الثقافية - كُتب:
صدر كتاب: «عند الرهان تعرف السوابق»: الأميرة نورة بنت محمد بن سعود آل سعود -حفظها الله- حرم سمو أمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- من تأليف الأستاذة الدكتورة: عزيزة بنت عبدالعزيز المانع، عضو مجلس إدارة هيئة الأدب والنشر والترجمة، وأستاذة علم الاجتماع في جامعة الملك سعود سابقًا، ويُعنى هذا الكتاب بتوثيق سيرة الأميرة نورة انطلاقًا من جهودها وأعمالها الوطنية الجليلة، والأميرة نورة أنموذج نسائي سعودي متميز يعكس صورة للشخصيات الريادية في وطننا الحبيب، ويقع هذا الكتاب في مئتين وست وأربعين صفحة، من القطع المتوسط، وصدر عن دار مدارك، هذا العام، في طبعة فاخرة أنيقة، تضمنت ملحقًا في نهاية الكتاب للصور، ويتألف هذا الإصدار من باقة شكر وتقدير وجهتها المؤلفة لمن زودها بالمعلومات التي اعتمدت عليها عند تأليف الكتاب، ومقدمة وتمهيد، وخمسة فصول، وخاتمة، وملحق للصور والأوسمة والشهادات التكريمية، وجاءت عنوانات الفصول بصياغة أدبية راقية تعكس اهتمام المؤلفة بأسلوب الكتاب:
الفصل الأول بعنوان: في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل، قراءة سيرة، والثاني: كأنكِ في فم الدهر ابتسام، الرياض إلى عسير، والثالث: ويسعد الله أقوامًا بأقوامِ، من عسير إلى القصيم، والرابع: العودة إلى الرياض، لم تلق عصاها، ولم يستقر بها النوى، والخامس: أقلام تروي، وصادق الحب يُملي صادق الكلم.
وتكشف الدكتورة: عزيزة المانع، سبب تأليفها للكتاب، ومنهجها العلمي فيه بقولها: يعد التوثيق المراحل التطور والنمو التي تمر بها المجتمعات، من أهم الأدوات الحافظة لتاريخ المجتمع، فالتوثيق هو الذاكرة الدائمة التي تسجل حقائق كثيرة ترتبط بالمجتمع وثقافته وتاريخه وترصد مراحل تطوره ونمائه. وكما يقال لا تاريخ دون وثائق، فعندما يغيب التوثيق يغيب التاريخ، وحتى إن حضر فإن حضوره بلا توثيق يكون زائفا من اختلاق الظنون.
وفي المملكة العربية السعودية، حدث خلال العقود القليلة الماضية تطور ونمو اجتماعي كبير في جوانب مختلفة كثيرة، أحدها ما حدث في حياة المرأة من نمو وتطور لافت للنظر، وهو أمر يستحق منا الكتابة عنه وتأريخه وتوثيقه والاهتمام بتسجيل مراحله، إلا أن كثيرا مما كتب عن تنمية المرأة في بلادنا يغلب عليه الإنشائية ويفتقر إلى توثيق الوقائع والأحداث والصعوبات، وهو غالبًا ينحصر في السرد الوصفي أو الإحصائي بعيدا عن ذكر التفاصيل الدقيقة والتحديات التي تظهر من حين لآخر، كما أنه غالبا يخلو من الحديث عن الجهود التطوعية التي قام بها الرواد من أبناء الوطن المخلصين الذين كان لهم دور مميز في دعم تنمية المرأة، ومن هنا تظهر الحاجة لكتابات وافية تسجل ما لم يُسجل وتدون جهود الرواد وتوثق سيرهم ودورهم التطوعي في دعم تنمية المرأة الاجتماعية.
وتؤكد المؤلفة على غايتها من تأليف هذا الإصدار بقولها: وهذا الكتاب له غايتان إحداهما، توثيق بعض الجهود الريادية النسائية في مجال تنمية المرأة والعمل التطوعي الاجتماعي في المملكة العربية السعودية، خاصة أن تلك الجهود ظهرت في مرحلة تاريخية لم تكن فيها تنمية المرأة تلقى كثيرًا من الدعم، بل كان الأمر على عكس ذلك، حيث كانت في بعض الأحيان تلقى معارضة ورفضا.
والغاية الأخرى هي سد ثغرة في التأريخ للرائدات في المملكة العربية السعودية، فأغلب المدون من الأعمال الريادية في بلادنا، يمثل أعمالا قام بها الذكور، في تجاهل كبير لأعمال الرائدات، وفي ذلك طمس الحقيقة مشاركة المرأة الرجل في بناء الوطن والتشرف بخدمته. ومن حق الرائدات علينا أن نحفظ ذكرهن وأن نوثق منجزاتهن ضمن ما يوثق من إنجازات الرواد في بلادنا.
وفي هذا الإصدار تتبع د.المانع سيرة سمو الأميرة نورة في مختلف محطاتها حيث تقول: والرائدة التي يسعى هذا الكتاب إلى توثيق سيرتها وتسليط الضوء على ما لها من جهود بارزة في الخدمة الاجتماعية والعمل التطوعي التنموي والخيري، هي الأميرة نورة بنت محمد بن سعود بن عبد الرحمن آل سعود، التي تعد بجدارة رائدة من رائدات تنمية المرأة الاجتماعية في وطننا الغالي، فعلى الرغم من كثرة ما صدر من المؤلفات والكتيبات التي تتحدث عن العمل الاجتماعي الخيري في المملكة، إلا أن ليس بينها ما يوثق سيرة الرائدات في هذا المجال بمن فيهن الأميرة نورة، الرائدة المعطاءة التي قدمت لبلادها والمرأة فيها، الكثير من الأعمال التطوعية والخدمات الاجتماعية والتنموية على مدى يزيد على ثلاثة عقود في ثلاث مناطق مختلفة من المملكة.
وتكشف د.عزيزة سبب اهتمامها بسيرة سمو الأميرة نورة حيث تقول: إن اهتمامنا بتوثيق سيرة الأميرة نورة بنت محمد وما قدمته من أعمال وطنية جليلة، لا يعني مجرد حفظ وتوثيق لذكر رائدة من رائدات العمل الاجتماعي، استقر حبها واحترامها وتقدير عملها في قلوب كثير من الناس فحسب، وإنما أيضًا هو حفظ وتوثيق لبدايات مراحل تنمية المرأة الاجتماعية في بلادنا، ورصد لخطوات العمل الاجتماعي التطوعي النسائي خلال الربع الأخير من القرن الماضي الميلادي، في زمن كان فيه العمل في هذا المجال محاطا بتحديات وصعوبات كثيرة، وذلك قبل أن تصبح تنمية المرأة على ما هي عليه اليوم من واقع جميل نفخر به ونعتز.
وهو ما يجعل الدور الذي كانت تقوم به الأميرة نورة آنذاك، قنديلا ينشر شعاعه المضيء في الظلمات، مبرهنا على أن حب الوطن يمكن أن يترجم إلى عمل دؤوب، يمطر خيرًا تحيا به الأرض والناس.
إن كانت نساء هذا الجيل ممن عاصرن الأميرة نورة يعرفن ما لها من فضل، فإن الأجيال الجديدة من البنين والبنات قد لا يعرفون شيئًا عن ذلك، ومن حقهم علينا أن نعينهم على معرفة من سبق من الرائدات والرواد والقادة الذين خدموا بلادهم وأخلصوا لوطنهم وتركوا بصمات مضيئة على جدران التاريخ.
ولا يفوت المؤلفة التعريف بالكتاب ومادته حيث تقول:
يتضمن الكتاب خمسة فصول: الأول يتحدث عن حياة الرائدة ونشأتها وملامح من مكونات شخصيتها، والفصل الثاني يتضمن الحديث عن منطقة عسير في عقد الثمانينيات من القرن الماضي الميلادي وأسلوب حياة المرأة التقليدي فيها، وصور الخدمات الاجتماعية التنموية التي قدمت لها خلال تلك الفترة، والفصل الثالث يختص بالحديث عن منطقة القصيم في العقد الأخير من القرن العشرين، والعقد الأول من هذا القرن، وطبيعة الحياة فيها، وما تحقق للمرأة من خدمات تنموية خلال تلك المدة، أما الفصل الرابع فيتضمن الحديث عن منطقة الرياض في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين وما طرأ على العاصمة وعلى حياة المرأة فيها، من تطور ونمو كبير أحدثا تغييرا في نمط الحياة الاجتماعية وفي نوع الخدمات الاجتماعية التنموية المطلوبة، وخُصِّص الفصل الخامس لعرض شهادات عن الأميرة نورة بنت محمد بأقلام بعض الذين زاملوها في العمل أو كانوا شركاء لها في الخدمات المنجزة أو أصدقاء عرفوها عن قرب.
إن كتابة سيرة الأميرة نورة بنت محمد وما تحقق على يديها من خدمات نافعة للمرأة والأسرة والمجتمع على مدى يمتد لأكثر من ثلاثين عاما، ليس بالعمل الميسور، وذلك لعدم توفر معلومات مدونة بالقدر الكافي لتوثيق تلك السيرة الثرية وما احتوته من إنجازات كبيرة، وهذا الكتاب يعتمد بقدر كبير فيما يقدمه من المعلومات على الروايات الشفهية والشهادات الفردية من الأشخاص الذين زاملوا الأميرة نورة وأسهموا في العمل معها، أو الذين انتفعوا من الخدمات الاجتماعية التي تحققت على يديها. وهو عرضة أن يعتريه شيء من النقص أو الخلل، وما التوفيق إلا من عند الله.
ولقد واجهت مؤلفة الكتاب بعض الصعوبات والتحديات في رحلة تأليفها لهذا الكتاب؛ تقول: لعل من أكبر التحديات التي يواجهها من يرغب في الكتابة عن تاريخ نشوء العمل الاجتماعي الخيري في المملكة، هي قلة المصادر والمراجع التي تتحدث عن ذلك، فمع الأسف، هناك قلة في حجم الدراسات التي توثق جهود العمل الاجتماعي الخيري في المملكة سواء الجهود العامة أو الجهود النسائية بشكل خاص، والقليل المتوفر منها يكاد ينحصر في توثيق الجهود المؤسسية على المستوى الرسمي فقط.
وبناء عليه، يمكن القول: إن بداية العمل الاجتماعي الخيري المؤسسي كانت في عهد الملك عبد العزيز، عندما أصدر عام 1347هـ / 1928م نظاما يضبط توزيع الصدقات والإعانات على الفقراء والمحتاجين، ويضمن صرفها في وجهها الصحيح، وتعد تلك الخطوة من أبرز خطوات الرعاية الاجتماعية لمعالجة مشكلة الفقر في المجتمع في ذلك العهد، ثم تلا ذلك في عام 1348هـ / 1929م تأسيس لجنة الصدقات العليا في مكة، وهي لجنة خيرية تقوم بإدارة توزيع الصدقات، ورافقها تأسيس لجنتين أخريين في مكة والرياض.
وفي عام 1353هـ / 1934م افتتحت أول دار رعاية للأيتام في المدينة المنورة، ثم افتحت عام 1356هـ / 1936م أول دار للعجزة في مكة لرعاية المسنين وبعض المنقطعين من الحجاج وتبعها افتتاح دارين أخريين واحدة في مكة عـام 1357هـ / 1937م والثانية في الرياض عام 1359هـ / 1939م. واستمرت مؤسسات العمل الخيري في الظهور، فأُسست عام 1371هـ / 1951م أول جمعية خيرية أهلية في المملكة (جمعية البر بمكة) ثم جمعية البر الأهلية في الرياض عام 1374هـ / 1954م وجمعية البر في المدينة عام 1379هـ / 1959م.
تكاثر الجهود الفردية في تقديم العمل الخيري إلى جانب تنامي مؤسسات العمل الاجتماعي الحكومية، استلزم وجود تنظيم لها وإشراف عليها، وعندما أنشأت الدولة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عام 1380هـ / 1960م، أسندت إليها تنظيم عمل المؤسسات والجمعيات الخيرية الحكومية والأهلية ورسم سياساتها والإشراف عليها، كما أُنشئ داخل الوزارة نفسها نظام الضمان الاجتماعي، الذي يُعنى بصرف معونات مادية للمستحقين.
ونجحت الوزارة في القيام بدورها التنظيمي والإشرافي، فوضعت نظاما عاما لضبط الجهود التطوعية والأعمال الاجتماعية أسمته (نظام الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية). ووفقا لذلك تحولت الجهود الخيرية من اجتهادات أهلية إلى أعمال مؤسسية منظمة تهدف إلى تنمية المجتمع من خلال مجالات متنوعة اقتصادية وعلمية وصحية وغيرها.
منذ ذلك الحين وإلى اليوم، ومؤسسات العمل الاجتماعي الخيري الأهلي في المملكة تتنامى وتزداد انتشارًا وتوسعا وتنوعا في الخدمات والأهداف، فظهرت مؤسسات خيرية بأهداف جديدة مختلفة، مثل: مؤسسة الملك فيصل الخيرية، ومؤسسة الأمير سلطان بن عبد العزيز الخيرية، ومؤسسة الأميرة العنود الخيرية، ومؤسسة الملك خالد الخيرية، ومؤسسة سليمان الراجحي الخيرية ومؤسسة السبيعي الخيرية، ومؤسسة عبد الرحمن الراجحي الخيرية، وغيرها حتى بلغ عددها اليوم ما يقارب ألفي مؤسسة خيرية أهلية، تعمل في مختلف المجالات التنموية والإنسانية، وذلك حسب الإحصاءات الأخيرة لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
ولم يغب عن د.المانع الإشارة إلى مسيرة العمل الاجتماعي الخيري النسائي في المملكة؛ تقول: أما بالنسبة للعمل الاجتماعي الخيري النسائي في المملكة، فقد بدأ في أوائل الستينيات الميلادية من القرن الماضي، حيث تعد جمعيتا (النهضة النسائية الخيرية) في الرياض والجمعية الخيرية النسائية) في جدة أولى الجمعيات الخيرية النسائية التي ظهرت في المملكة، وكان لهما دور بارز في العمل الخيري وفي تنمية المرأة وتمكينها، ثم تتالى ظهور الجمعيات الخيرية النسائية في مختلف مناطق المملكة، مثل جمعية اليقظة النسائية الخيرية بالطائف، وجمعية النهضة النسائية بالدمام، والجمعية الفيصلية الخيرية النسائية في جدة، وجمعية فتاة الخليج بالخبر، وغيرها، واستمرت الجمعيات في الظهور واحدة بعد الأخرى حتى بلغ عددها عام 1409هـ / 1988م عشرين جمعية خيرية نسائية).
كانت الجمعيات الخيرية النسائية تمارس دورها التقليدي بنجاح فهي تعمل على دفع المعونات المادية والعينية للمعوزين من مواردها المتنوعة، مثل الزكوات والصدقات ورسوم العضوية وإقامة الحفلات والأسواق الخيرية، وذلك إضافة إلى ما تتلقاه من معونات حكومية.
كانت الجمعيات تدفع مرتبات للمستحقين، وتكفل الأيتام، وتوفر بعض المواد الغذائية والكسائية، وتسدد إيجار المساكن وترميمها وتؤثثها، كما كانت توفر الأجهزة الطبية للمعاقين والمرضى وغير ذلك.
ومن الحق القول: إن تلك الجمعيات الخيرية النسائية، لم يكن عملها مقتصرا على الدور التقليدي الذي تقوم به عادة الجمعيات الخيرية، وإنما كانت تقوم أيضًا بخدمات أخرى متنوعة يمكن وصفها بالتنموية، مثل تدريب النساء القادرات على العمل على مهارات مهنية، تؤهلهن لممارسة بعض المهن البسيطة، مثل التدريب على التفصيل والخياطة، وصناعة بعض المنتجات اليدوية التراثية، واستخدام الآلة الكاتبة، وغير ذلك من المهارات التي تجعلهن مؤهلات للعمل بما يمكنهن اقتصاديا ويحقق لهن الاكتفاء الذاتي، كما كانت تقدم لهن دروسًا لمحو الأمية، وهو ما يعد آنذاك عملا في غاية الأهمية، حيث كانت الأمية منتشرة بين النساء؛ لحداثة نشأة مدارس البنات الحكومية التي لم تفتتح إلا في عام 1960م.
إن تقديم الجمعيات النسائية الخيرية دروسًا لمحو الأمية ضمن برامجها، يجعلها رائدة في الإسهام في محو أمية المرأة، كما أن تلك الجمعيات لم تكتف في مجال اهتمامها بتنمية المرأة بتمكينها اقتصاديًا ومحو أميتها، وإنما كانت تعمل أيضًا في مجال رفع الوعي ونشر المعرفة في الوسط النسائي عامة، وذلك عن طريق تنظيم ندوات توعوية وملتقيات ثقافية تقدم فيها محاضرات علمية في مواضيع متنوعة كالتربية والصحة ورعاية الأسرة وغيرها، رغبة في إتاحة مجال أوسع للمرأة تحصل فيه على مزيد من التعليم والتثقيف.
في المجمل يمكن القول: إن الجمعيات النسائية الخيرية سبقت في ظهورها ظهور خطط الدولة التنموية بما يقارب عقدًا من الزمن، كما أنها حسب ما تذكره بعض المراجع التاريخية سبقت المؤسسات الحكومية وقامت في زمن مبكر بدور رائد في العمل في مجال تنمية المرأة وفي الرعاية الاجتماعية.
مع مرور السنين دخلت الجمعيات ومؤسسات العمل الخيري الحكومية والأهلية مرحلة أخرى مختلفة، فهي بعد أن كثر عددها واتسع انتشارها في جميع مناطق المملكة، زاد إسهامها في تقديم المعونات المادية للمعوزين، فنجم عن ذلك أن تفشت الاتكالية بين المستفيدين من خدماتها، وغابت عنهم الرغبة في العمل من أجل الحصول على الرزق، وهو ما يمثل هدرًا للقوى العاملة الوطنية يتنافى مع أهداف التنمية الاجتماعية، فكان ذلك حافزا قويًا لظهور أصوات تدعو إلى تطوير أسلوب العمل في الجمعيات الخيرية والخروج بها من دورها التقليدي المنحصر في توزيع الصدقات والزكوات إلى مجال أرحب، يكون فيه لأعمالها مردود تنموي اجتماعي أكبر وأعم.
ومن هنا أخذت بعض الجمعيات في تغيير مسارها، واتجهت إلى تقليص دورها في تقديم المعونات المادية وجعله منحصرا في الفئات العاجزة عن العمل فقط كالمسنين والمرضى والمعاقين، أما المعوزون القادرون على العمل فجعلت إعانتهم عن طريق تدريبهم وتنمية قدراتهم وتطوير مهاراتهم لإدراجهم في سوق العمل ليكونوا منتجين مسهمين في بناء مجتمعهم.
ورغم أن الجمعيات الخيرية تتفاوت في مستوى خبراتها ونوع نشاطها وقوة تأثيرها الاجتماعي، إلا أنه في الآونة الأخيرة نجد أن بعض الجمعيات الخيرية تمكنت من دخول مرحلة ثالثة جديدة، تمثلت في الانتقال النوعي بخدماتها الاجتماعية إلى مستوى عال جعلها تنال ثقة مؤسسات الدولة وتنخرط معها بصورة رسمية للعمل معا في مجال التنمية الاجتماعية، وذلك بعد أن نجحت في إثبات كفاءتها وفعاليتها وأهمية الدور الذي تقوم به، ومن أمثلة ذلك ما تقوم به حاليا اللجنة النسائية لتنمية المجتمع في منطقة الرياض التي تهدف إلى دعم البرامج والمشاريع التنموية لمحافظات المنطقة، وهذا يعني أن الجمعيات الخيرية النسائية استطاعت خلال فترة وجيزة، أن ترتقي بعملها حتى صارت شريكا فاعلا ومؤثرا في التنمية الاجتماعية.
وكما ضم الكتاب عددًا من الشهادات لمسؤولين ومسؤولات ومثقفين ومثقفات تشرفوا بالعمل مع سمو الأميرة نورة بنت محمد بن سعود آل سعود، ومن أبرزهن: الأستاذة: أميمة الخميس التي أكدت أن الأميرة نورة استطاعت أن تبني علاقات طيبة مع أهالي المدن التي تواجدت فيها من خلال مشاركاتها في أفراحهم وأحزانهم ومن خلال استقبالها للنساء في بيتها.
وكما نوهت د.سعاد المانع بحرص سمو الأميرة نورة بنت محمد على التواصل مع غالبية الناس في مختلف المدن التي تواجدت فيها واستطاعت سموها أن تكسب قلوب النساء في كل مكان.
وكما أكدت د.سهام الصويغ أنها تعلمت من الأميرة نورة أن القيادة وصنع التغيير يتطلب صبرًا وحكمة وشجاعة، وقد أشركتني سموها في الكثير من مبادراتها ومشاريعها الوطنية.
فيما أشارت د.دليل القحطاني: إلى أن الأميرة نورة بنت محمد آل سعود شخصية تتميز بدورها الفعال في مجال العمل الخيري والاجتماعي والمحافظة على التراث الوطني في المملكة.
وقد بينت د.وفاء التويجري: أن مسيرة الأميرة نورة بنت محمد أثبتت أن المرأة السعودية قادرة على تحقيق ذاتها وخدمة مجتمعها بفاعلية دون أن تتنازل عن رسالتها الأساسية كأم وزوجة.
ومع هذه الجولة التي قامت بها (الجزيرة الثقافية) على مادة الكتاب وما تضمنه من سيرة عطرة لسمو الأميرة نورة بنت محمد بن سعود آل سعود -حفظها الله-، تبرز أهمية إلقاء الضوء على النماذج النسائية التي خدمت الوطن بكل تفان وإخلاص، لتسجل في لوحة الوفاء أعمالاً جليلة ومشرفة في هذا الميدان الوطني.