الثقافية - كتب المحرر الثقافي:
في كتابها الجديد: (الرواية التسجيلية: اشتراطات النوع السردي) والصادر مؤخرا عن «مؤسسة أبجد للترجمة والتوزيع والنشر» تذهب الباحثة الدكتورة: نادية هناوي إلى أن الإشكالية في دراسة الرواية التسجيلية تتمثل في النظر إليها شكلا فنيا حينا وجنسا أدبيا حينا آخر فضلا عن الخلط بينها وبين الرواية التاريخية. فيصنف الروائي من ثم عمله الذي يتناول أحداثا وقعت في حقبة سياسية معاصرة بأنه تاريخي أو يرصد أحداثا وقعت مجرياتها في النصف الأول أو الثاني من القرن العشرين مستندا إلى وثائق ومخطوطات ونشرات إخبارية وإحصاءات ثم يصف ذلك كله بأنه رواية واقعية.
وحول هذه الإشكالية، تدور فصول الكتاب الأربعة، وفيها وضعت الدكتورة نادية هناوي أطروحتها النقدية المتمثلة في فرز التسجيلي كفعل سردي عن التاريخي والتأريخي. فالتسجيل يتطلب فهم الواقع من أجل عكس أحداثه انعكاسا موضوعيا، في حين يتطلب تمثيل التأريخ توثيقا، ويحتاج تمثيل التاريخ متخيلا. وترى المؤلفة ان السر وراء قلة كتابة الرواية التسجيلية مقارنة بالأنواع الروائية الأخرى يعود إلى أن تسجيل الواقعة يعتمد على الوثيقة فيكون الحاضر في حالة امتداد مع الماضي المنصرم أي القريب. وتشير المؤلفة إلى أن الفيلسوف الفرنسي بول ريكور كان قد حدد مفهوم التسجيل بأنه احتواء وإحالة الى الآخر، فيغدو الغياب حضورًا كعملية ضمنية مزدوجة تجري داخل الصورة الذهنية. والذاكرة هي التي تقوم بهذه العمليات، ونحن لا نملك أفضل من الذاكرة أداة، نستطيع من خلالها أن نستدلَّ على أن شيئا معينا قد حصل أو مرَّ من قبل أنْ نُعلن أننا نتذكره.