«سينما السؤال الأخلاقي: أندري زفياجينتسيف» كتاب جديد صدر مُؤخرا للناقد السينمائي محمود الغيطاني، عن «بوملحة للنشر والتوزيع» بالإمارات العربية المُتحدة ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي تنطلق دورته الجديدة في 5 نوفمبر 2025م من الشهر القادم.
صدر الكتاب في 340 صفحة من القطع الكبير، استمرارا لمشروع الغيطاني النقدي الذي يتناول مجموعة من المُخرجين المُتميزين من حول العالم بالنقد والتحليل، حيث ترك هؤلاء المُخرجون بصماتهم الملموسة على صناعة السينما العالمية.
يتناول الكتاب السيرة السينمائية للمُخرج الروسي أندري زفياجينتسيف الذي يُعد من أهم المُخرجين الروس في تاريخ السينما الروسية المُعاصرة، والذي يعنيه في صناعة سينماه السؤال الجوهري الأساس الذي يُشكل السينما التي يقدمها، وهو سؤال المسؤولية الأخلاقية، وأهمية الأسرة في بناء المُجتمع باعتبارها النواة الأساس لأي مُجتمع.
وتأتي أهمية هذا الكتاب من استمرار الغيطاني في مُباشرة مشروعه السينمائي المُنكب عليه مُنذ سنوات، والمُنصب في الأساس على مُخرجي تيار «السينما البطيئة» من حول العالم، وهو التيار الذي يحظى بمكانة فريدة في عالم صناعة السينما؛ لأهميته، وجمالياته الأسلوبية، وتحليه بالثقافة الوافرة، وحرص مُخرجيه على ابتكار أسلوبيات سينمائية فريدة تتيح للمُشاهد الفرصة للتأمل الطويل فيما يدور أمامه على شاشة السينما، ولا سيما أن هذا الاتجاه من السينما يميل إلى الكثير من التفلسف، وتأمل الحياة من حولنا، وإضفاء العديد من المعارف على المشاهد السينمائية.
يتناول الغيطاني في كتابه «سينما السؤال الأخلاقي» سينما المُخرج التي حاول الإحاطة الكاملة بها، والأسباب الاجتماعية، والأسرية، والثقافية، بل والشخصية التي عملت على تكوينه للوصول إلى هذا الشكل الذي نعرفه عليه الآن، والسبب الرئيس في اهتمامه بصناعة السينما، والانصراف عن عالمي التمثيل والمسرح اللذين كان مفتونا بهما، لتصبح السينما فيما بعد أهم لديه من الحياة- كما سبق أن «أخبره بذلك المُمثل الروسي Aleksei Serebryakov أليكسي سيريبرياكوف، بطل فيلمه المُهم Leviathan ليفياثان حينما قال له ذات مرة: أندري، أنت تُحب السينما أكثر من الحياة».
كما حرص في الباب الثاني على تناول أفلام المُخرج الروائية الطويلة، والتي بلغت خمسة أفلام، بالبحث والتحليل، ومُقارنة هذه الأفلام التي صنعها المُخرج مع أسئلته الأخلاقية الكبرى التي يحلو له زجها داخل أفلامه، بل وقيام الفيلم في الأساس بالاعتماد الجوهري عليها، وطرح السؤال بدوره: هل تناسبت هذه النظرة الأخلاقية الاجتماعية التي يؤمن بها المُخرج مع ما قدمه من أفلام أم لا؟ وهل استطاع زفياجينتسيف التعبير عن رؤيته الاجتماعية والأخلاقية بأفلام فنية مُمتعة، تحمل داخل بنيتها أسلوبيته المُتفردة التي جعلته مُختلفا عن غيره من المُخرجين- سواء داخل روسيا أو خارجها؟
في الباب الثالث تناول بالنقد والتحليل أيضا فيلميه الروائيين القصيرين الوحيدين اللذين قام بصناعتهما في تجارب جماعية، ورغم قصر مُدة عرض الفيلمين، إلا أن زفياجينتسيف لم يستطع فيهما التخلي عن أسئلته الضرورية التي تظل تُلح على ذهنه بشكل مرض؛ مما يجعل الفيلم في نهاية الأمر خير تعبير عما يعتمل داخل ذهنه.
** **
- زيزي شوشة