كانت تبدو صعبة، منغلقة.. كقلعة لايُستطاع تسلّق أسوارها.
تلتف الأشواك حولها من كل اتجاه، تحرس قلبًا لم يجـرؤ أحد على الاقتراب منه.
يُظلم الليل، فتضيء أنوارها الخافتة بين جدران غرفتها في آخر الطابق، كنجوم ضائعة بين صمت السماء.
تغيب مع الظلام، ويأتي النهار، لتنطلق وحيدة كما اعتادت، خفيفة كالنسيم، تاركة أثرها في الهواء قبل أن يلمسها أحد.
كانت الهالة حولها كافية لتكشف جزءًا مما تخبئه: بحر داخلي، وأمواجه ترقص في صمت، تحرس أسرارها.
في ليلة اكتمل بدرها، ظهر ظل غريب عند باب القلعة.
لم يخف، ولم يتراجع أمام أمواج بحرها الداخلي.
تقدم أكثر، كمن يجرؤ على الغوص في عمق لا يراه أحد، دون أن يغرق أو يختنق.
فارتجف قلبها قليلاً، لكنه لم يرفض ذلك الاقتراب. كانت شجاعته كافية لرسم ابتسامتها، وهي صاحبة بحر لا يستطيع السباحة فيه إلا غواص ماهر.
** **
- زايدة علي حقوي