لا شك أن الكرم عادة من عادات العرب الطيِّبة والمحببة إلى النفوس، وخير مثال كرم رسول -صلى الله عليه وسلم- الذي فاق كل وصف، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- لا يرد سائلاً في أي شيء، وأكثر الناس عطاءً، وهذا ما جاء في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس.
وقيل سابقًا أن الناس أربعة ما بين جواد وهو الذي من يعطي حظ دنياه بآخرته، وبخيل لا يعطي منها واحدًا، ومسرف ماله جعله لدنياه، ومقتصد وهو الذي أعطى كلاً بقدره، وما جاء في الشعر:
النفسُ تجزعُ أن تكونَ فقيرةً
والفقرُ خيرٌ من غنًى يُطغيها
وغِنى النفوسِ هو الكفافُ وإِن أبتْ
فجميعُ ما في الأرضِ لا يكفيها
وخير ما يستر عيوب الشخص ويخفيها هو الكرم والسخاء، لأنها صفة عظيمة وحسنة تمحو المساوئ والعيوب قال الشافعي:
وإنْ كثرتْ عيوبكَ في البرايا
وسَرّكَ أَنْ يَكُونَ لَها غِطَاءُ
تَسَتَّرْ بِالسَّخَاء فَكُلُّ عَيْب
يغطيه كما قيلَ السَّخاءُ
والكريم يمتلك صفات عديدة منها الصدق والوفاء ومعاملة الناس معاملة طيبة وحسنة، ومما جاء في ذلك أن رجلاً كان يمشي مع سفيان بن عيينة، إذ أتاه سائل ولم يكن معه ما يعطيه فبكى.
فقلت: ما يبكيك؟
قال: أي مصيبة أعظم من أن يؤمل فيك رجل خيراً فلا يصيبه، يقول الشاعر اللبناني ناصيف اليازجي:
إِنَّ الكريمَ الَّذِي لا مالَ فِي يدهِ
مَثَلٌ الشُّجاعُ الَّذي في كَفِّهِ شَلَلُ
ولكن نرى الكرم في وقتنا الحالي أصبح بين مطرقة الهياط وسندان الشهرة، عزاؤنا في الوقت الحالي لمصوري مجالسهم وضيوفهم والقهاوي دون مبرر مجرد البحث عن الشهرة والهياط، لكن لن يخلد التاريخ أسماءهم لأنهم عبثوا في موازين الكرم العربي الأصيل، وهذا ما سلط عليه الضوء الشاعر العباسي المتنبي فيقول:
وَلِلنَفسِ أَخلاقٌ تَدُلُّ عَلى الفَتى
أَكانَ سَخاءً ما أَتى أَم تَساخِيا
وأخيرًا أصبح بيننا وبين معرفة الكريم ألف كريم متباهٍ وألف كريم مشهور.
** **
د. فهد الشمري - دكتوراه في الأدب والنقد والبلاغة
Fahad2626