شهدت المملكة العربية السعودية على امتداد أكثر من خمسة عقود نقلة نوعية في مجالات التعليم والتدريب، ولاسيما في القطاع الطبي. فمنذ عهد الملك فهد بن عبد العزيز -رحمه الله- انطلقت مسيرة بناء صروح صحية وتعليمية كبرى، حيث أُنشئت المستشفيات التخصصية وتوسّعت الخدمات الصحية بصورة لافتة. كما تأسست كليات الطب والصيدلة والعلوم الصحية، وارتكزت الجهود آنذاك على إعداد الكفاءات الوطنية وتأهيلها عبر برامج التعليم والابتعاث الخارجي.
وفي عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز -رحمه الله- استمرت المسيرة وتوسّعت آفاقها، فتعزّزت فرص الابتعاث الخارجي وتوطيد التعليم والتدريب، كما شهدت هذه المرحلة تمكين المرأة السعودية في شتى المجالات، ولاسيما في القطاع الصحي. ومن أبرز الإنجازات في تلك الفترة إنشاء مستشفى الملك عبد الله بن عبد العزيز الجامعي داخل جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، ليكون صرحًا استشاريًا وتعليميًا متقدّمًا. وقد أسهم هذا المستشفى في دعم الخريجات من الكليات الصحية بالجامعة، إذ أتاح لطالبات الطب والصيدلة والتمريض الاندماج في برامج الامتياز والدراسات العليا والتخصصات الدقيقة، ليخرجن إلى الميدان بخبرة مهنية عالية ومعايير طبية رفيعة. كما شهدت المرحلة نفسها تطورًا في مراكز الأبحاث الطبية، الأمر الذي انعكس إيجابًا على جودة الخدمات وأساليب التدريب.
أما في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- فقد اكتسب القطاع الطبي بعدًا استراتيجيًا متجدّدًا في ظل رؤية المملكة 2030 التي أطلقها وأشرف على تنفيذها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-. فقد جاءت هذه الرؤية لتجعل الصحة والتعليم ركيزتين أساسيتين في بناء الإنسان السعودي، مع تعزيز الابتكار والتقنية الحديثة في المنظومة الصحية. ومن أبرز المبادرات التي أحدثت نقلة كبيرة في هذا المجال برنامج جودة الحياة، الذي عمل على رفع كفاءة القطاع الصحي والارتقاء بالخدمات الطبية، مع التركيز على تعزيز نمط الحياة الصحية للمواطنين والمقيمين.
وبفضل هذا التكامل بين التعليم الطبي الحديث والتدريب العملي والتحول الرقمي، إلى جانب المبادرات المتقدمة في جودة الحياة، غدت المملكة نموذجًا رائدًا في الجمع بين التعليم المتطور والخدمات الطبية المتقدمة، بما ينعكس على صحة الإنسان ورفاهيته وجودة حياته.
تسعون وخمس سنوات من المجد والعطاء، نفاخر بها وطنًا وشعبًا، لتبقى رايتنا خفّاقة وشعارنا خالدًا: «عزنا بطبعنا».
** **
د. أماني بنت عبد الله باهديلة - جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن آل سعود