعمل الكاتبة الكبيرة على تعريف المثقف الغربي بها، إنه انتاج يصح أن يكون طريقاً لهذا المثقف إلى تثقيف ذاته حول هذا التراث، وأداة في التصدي «للأمية» السائدة في الكثير من الأوساط الثقافية الحديثة في ما يتعلق بهذا التراث، إن سلمى الجيوسي لا تعمل فقط بجدارة فائقة على التعريف بهذا ...>>>...

ليس من قبيل المبالغة وصف مشروع ترجمة الأدب العربي إلى اللغة الإنجليزية، وتقديم الحضارة العربية الإسلامية إلى القارئ الغربي، وهو مشروع الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي الذي كرست له القدر الأعظم من نشاطها وجهدها الأكاديمي، بأنه ضرب من ضروب «الفتح» الثقافي. وأنا هنا لا استعمل كلمة «فتح» العربية للتذكير بجذرها اللغوي الحامل للكثير من الدلالات فحسب، وإنما للتذكير تحديداً بما أشار له الباحث ...>>>...

كتبت سلمى تقول، «أحمل عددا غير قليل من البطيخات بيد واحدة، وهو ما يرعب غيري، لكنني لا أبالي، بل على العكس، أستمتع به وأحبه» في رسالة إلكترونية كتبتها لي في يناير 2010م.

إن ذكرياتي الغنية عنها ليست بالنسبة لعملها الكبير تبلغ حجم بطيخة واحدة، إنها ببساطة شريحة صغيرة من بطيخة واحدة في الفترة ما بين 1970 و1973، حين كنا، سلمى وأنا، أستاذتين نحاضر في جامعة الخرطوم. أظنها كانت في ذلك الوقت تحمل ثلاث ...>>>...

الحديث عن الدكتورة سلمى الجيوسي صعب، ومتعب، لأنك لا تدري عن أي جانب في شخصية هذه المرأة النادرة أن تتحدث.. وكيف لك وأنت تريد أن يكون حديثك علمياً صادقاً أن تبدأ؛ وهكذا يكون الحديث عن المبدعين، والخلاقين والرواد، فبقدر ما تختزنه ذاكرتك من معرفة عنهم إلا أنها تختلط أمامك أو بالأصح تتجاذبك عناصر الانتقاء والاختيار.. ولهذا السبب فإني سأتحدث عن هذه المرأة (الكبيرة) حديثاً شاملاً وعاماً ولن ...>>>...

سلمى بحر، وعلى من يخوض غماره، أن يتسلّح بزعانف الأسماك كي لا تغرقه الجنيّات ولا يصل الى عوالم سلمى المسحورة.

أيّ سحرِ وأيّ تألّقِِ وأيّ كفاح!

أن تكون الكتابة حياتها، أن تحيا لتكتب، هذا أمر لا يتسنّى سوى للمنذورين، أصحاب الرّسالات الكبرى.

كلّ عطاء يقف صاغرا أمام ما منحته سلمى لحضارتنا العربيّه الّتي حملت للعالم العلم والفن ومختلف أنواع المعرفه لأكثر من ثمانبة قرون.

فقد أرّقها مدى التّجاهل ...>>>...

في كل مرة يرد ذكر سلمى الخضرا الجيوسي، أو اطّلع على إنجاز جديد من إنجازاتها، يتبادر إلى تفكيري أنّ ما تقوم به الجيوسي شيء سيستمر أثره وينمو عهودا طويلة في مستقبل البشرية. أجدني أرى فيها مثيلا لأولئك الفلاسفة المؤسسين، والمؤرخين الرواد، ممن تركت فلسفاتهم وكتبهم للتاريخ أثرها في مجمل العلوم والحياة البشرية على مر عصور. هذا رغم أن سلمى ليست فيلسوفة أو مؤرخة بالمعنى التقليدي للكلمات. وبعد تفكير ...>>>...

«وزارة ثقافة في امرأة»

«مؤسسة ثقافية جوالة في العالم»

«عشرون امرأة في امرأة واحدة»

وغيرها من الأقوال التي تشير كلها إلى ما قدمته الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي من إنجازات متعددة في مجالات الأدب والترجمة والنشر لعدد كبير من الابداعات الثقافية العربية والموسوعات التي لا يمكن حصرها في هذا المجال، ولكنها كانت الأولى من الأدباء العرب التي استطاعت اختراق جدار التجاهل الغربي للثقافة العربية ...>>>...

عندما يكون موضوع الحديث منصباً على سلمى خضراء الجيوسي، فهذا يعني أن تشعباً لا حدَّ له سيكون ضرورياً من أجل الإحاطة بجهود شخصية فذَّة مثل شخصية سلمى.

وللتشعب ما يسوِّغه، فهي كاتبة وشاعرة وناقدة ومترجمة، وفوق هذا كله، وربما قبل هذا كله أيضاً، هي من أكفأ الشخصيات العربية المعاصرة في التخطيط للمشاريع الثقافية الكبرى، وفي إدارتها، على أحسن وجه ممكن.

ومع ذلك فإن أحداً لا يضارع سلمى في تواضعها، ولا ...>>>...

شهادة

سلمى الخضراء الجيوسي علامة فارقة في جبهة الثقافة العربية المعاصرة. شاعرة وناقدة ومؤرخة أدبية لا يشق لها غبار، وهي مترجمة صاحبة مشروع هائل لنقل الثقافة العربية إلى اللغة الإنكليزية. عبر مؤسستيها «بروتا» و»رابطة الشرق والغرب» اللتين أسستهما في الولايات المتحدة، وكرستهما من هناك إطارا جادا وحيويا غير مسبوق لترجمة بعض كنوز الأدب العربي إلى الإنكليزية، والتعريف بأساطين الثقافة العربية ...>>>...

على شوكةٍ قابضٌ حريرُها

على جمرةٍ

من آخرالكستناءِ تريثتْ

رعشةُ الحكايةِ في الأصابعِ

في النبرِ ما لا يُقال

تحت سماءٍ فاترةٍ تتلهَّبُ

طقساً أفلتَ من نوعِ فواكههِ

فتحيَّر، آنئذٍ، نسغٌ

وارتبكتْ، في الأغصانِ تويجاتُ.

عن سهرتها يتأخَّرُ قمرٌ

هي منذ شبابين تعلِّمهُ الضوءَ.

موجٌ هي زُرْقتُهُ لا يفهمُ وجهة دفََّتَها

تعرفُ، لكن تتأسّى: تعصفُ.

تعصف بالأسباب وما يأتي

بالجمرةِ ...>>>...

في 29 مايو - أيار الماضي حملت صفحة الجريدة الأولى خبرا بأن جمعية إرهابية جديدة قد خططت للهجوم هذا الصيف على بعض الأقليات في إنجلترا. ثم قرأت داخل الجريدة عن مذبحة المصلين في جامعين في لاهور. بعد ذلك يجيئني صديق مصري فأرى وراء الابتسامات علامات القلق حول نوع جديد من اللاتسامح رآه عندما زار بلده حديثا. ولأني ألماني فأنا أعرف جيدا كيف يمكن لمجتمع بأكمله ان يُرزأ بعقلية جماعية منحرفة وكيف يمكن لهذا ...>>>...

سلمى الخضراء الجيوسي من ألمع شخصيات هذا العصر، وذلك بسبب شخصيتها المتعددة الجوانب المنفتحة دوما على آفاق جديدة. إنها شاعرة، وناقدة، ومؤرخة للأدب، ومحررة أنطولوجيات، وأستاذة، وباحثة، وعاشقة للسفر وزوجة ديبلوماسي أردني، وأم، وفوق كل شيء سيدة حداثية التوجه ذات رؤى متعددة. إنها بلا شك تقف أعلى من جميع زملائها بسبب التزامها الشديد بعملها الذي كرست له جزءا كبيرا من حياتها. وهي تقدمه في قناتين كبيرتين: ...>>>...

«إنّ من تابع شعر سلمى في تطوّره يمكنه أن يتصوّر القمم التي تنتظرها. فسلمى تتمتّع بشاعريّة أصيلة تغذيها ثقافة واسعة وحياة غنيّة. أمّا مكانة شعرها اليوم في النهضة الشعريّة في العالم العربي، فيقيني بأنّها في طليعة الذين يقفون عند نقطة التحوّل في الشعر العربي، ويؤدّون دوراً هامّاً في هذا التحوّل» خالدة سعيد، فصول في نقد الشعر الحديث/ البحث عن الجذور دار مجلّة شعر بيروت 1960 ص.120

في منتصف ...>>>...

أتعبتني المآذنُ

تُمسكُ بي كلما سرتُ غرباً كأني عثرتُ

وتُعاتبُني بعدَ كلِّ صلاةٍ

كأني كفرتُ

أتعبتني المآذن

تلك هي حالُ أ.د. سلمى الخضراء الجيُّوسي. ضربتْ في بلادِ الغربِ تلميذةً وأستاذة؛ لكنَّ صدرَها بقيَ عامرا بتراثِ قومِها، لم يُزحزحه بريقُ الحضارةِ الغربيةِ الحديثة. كانت مشدودةً إلى هذا التراثِ؛ حيثُ سكنَ وجدانَها؛ فإن تغرَّبَ جسدُها فما تغرَّب قلبُها.

نعم، أتعبتْها المآذنُ كلما سارتْ ...>>>...

بدأت التعاون مع الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي عام 1980 مع خطواتها الأولى في تأسيس مشروع «بروتا» PROTA لترجمة الآداب العربية إلى اللغة الإنكليزية. أعجبني طموحها المتوثّب، فلم أتردّد في العمل معها واحداً من المستشارين الكثار من الشرق والغرب، ممن آمنوا برسالتها في تعريف العالم الناطق بالإنكليزية، وهي أكثر اللغات شيوعاً في العالم، بما لدى العرب من ثقافة ومثقّفين، وشعراء وكتّاب، وتراث عريق، ...>>>...

تعرفت على الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي - وهي فلسطينية الأصل أجبرت على مغادرة وطنها في فلسطين مع من أجبروا على مغادرتها عند نكبة 48 - قبل حصولها على الدكتوراه، تعرفت عليها عندما كانت تدرس للدكتوراه في جامعة لندن، وكنت حينها أدرس في مدرسة لندن للعلوم الاقتصادية والسياسية (London School of Economics and Political Science - LSE)، حيث كنا غالباً ما نلتقي على الغداء في مطعم في مقر جامعة لندن ...>>>...

عاشت سلمى الخضراء الجيوسي في خضم التحولات العاصفة التي صعد فيها ما بات يصطلح على تسميته اليوم بشكلٍ مستقر ب» الشعر الحديث». ماهو مفهوم مستقر اليوم لم يكن قط مستقراً في فترة التحول الكبرى الواقعة بين أواسط الأربعينيات والستينيات من القرن العشرين، بل كان مضطرباً أشد الاضطراب، ومفصل سجال شعري- ثقافي –نقدي عاصف هو ماتتسم به حيوية الثقافات في مراحل التحول. في فترة الاضطراب هذه أنتجت الحركات الشعرية ...>>>...

إن الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي، هذه المُبدعة التي أُعتز بأنْ أعتبرَها لسنين طوال زميلةً وصديقةً معا، هي بكل المقاييس باحثةٌ من الطبقة الأولى. أضفْ إلى ذلك أن صفتًها تلك إنْ هي إلا متمِّمةٌ لطاقتها المُهمّةِ كشاعرةٍ نالت الشهرةَ قبل تكريس نفسها لعملها الكبير الذي حمل ثقافة أمتها للعالم أجمع.

إنها حقاً لباحثةٌ متميّزةٌ، حتى بين الطبقة الأولى من الباحثين؛ وذلك بسبب طبيعتها وشمولية رؤياها، وإحاطة ...>>>...

كانت الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي - محررة كتاب إرث إسبانيا المسلمة، الذي كان الأكثر مبيعا على الإطلاق عند دار النشر الهولندية العريقة، برِيلْ، حصن الاستشراق الأوربي - كتبت في صيف عام 2000 عن خطتها وأملها في عمل سلسلة من الكتب عن القدس، مركزة بصورة خاصة على تاريخها وثقافتها. وقد أظهرت الدكتورة سلمى قدرة عجيبة على إلهام من حولها وعلى تشجيعهم على عمل ما لا يمكنهم محاولته بمحض أنفسهم. وقبل أن نعلم ...>>>...

هي الخضراء دائماً وأبداً، تقطع سنوات العمر بدأب شاب، ذلك إنها تعودت التعامل مع ذاتها كعقل وقلب، إنها الأكاديمية الشاعرة المترجمة، المؤسِّسة، سلمى الخضراء الجيوسي، قادرة على بث روح شابة حولها لفرط حماسها وتأجج انفعالها عندما يتعلق الأمر بالعمل، أو بمشروع ريادي، أو بحالة أخلاقية تؤشرعلى تقدم شعب، تنفعل بسهولة ولكن بحكمة، كلما اقتربت منها اكتشفت وراء الوجه الجاد والتعليق الحاد والمباشر، رقة ...>>>...

تقوم الفكرة المحورية في مشروع الجيوسي الثقافي، على أن تغيير الصورة النمطية السلبية عن العرب، التي تسيطر على الثقافة والإعلام العالميين، هي مسؤولية الثقافة العربية أولاً وقبل كل شي، على الرغم من أن الغرب هو الذي شوه صورتنا وأخطأ في حقنا.

فإذا كان العالم الغربي قد كون صورة ظلامية ومزيفة عن ثقافتنا وتاريخنا، وحولنا إلى مجرد شعوب متخلفة تعيش على ...>>>...

يصعب علي الكتابة عن شقيقتي سلمى دون الإحالة بشكل رئيس على تجربتي الشخصية معها، فلا أنا أديب ولا أنا ناقد أدبي حتى أتناول إنتاجها الأدبي بالتقييم. كل ما أستطيع قوله عن إنتاجها الأدبي يصدر عني كمتذوق يوليه إعجابا كبيرا وتقديرا واحتراما عظيمين، خاصة أنني تمكنت بحكم علاقتي الشخصية من مواكبة تطوره العريض منذ بداياته الأولى حتى الوقت الحاضر. وأنا أعلم أنها تختزن كمية كبيرة من منظومها الشعري غير المنشور ...>>>...

صفتان أساسيتان حملهما عمل الأديبة والأكاديمية العربية سلمى الخضراء الجيوسي، الأولى هي الاجتهاد والجلد والمثابرة، والصفة الثانية هي التزامها بنقل الإبداع العربي إلى اللغات الأخرى، والتعريف به، لقناعتها أن هذه المهمة تقع على عاتق الأكاديميين والأدباء العرب قبل الأكاديميين والمستشرقين الغربيين، ويمكن أن نشتق صفة ثالثة من الثانية، وهي أن التزام الجيوسي كان عربياً عاماً غير موسوم بأي صبغة أيديولوجية ...>>>...

منذ تعرفت على الدكتورة سلمى الجيوسي قبل عشرين سنة كانت من أحب ضيوف الأدب والشعر الزائرين لبلادنا ووجدت عندنا ترحيبا كبيراً. إنها رحالة لا تستقر طويلا في أي مكان بل تتابع سفرها الدائم في بحثها المتواصل عن إنشاء العلاقات مع أدباء وشعراء ومترجمين من أنحاء كثيرة من العالم. والحق إنها خير سفير ثقافي يمثل ثقافة العرب ويعرّف العالم بها بذلك التوهج الأخاذ والحماس المثقف. فلم نكن نحن كأدباء إنجليز نعرف ...>>>...

الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي عضو مؤسس في «راوي» منذ أسس المحور عام 1414 هـ. (1993 م.) وشغلت مركز عضو في مجلسنا الاستشاري منذ عام 1419 هـ. (1998 م.). وكان لنا في عام 1426 هـ. (2005 م) فخر تكريم د. الجيوسي كأول من ينال أولى جوائزنا للإنجاز المكرس مدى العمر، وهي جائزة تُمنَح لشخصية عربية أمريكية أدبية حققت إنجازات متميزة. وأود أن أكرس كلمتي هذه لمنحىً واحد من مناحي عملها الثقافي المتعدد الوجوه وهو ...>>>...

«نحن نتملك أشياء عظيمة.. ولكننا مجهولون في الغرب». هذا ما تقوله سلمى الخضراء الجيوسي، «فلقد أدرك المثقفون عندنا قيمة المشاركة الفعالة في الثقافة العالمية، وأيقنوا أن هذه المشاركة لا تتم إلا إذا اطلع العالم على أدبنا وانجازاتنا الإبداعية، وروح حضارتنا وقيمها الأدبية. وهذا لا يمكن إلا عن طريق الترجمة». ولهذا فقد نذرت سلمى حياتها لترجمة الأدب العربي ونشره في الغرب، ولهذا أيضا وصفها البعض ...>>>...

إن سلمى أكثر من المرأة- الشاعرة أو المرأة- الناقدة أو المرأة- الباحثة أو المرأة- الأستاذة. إنها المرأة- الظاهرة، فقد حققت هذه المرأة العربية بذكائها وإرادتها وموهبتها ما عجزت عنه المؤسسات الثقافية ووزارات الإعلام على كثرتها في هذا الوطن الكبير: لقد قامت سلمى بتغيير خارطة الثقافة العالمية لصالح الأدب والإبداع العربي. فبعد أن كانت الثقافة العربية غير واردة في الخطاب العالمي السائد أو واردة في حضور ...>>>...

لنتكلم قليلاً عن الدفق الإنساني العالي لدى سلمى الخضراء الجيوسي. لنتكلم ونذكّر بروحها الشمسية التي بقدر صرامتها العلمية والمنهجية فإنها تخفق بقلب شعري وشاعري أقرب إلى صفاء الروحانيين مما هو إلى صرامة العقلانيين.

«شعر وفكر صنوان» يقول هايدغر وهي حكمة قد تنطبق بتحريف صغير على الجيوسي طيلة رحلة طويلة، متربة مرة، ومتلألئة مرات بين الألسن والنظريات الأدبية والخطوات النقدية العميقة والشعر الجم. وفي ...>>>...

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

صفحات PDF

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة