الثقافية - علي بن سعد القحطاني:
في لقاءٍ خاصٍ لـ«الثقافية»، يروي الروائي والكاتب يوسف المحيميد، رئيس مجلس إدارة جمعية آداب وفنون السرد (نالا) حكاية تأسيس الجمعية، التي وُلدت من جلسةٍ حواريةٍ عفوية تحوّلت إلى نواةٍ لمشروعٍ وطنيٍّ طموحٍ يُعنى بفنون السرد كافة: القصة القصيرة، الرواية، اليوميات، والمذكرات.
جاءت تفاصيل اللقاء لتتحدث عن البدايات الأولى للجمعية، حيث التقت الحماسة الثقافية بالرغبة في تأسيس بيتٍ مؤسسي يحتضن الكتّاب والكاتبات، ويوفّر لهم فضاءً رحبًا للتعاون والتكامل مع مختلف الجهات الثقافية، في خطوةٍ تعبّر عن وعيٍ متنامٍ بأهمية العمل الجماعي المنظم في خدمة فنون السرد وتعزيز حضورها في المشهد الثقافي السعودي.
ويقدّم الروائي يوسف المحيميد رؤيته لمستقبل جمعية آداب وفنون السرد (نالا) بوصفها فضاءً رحبًا للتعبير والابتكار، من خلال برامجها المتنوعة وورشها المتخصصة في الكتابة الإبداعية، إلى جانب مشروعها السنوي «ملتقى نالا للسرد»، الذي ستُخصَّص دورته الأولى لتكريم القاص محمد علوان.
كما يتناول اللقاء خطط التعاون مع هيئة الأدب والنشر والترجمة والمركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، ومشروعات الجمعية في أرشفة الإنتاج السردي السعودي، ودعم المواهب الشابة عبر ورش الكتابة الإبداعية، لتكون «نالا» منصةً مؤسسية تُجدد السرد السعودي وتدفع به نحو آفاق عربية وعالمية.
البداية
كيف انطلقت فكرة تأسيس جمعية آداب وفنون السرد «نالا»، وما الذي يميزها عن نظيراتها من الجمعيات الأدبية؟ وما أبرز برامجكم وطموحاتكم التي تعملون على تحقيقها؟
- للفكرة حكاية طريفة، فقد كنت مدعوًٌا لجلسة حوارية نظمتها جمعية الأدب بالتعاون مع مقهى تشكيل، واتفقت مع المدير التنفيذي للجمعية أ. عبدالله مفتاح، ومع المحاور في الجلسة القاص خالد الداموك، أن نقتصر في هذه الجلسة على الحديث عن القصة القصيرة فقط، دون تناول الرواية إطلاقا. فوضعوا عنوان الجلسة (قصة يوسف)، فوجئت بحضور نخبوي متميز خلاف ما يحدث تجاه تهميش القصة القصيرة، وبدلاً من ساعة واحدة مدة الجلسة، امتدت إلى ما يقارب ساعتين زاخرتين بالحميمية والحوار الجاد. حين خرجتُ من المقهى نحو سيارتي كنت ممتلئا جدًا بفضاءات هذه الجلسة، ففكرت لماذا لا نؤسس جمعية خاصة بالقصة القصيرة؟ من ممكن أشاركه هذه الهموم والشواغل؟ ويكون قادرًا تماما على الدعم والانطلاق؟ جاء في بالي فورًا صديقي العزيز فالح العنزي، فهو قاص وصحفي وإداري يمتلك خبرة في العمل الثقافي، سواء في أدبي الرياض أو عمله في اللجنة الثقافية في دورات المهرجان الوطني للتراث والثقافة (مهرجان الجنادرية)، هاتفته وتحمس كثيرا للفكرة، ثم تحولت إلى جمعية للقصة القصيرة والرواية، وأخيرًا جمعية للسرد بشكل عام، تدعم كل فنون السرد المختلفة، قصة قصيرة، راوية، يوميات، مذكرات، رسائل أدبية… إلخ.
الجهات الثقافية
ما خطط الجمعية لتعزيز التعاون الفعّال مع الجهات الثقافية ذات الاهتمامات المشتركة، بما يخدم الأهداف التكاملية للمشهد الثقافي؟
- طبعًا تتميز جمعية آداب وفنون السرد (نالا) عن غيرها في تخصصها، وانفتاحها على جميع فنون السرد، وعلى كافة المبدعين والمبدعات في أرجاء الوطن الكبير، ومن كافة الأجيال الأدبية المختلفة… هي جمعية - يا علي - تأسست لكَّتاب وكاتبات السرد، كل ما فعلناه أننا قمنا بالتأسيس ووضع استراتيجية لها، برؤية ورسالة تخدم أهدافها.
سرديات
ما الفرص التي يوفّرها الانضمام إلى جمعية «نالا» للمهتمين بفنون السرد؟ وكيف يمكن أن تسهم عضويتهم في تطوير الحركة الأدبية وتعزيز حضور السرد السعودي في المشهد الثقافي؟
- قامت اللجان في الجمعية بوضع برنامج النشاط المنبري للعام 2026 كاملاً، ابتداءً من يناير القادم، وأقر مجلس إدارة الجمعية إقامة ملتقى سنوي للسرد( ملتقى نالا للسرد) يتم من خلاله تكريم أحد رواد السرد، وتم تخصيص الدورة الأولى من الملتقى للقصة القصيرة، ( ملتقى نالا الأول للسرد- القصة القصيرة- دورة محمد علوان) سينعقد بإذن الله في شهر مايو القادم. وسيُعقد هذا الملتقى بشكل سنوي، بحيث يخصص كل عام لجنس من أجناس السرد الأدبي. طموحاتنا كبيرة في هذه الجمعية، لأن تصبح بيتًا دافئا وحميميا للمبدعين، وداعمًا للشباب سواء في توفير ورش عمل وبرامج لفنون الكتابة الإبداعية، أو منحهم فرصة المشاركة في فعاليات الجمعية أو إدارة فعالياتها، أو نشر أعمالهم السردية، وغير ذلك.
نقاشات
ما خطط الجمعية لتعزيز التعاون الفعّال مع الجهات الثقافية ذات الاهتمامات المشتركة بما يخدم الأهداف التكاملية للمشهد الثقافي؟
- دعني في البدء أقدم الشكر لرئيس هيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور عبداللطيف الواصل، الذي بارك هذه الخطوة، وعقد معي وزملائي من أعضاء المجلس اجتماعًا أوضح فيه ما تقدمه الهيئة للجمعيات في القطاع غير الربحي. وكذلك الأستاذ أحمد السويلم رئيس المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي والقيادات في المركز الذي اجتمعنا معهم لتنسيق العمل وإجراءاته مع المركز… وبالطبع لدينا نقاشات مبدئية مع شركاء المستقبل، سواء في مجالات السرد أو عدد من دور النشر لنشر الإبداع السعودي.
المشهد الثقافي
ما أبرز الفرص التي يتيحها الانضمام إلى جمعية «نالا» أمام المهتمين بالكتابة السردية، وكيف يمكن أن تسهم عضويتهم في إثراء المشهد المحلي؟
- طبعًا الانضمام للجمعية، خاصة للمشتغلين في مجالات السرد، يمنحهم حقوق وأفضليات، سواء في التصويت أو الترشح لمجلس إدارة الجمعية كما هو معروف، أو الاشتراك في لجان الجمعية أو في الفعاليات والأنشطة التي تنظمها الجمعية أو الحصول على إصدارات الجمعية، والمشاركة في ملتقيات الجمعية، وما إلى ذلك.
أرشفة الروايات السعودية
هل لدى الجمعية توجه لأرشفة الروايات السعودية منذ نشأتها وحتى اليوم، وجدولتها وإتاحتها للباحثين والدارسين بوصفها مادة علمية وبحثية مستقبلية؟
- بالطبع هذا مشروع مهم ورائد، لكنه يتطلب الحصول على موافقات الكُتّاب أو من له حق الموافقة على تزويد الجمعية بنسختين من كل إصدار لأرشفتها وجعلها متاحة للباحثين والدارسين في المجالات السردية، وهذا يتطلب جهدا كبيرا ودعما ماليا، وتعاملات قانونية معينة، ويحتاج إلى قدرات وكفاءات جيدة في هذا المجال، ربما يكون ذلك من مشروعات الجمعية ومراحل التطوير القادمة فيها.
المواهب القادمة
ما الدور الذي ستطلع به ورش العمل في صقل مهارات السرد؟ وكيف ستدعم الجمعية المواهب الشابة في مجالات الكتابة الروائية، الترجمة، والنقد؟
- ورش العمل أو برامج الكتابة الإبداعية هي من مهام الجمعية التي نسعى إلى تحقيقها، من خلال قيام عدد من الكُتًاب أو المدربين المختصين بفنون الكتابة السردية بعقد ورش عمل متخصصة للكتابة الإبداعية.
وتشجيعاً للإبداع السعودي وانطلاقاً مع ما جاء في وثيقة الرؤية: «سنواصل الاستثمار في الثقافة والتراث والفنون، بما يعزز من جودة الحياة ويسهم في صناعة مستقبل واعد للمملكة وأبنائها» تضع جمعية آداب وفنون السرد (نالا) على رأس أولوياتها وأهدافها دعم الإبداع السعودي ومساعدة المبدع/المبدعة السعوديين في نشر كتابهم الأول، سواء كان مجموعة قصصية أو رواية، بما يعزز من حضور الإبداع السعودي عربياً وعالمياً.
** **
@ali_s_alq