كتب - المحرر الثقافي:
تتسارع الخطى نحو إعادة صياغة المشهد الأدبي بمفاهيم جديدة تربط الإبداع بالواقع الاجتماعي وتستثمر فضاءات الحياة اليومية في خدمة الثقافة.
وفي هذا الإطار، جاءت أحاديث عددٍ من الأدباء والمثقفين لـ«الثقافية» لتسلِّط الضوء على التحوّل التاريخي من الأندية الأدبية إلى الجمعيات الأدبية، بما يعكس وعيًا متناميًا بضرورة تطوير العمل الثقافي وتوسيع مجالاته المؤسسية.
وقد أكّد المتحدثون أن هذا التحوّل ليس مجرد تغييرٍ في المسميات، بل هو نقلة نوعية نحو صناعة ثقافية مستدامة، تتكامل فيها الجهود بين المقاهي الأدبية، والجمعيات، والمبادرات المجتمعية، لخلق بيئة أدبية حيوية تُعبِّر عن الإنسان السعودي وتواكب تطلعاته الحضارية.
الجمعيات الأدبية.. نقلة نوعية في العمل الثقافي
من جانبه، أشاد الكاتب والخبير التعليمي الأستاذ عبدالله بن سليمان السحيمي بالخطوة النوعية المتمثلة في تحوّل الأندية الأدبية إلى جمعيات أدبية تحت مظلة المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، معتبرًا أن هذا التحول يمثِّل نقلة مهمة في مسار العمل الأدبي بالمملكة.
وأوضح أن المرحلة الجديدة ستسهم في توسيع دائرة المشاركة وتنويع أدوات التمويل والإدارة بما يعزِّز الاستدامة المؤسسية، ويفتح آفاقًا أوسع أمام المثقفين للمشاركة في صياغة البرامج والأنشطة الثقافية. وأضاف أن الطموح يتمثَّل في أن تتحول الجمعيات إلى منصات حقيقية للإبداع والتأثير المجتمعي، قادرة على بناء شراكات مع مختلف القطاعات، بما يجسد رؤية المملكة 2030 في جعل الثقافة رافدًا رئيسًا من روافد التنمية الوطنية.
إدارة ريادية ورؤية مستدامة
في مداخلته لـ«الثقافية» رأى الأستاذ صالح اليامي أن التحول نحو الجمعيات الأدبية يشكل فرصة لإعادة صياغة المشهد الثقافي، بشرط أن تُدار هذه الكيانات بعقول ريادية تمتلك مهارات الإدارة والتخطيط والتسويق والتمويل، لتواكب متطلبات المرحلة وتحقق الاستدامة.
وأكد أن الهدف هو تحويل الجمعيات إلى منارات حقيقية للكاتب والمفكر والشاعر، تتيح مساحة للتعبير الحر وتقدّر الإبداع وتدعمه، وأن تكون رسالتها خدمة الأدب والقراءة وصناعة المحتوى الثقافي لا الواجهة الإعلامية. كما شدد على أهمية دعم المكتبات وتشجيع القراءة وتقدير المؤلفين بوصفهم عماد الثقافة الوطنية.
الأدب.. روح المجتمع وصوت المكان
من جهته، صرَّح الأستاذ عبدالحكيم التميمي، الرئيس التنفيذي لجمعية الأدب بحائل، لـ«الثقافية» قائلاً:
«الأدب ليس نصوصًا تُكتب وتُقرأ، بل هو روح تُغذّي المجتمع، وتاريخ يمنح المكان صوته، وحاضر يُصنع بإرادة أبنائه».
وبيَّن التميمي أن رؤية الجمعية تقوم على الجمع بين الأصالة والتجديد، والإبداع المعاصر والعمق التاريخي للمنطقة، مشيرًا إلى جهود مجلس الإدارة في إعادة بناء الهوية البصرية للجمعية وربط أنشطتها بالمؤسسات التعليمية في المدارس والجامعات لتوسيع دائرة التأثير الثقافي.
كما أوضح أن الجمعية حرصت على بناء شراكات إستراتيجية مع مؤسسات ثقافية وطنية، وإطلاق مبادرات تربط الأدب بالحياة الاجتماعية، في إطار خطط تشغيلية طويلة المدى تستند إلى إرث حائل الثقافي ورؤية أعضائها المخلصين، مؤكدًا أن الهدف هو جعل حائل مركز إشعاع أدبي وفكري يحتضن المبدعين ويعتز بالتراث والهوية الوطنية.
حائل.. مركز إشعاع أدبي وثقافي
وأكد الأستاذ علي حمود العريفي، نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الأدب بحائل، أن المشهد الثقافي في المملكة يعيش نهضة شاملة ضمن مستهدفات رؤية 2030 التي يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- بتوجيه كريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.
وأشار إلى أن جمعية أدبي حائل كانت من أوائل الجمعيات التي بادرت إلى التحول المؤسسي، حيث وضعت خططًا إستراتيجية تهدف إلى إبراز هويتها وتعزيز علاقتها بالمجتمع والمثقفين، وإطلاق مبادرات نوعية تجمع بين الأدب والتراث والبيئة والسياحة والثقافة.
ومن أبرز البرامج التي تتضمنها الخطة: أمسيات رموز وطنية وأدبية، وليال عربية للتبادل الثقافي، وبرامج أدب النقوش الصخرية، وأدب الرحلات، والعام الثقافي للحرف اليدوية 2025، إضافة إلى برامج تدريبية متخصصة في القراءة والكتابة والإلقاء والمسرح وكتابة التغريدة.
كما تستعد الجمعية لإطلاق مجلة «أبو تمام الثقافية» التي ستستكتب كبار الأدباء والمفكرين في الداخل والخارج، لتكون منبرًا للحوار والإبداع.
واختتم العريفي حديثه مؤكدًا أن جمعية أدبي حائل ستكون حاضنة للمبدعين وميدانًا مفتوحًا للأفكار والمبادرات الثقافية، سعيًا لجعل حائل مركز إشعاع أدبي وفكري يسهم في تحقيق مستهدفات الرؤية الثقافية الطموحة.