في (الثالث والعشرين من سبتمبر)، يتجدد الموعد مع المجد، ويغدو التاريخ على موعد مع يوم ليس كسائر الأيام، يوم حمل ملامح وطن استثنائي وارتقى بخصاله إلى مصاف العظمة. إنه اليوم الوطني السعودي العظيم، الذي يطل هذا العام متوشحًا بشعار يوجز الحقيقة كلها: «عزنا بطبعنا». تلك العبارة ليست مجرد كلمات، بل شهادة ميلاد لأمة صاغت هويتها من الكرم والشهامة والنخوة، حتى باتت هذه الأرض الطاهرة ملاذًا لكل مكلوم، ونصرةً لكل مظلوم، وملجأً لإخوانها المسلمين في أرجاء المعمورة. فمنذ أن أرسى المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- دعائم الوحدة، ومرورًا بملوك سهروا على بناء هذه الدولة العظيمة، وصولًا إلى حاضر يقوده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان -أيدهم الله- ظلت المملكة وفيةً لطبيعتها الأصيلة: كرم يفيض، وعزيمة لا تلين، ومواقف لا تباع ولا تشترى.
ما أبهى أن يكون الانتماء إلى وطن عزه مطبوع في فطرته، لا في زخرف طارئ ولا في ادعاء زائف. وطن يستمد مجده من عمق الصحراء وسمو الجبال، ومن نقاء العقيدة التي رفرفت رايتها عاليةً منذ أن قيل: «لا إله إلا الله محمد رسول الله». هنا حيث تتعانق الأصالة مع الحداثة، ويذوب التاريخ في المستقبل، ينهض الجيل الجديد حاملًا في عروقه دماء الكبار وقلوبًا تشرئب للأعالي. يا له من شعور يفيض فخرًا وسرورًا أن نكون جزءًا من هذا الكيان، وأن نحس أن كل ذرة تراب فيه تحكي عن بطولة، وكل معلم يروي عن كرامة. إنه وطن كتب تاريخه بحروف من ذهب، وها هو اليوم يرسم مستقبله برؤية طموحة، ليكون منارةً للعالم وقلبًا نابضًا للأمة.
إننا في يومنا الوطني لا نحتفل بتاريخ مضى فحسب، بل نحتفي بمستقبل يتجدد، وبعز لا يفنى، وبطبع يأبى أن ينكسر أو ينحني. هنا المملكة العربية السعودية، أرض المجد، وموطن الشرف، وعرين العزة التي لا تغيب.
** **
- د. محمد الحارثي